الجاسم يطلق مبادرة ' ترشيد وتطوير وإصلاح العمل السياسي '
محليات وبرلمانتعالج اشكالية الدولة والدستور والقبيلة
إبريل 27, 2009, منتصف الليل 1409 مشاهدات 0
أطلق مرشح الدائرة الثالثة المحامي محمد عبدالقادر الجاسم مبادرة شعبية لترشيد وتطوير العمل السياسي في الكويت, حيث تناول الجاسم في مبادرته مواضيع تعنى بإشكالية الدولة والدستور والقبيلة, وفي ما يلي نص المبادرة :
مبادرة من الدائرة الثالثة
بسم الله الرحمن الرحيم
المبادرة الشعبية
لترشيد وتطوير وإصلاح العمل السياسي في الكويت
(مبادرة من الدائرة الثالثة)
إعداد
المرشح
محمد عبدالقادر الجاسم
المحامي
مقدمة
مهما بلغت مثالية التنظيم الدستوري للنظام السياسي، فإن العبرة هي بالتطبيق، فإن صلحت النوايا وتلاقت الأهداف في بيئة واعية راقية، فإن التنظيم النظري، حتى لو كان قاصرا، لا يشكل عائقا أمام الإدارة الحسنة للدولة.
لقد نجح الدستور الكويتي في إقامة نظام سياسي فريد يحافظ على جوهر العلاقة بين الأسرة الحاكمة والشعب، وأقام مؤسسات دستورية تتولى شؤون الحكم وفق منظومة من النصوص الدستورية التي تكفل للشعب حقه في ممارسة التشريع والرقابة على أداء الحكومة.
وإذا كان هناك إجماع شعبي على وجود سلبيات كثيرة في الممارسة الحكومية والبرلمانية، فإنني من أنصار القول بأن تلك السلبيات تتصل بمجمل الأداء السياسي في البلاد، وهي سلبيات جاءت من أخطاء في التطبيق لا من أخطاء في التنظيم. ومن هنا فإننا نسعى إلى تصحيح مسار العمل السياسي برمته من دون المساس بالنصوص الدستورية، فالممارسة السياسية الحالية غير راشدة في مجملها، بل هي لم تصل بعد إلى مستوى غايات وأهداف الدستور، كما يشوبها بين الحين والآخر الكثير من المخالفات الدستورية.
وعلى أي حال، فإن الإصلاح والتطوير يتطلبان توفر بيئة مناسبة.. بيئة متصالحة لا متخاصمة.. بيئة يسود فيها الاستعداد للاعتراف بالخطأ والرغبة في التصحيح.. بيئة تخلو من التربص.. بيئة يكون فيها للرأي المحايد المحترف السيادة على ما عداه. ومن هنا فإنه لابد من العمل على تهيئة البيئة السياسية السائدة اليوم في الكويت لتقبل مبادرات التصحيح المحايدة.
إن المبادرة الشعبية (مبادرة من الدائرة الثالثة) ما هي إلا اجتهاد شخصي متواضع ينطلق من الرغبة في طرح الحلول للمشاكل التي نعاني منها وعدم الاكتفاء بالتذمر والانتقاد. وقد تمت صياغة المبادرة على نحو مختصر تسهيلا لتبادل الرأي، فإذا ما لاقت القبول سوف نشرع في عرض التفاصيل لاحقا.
