الوجاهة الزائفة عبر شراء الشهادات العليا - يكتب حسن مدن مستشهدًا بـ"البترو دكتوراه" للدكتور محمد الرميحي
زاوية الكتابقبل عقود من الآن، أطلق الدكتور محمد الرميحي، في أحد كتبه، وصف «البترو دكتوراه»، على ظاهرة بدأت في التشكل منذ ذلك الحين، تتمحور في البحث عن وجاهة زائفة عبر «شراء» الشهادات العليا كالدكتوراه ليسبغ الشخص على نفسه قيمة لا يستحقها.
في الشهور والأسابيع القليلة الماضية أصبحت هذه المسألة حديث الألسن، فبعد الكويت، انشغل الرأي العام، والصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي في البحرين، بما عرف في البلدين بقضية «الشهادات المزورة»، والتي أثارت أسئلة عديدة، تركزت في قضيتين رئيسيتين.
أولاهما حول الجامعات التي يزعم بعض حملة الدكتوراه، أنهم نالوها منها، حيث اتضح أن بعضها جامعات وهمية، وأن الأمر لا يعدو كونه الاتفاق مع مكاتب أو أفراد ضالعين في شبهة تزوير شهادات دكتوراه، لقاء مبالغ طائلة يدفعها الراغب في نيل الشهادة.
أما القضية الثانية فتدور حول ما إذا كان حامل الدكتوراه قد استوفى الشروط الأكاديمية لنيلها، وهي شروط على درجة كافية من الصرامة، تحرص أي جامعة تحترم سمعتها واسمها على التقيد بها، ولا تقبل بأي استثناءات لها.
وبدأت قضية شهادات التعليم الجامعي المزورة في الكويت بعد أن أعلنت وزارة التعليم العالي اكتشاف شهادات جامعية مزورة، وسرعان ما تحولت القضية إلى قضية رأي عام، تجاوبت الحكومة معها، بتشكيل لجنة لمتابعة القضية، وإحالة كل من يثبت ضلوعه فيها إلى القضاء، كما شكّل وزير الصحة لجنة لتدقيق ومراجعة الشهادات الجامعية لموظفي الوزارة من أطباء وممرضين وصيادلة وفنيين وإداريين، سواء كانوا كويتيين أو غير كويتيين.
لم تكن العاصفة حول الشهادات المزورة في الكويت قد هدأت حين وصلت رياحها إلى البحرين، فبدأت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تثير أسئلة حول المسألة نفسها، سرعان ما تبنتها الصحافة، حيث تحدثت صحيفة «أخبار الخليج» عن حسابات خليجية وعربية متخصصة في بيع شهادات البكالوريوس والماجستير في عدة تخصصات بأسعار تتراوح بين 1500 و4 آلاف دينار مقابل الحصول على الشهادة من عدة جامعات خليجية وعربية.
وحسب معلومات الصحيفة فإن الأمر يطول أيضاً جامعات أمريكية، مقابل مبالغ تختلف من جامعة إلى أخرى، بكلفة تصل إلى 6500 دولار. وتحدثت، أيضاً، عن شهادات الدكتوراه في الإعلام يتم إيصالها على طريقة «الديلفري» إلى عنوان المشتري خلال أيام، حصل عليها العشرات خلال السنوات الخمس الأخيرة.
محامون ومختصون في القانون قالوا للصحافة إن قانون العقوبات البحريني ينص على معاقبة المزوّر بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات، أما في الكويت فإن عقوبة تزوير الشهادات، تصل إلى 7 سنوات مع الشغل والنفاذ، حتى في حال عدم حصول صاحبها على عمل بموجب الشهادة المزورة، وفي حال التوظيف بها، يجبر صاحب الشهادة المزورة على رد ضعفي ما تقاضاه من راتب.
للمسألة بعد أخلاقي أشد فدحاً من بعدها القانوني، فالأمر يتصل بمنظومة القيم التي يجب أن تقوم على الصدق والنزاهة، لا على الكذب والتزييف.
تعليقات