أولا: إشكالية العلاقة بين مشروع الدولة ومشروع الحكم:
التشخيص: منذ عقود وبلادنا تعاني من صراع مستمر بين مشروع الدولة ومشروع الحكم، وقد انعكست الآثار الضارة لهذا الصراع على مسارات التنمية وعلى العلاقة بين السلطات، كما أضر الصراع كثيرا بالعلاقات السياسية وتسبب في إهدار فرص الاستقرار السياسي. ويمكن شرح هذا الصراع بأنه ذلك الصراع الذي يدور حول حتمية استمرار العمل بالدستور الحالي وبقاء المؤسسات الدستورية، وبين فكرة وقف العمل بالدستور أو تنقيحه على نحو يعزز اختصاصات السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية، ويقيد الحريات العامة. إن استمرار هذا الصراع حتى يومنا هذا هو أحد أبرز أسباب التراجع في البلاد، حتى أنه يتردد حاليا أن مجلس الأمة القادم قد يكون آخر المجالس التشريعية في الكويت مالم يخضع تحت لواء الحكومة، وهو الأمر الذي يجعل الدفاع عن المكتسبات الدستورية مهمة مستمرة للقوى الوطنية وسط أجواء من الشك المتبادل الذي يتسبب في إرهاق الدولة وإهدار خيار التنمية.
الاقتراحات: إن التنظيم الدستوري للنظام السياسي يجعل الحكم جزء من مؤسسات الدولة، فالسلطة التنفيذية يباشرها الأمير ومجلس الوزراء، والسلطة التشريعية يباشرها الأمير ومجلس الأمة، أما الأحكام القضائية فتصدر باسم الأمير. وهكذا فإن مؤسسة الحكم، بمعناها الواسع، لا تنفصل عن الحكم الديمقراطي الذي أشارت إليه المادة السادسة من الدستور. ويلاحظ أن اصطلاح 'الحكم' في الدستور يعني إدارة شؤون الدولة من قبل مجلس الوزراء. وعلى ذلك فإن انفصال مشروع الحكم عن مشروع الدولة، وسيطرة حالة من الخصومة بين المشروعين أمر لا مبرر له سيما أن هناك تلازما بين نص المادة الرابعة من الدستور، والتي جعلت الإمارة في ذرية مبارك الصباح، وبين نص المادة السادسة التي جعلت نظام الحكم ديمقراطي. وليس أمام الكويت سوى التخلص من حالة الشك المتبادل واندماج مشروع الحكم ضمن مشروع الدولة وفق المعادلة الدستورية والتخلص من حالة التربص بالدستور وحالة الاستنفار للدفاع عنه.
ثانيا: إشكالية العلاقة بين الدولة وكل من القبيلة والطائفة:
التشخيص: لا يخفى على كل متابع أن هناك إشكالية جدية في العلاقة بين الدولة وكل من القبيلة والطائفة، وهي جزء من إشكالية العلاقة بين فئات المجتمع. وليس من المفيد إنكار وجود تلك الإشكالية وبالتالي التغاضي عن معالجتها، إذ أن هذا التغاضي سوف يؤدي إلى استفحال الأمر وبلوغه مرحلة الأزمة التي قد تستعصي على الحل. وقد شهدنا مؤخرا مظاهر عديدة لإشكالية العلاقة بين الدولة من جهة والقبيلة والطائفة من جهة أخرى، حيث تحولت القبيلة والطائفة من وحدة اجتماعية أو دينية إلى وحدة سياسية فاعلة ومؤثرة، وباتت كل من القبيلة والطائفة مركز استقطاب مستقل.. وكلما انكمشت السلطة المركزية للدولة، كلما تمددت سلطة القبيلة وسلطة الطائفة على المنتسبين إليها. إن هذا التمدد يؤدي إلى نوع من الانعزال الاجتماعي والسياسي قد يقود إلى حالة من الصراع المضر، ليس بين القبيلة والطائفة والدولة فقط، بل بين فئات المجتمع كافة.
إن الأسباب التي أدت إلى خلق هذه الإشكالية متعددة، إلا أن من أبرزها طبيعة الأنظمة التي أقرت في توزيع الدوائر الانتخابية، واتباع أسلوب 'المحاصصة' في تشكيل الحكومات.
الاقتراحات: من بين الحلول التي نقترحها لمعالجة الإشكالية السابقة التخلي تماما عن نظام 'المحاصصة' في تشكيل الحكومات، وإعادة النظر في نظام الدوائر الانتخابية على نحو يعزز مبدأ المواطنة الدستورية ويلغي الحواجز ويقضى على التركز القبلي أو الطائفي. ومن جهة أخرى لابد أن تتخلى الحكومة عن الممارسات التي تعزز دور القبيلة أو الطائفة وتلك التي تعزز دور 'وسطاء' القبيلة و'وسطاء' الطائفة الذين من مصلحتهم تكريس الانقسام في المجتمع، وأن تعتمد مبدأ الكفاءة في التعيين في المناصب العامة دون النظر إلى المذهب أو الانتماء القبلي أو العائلي. كما أن تفعيل دور القضاء في حماية حقوق الأفراد من خلال تسهيل إجراءات التقاضي وتوسيع نطاق اختصاصه من شأنه إضعاف الدور الذي يلعبه 'الوسطاء' ويعزز مبادئ المساواة والعدالة والمواطنة الدستورية.
ثالثا: إشكالية العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة:
التشخيص: تعاني العلاقة السياسية بين مجلس الأمة والحكومة من اضطراب كبير، وهو اضطراب متراكم ساهمت في خلقه الحكومات السابقة ومجالس الأمة السابقة. وتشهد هذه العلاقة تراجعات مستمرة على نحو أضر كثيرا في الاستقرار السياسي الذي سعى الدستور إلى توفيره، بل أن هذا الاضطراب قاد البلاد نحو الكثير من الأزمات السياسية المتكررة التي أفقدت البلاد البيئة المناسبة لانطلاق التنمية. كما أنه من المؤسف أن لغة الحوار في مجلس الأمة تدنت كثيرا وأصبحت قاعة عبدالله السالم مكانا للمشاحنات والمماحكات، كما أن بعض أعضاء المجلس كثيرا ما يتعسفون في استخدام أدوات الرقابة جريا خلف مصالح شخصية أو انتخابية. أما عن الحكومة فإنها لا تملك أبدا زمام المبادرة وتفتقد القدرة على القيادة ويعجز الوزراء عن طرح أفكارهم وتصوراتهم، إن كانوا يملكونها أصلا، كما أنهم غير قادرين على الدفاع عن قراراتهم، وهو الأمر الذي يشجع على قيام علاقة ابتزازية بين بعض النواب والوزراء حيث يسهل توجيه قرارات الوزراء من خلال تهديدهم بالمساءلة. إن المسؤولية عما آلت إليه العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة مسؤولية مشتركة بين الطرفين، لذلك فإن حل هذه الإشكالية لا يتم عبر إلقاء اللوم على هذه الجهة أو تلك، وإنما بتطوير أداء الجهتين.
الاقتراحات: إن حل إشكالية العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة لا يتم إلا من خلال التزام كل سلطة بالضوابط الدستورية لعملها ولاختصاصاتها دون تفريط أو تجاوز تحت أي مبرر. فلا يجوز لمجلس الأمة التعدي على اختصاصات الحكومة أو التدخل فيها خارج إطار وظيفته الرقابية أو التشريعية. كما لا يجوز للحكومة أن تتجاهل أو تتحدى ما يطرح في الجلسات أو تعطل انعقاد الجلسات. إن أهم مدخل لإصلاح العلاقة بين المجلس والحكومة هو أن تتشكل الحكومة من رئيس وزراء ووزراء يتمتعون بمهارات قيادية ويملكون رؤية تمكنهم من اتخاذ القرار والدفاع عنه، يتمتعون بالقدرة على مقارعة الحجة بالحجة ولديهم إلمام معقول بقواعد العمل السياسي والبرلماني. إن تطوير معايير وأسس اختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء عن طريق اعتماد عنصري الكفاءة والأمانة، وتفعيل دور رجال الدولة، مع تمكين مجلس الوزراء من ممارسة صلاحياته الدستورية كاملة وفق أقصى درجات الاستقلالية، هو من أهم مداخل إصلاح العمل الحكومي.
أما عن انحراف مجلس الأمة في استعمال أدوات الرقابة البرلمانية من سؤال واستجواب وغير ذلك، فإنه يلزم تفعيل دور مكتب مجلس الأمة في تطبيق اللائحة الداخلية للتصرف تجاه مخالة اللائحة أو الدستور، كما يلزم إنشاء جهة تقوم بالفصل في الخلافات التي تطرأ بين الحكومة ومجلس الأمة في شأن دستورية الاستجوابات. أما بالنسبة لانحراف النقاش في الجلسات والخروج على آداب الحوار، فإن لائحة المجلس تجيز لرئيس المجلس اتخاذ سلسلة من الإجراءات تجاه الأعضاء بما في ذلك إخراج العضو من قاعة المجلس. وبعبارة أخرى يجب على رئاسة مجلس الأمة أن تتشدد في تطبيق اللائحة من دون تعسف أو محاباة. إن تطهير مجلس الأمة من الفساد وتخليصه من سطوة المصالح الشخصية، وذلك عبر تسليط الضوء على الممارسات الفاسدة وكشفها أمام الرأي العام، إضافة إلى إدخال تعديلات على بعض القوانين لمنع استغلال النائب نفوذه، وعلى الأخص منع الجمع بين عضوية مجلس الأمة وممارسة العمل التجاري وممارسة بعض المهن كالمحاماة والاستشارات الهندسية، هو أيضا من أهم مداخل إصلاح العمل البرلماني.
كما أن العمل على خلق البيئة السياسية الملائمة لتوفير الاستقرار في البلاد على نحو يكفل للحكومة ومجلس الأمة استكمال مدة ولايتهما الدستورية يجب أن يحظى بالأولوية دون تفريط مجلس الأمة بسلطاته الدستورية.
رابعا: إشكالية التجمعات السياسية:
التشخيص: توجد في البلاد تجمعات سياسية ذات اتجاهات مختلفة، وهي تعمل بشكل علني. إلا أن جميع هذه التجمعات لا تتمتع بوضع قانوني سليم ولا تخضع مواردها ومصروفاتها للتدقيق، كما أنه لا يوجد سجل رسمي يبين الأعضاء المنتسبين إليها ومهامهم. إن هذا الوضع غير القانوني للتجمعات السياسية يجب أن يصحح.
الاقتراحات: هناك حاجة ماسة وملحة لتنظيم العمل السياسي في البلاد، ونقترح إصدار قانون يتم بموجبه إخضاع التجمعات السياسية لأحكامه من حيث التدقيق في مصادر تمويلها وأوجه إنفاقها، ووضع سجل رسمي للأعضاء المنتسبين، مع تحديد واضح لأهدافها على أن يحظر إنشاء جماعات سياسية طائفية أو قبلية أو عرقية. ويمكن في هذا الصدد دراسة تجربة الجمعيات السياسية في مملكة البحرين الشقيقة للاستفادة منها من جهة التنظيم القانوني وضوابط عمل تلك الجماعات بشفافية بدلا من الفوضى الحالية، مع وجوب إلزامها بكشف مصادر تمويلها ومصروفاتها وتشكيلاتها السياسية والإدارية وأعضائها.
خامسا: إشكالية العلاقة بين أعضاء مجلس الأمة والناخبين:
التشخيص: تنتاب العلاقة بين أعضاء مجلس الأمة والرأي العام أوجه قصور عديدة من أبرزها غياب الرقابة الفاعلة من الرأي العام لأداء أعضاء مجلس الأمة، وتراجع فكرة المحاسبة الشعبية لأعضاء المجلس، وهو الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام النواب للتحكم في مسار العمل السياسي من دون مراعاة لتوجهات الرأي العام باستثناء القضايا ذات البعد الشعبي وذات الطابع الخدمي. إن غياب الرقابة الشعبية وفقدان عنصر المحاسبة أديا إلى تمادي بعض أعضاء مجلس الأمة في تنفيذ أجندات خاصة أضرت كثيرا بالاستقرار السياسي المنشود.
الاقتراحات: إعادة صياغة العلاقة بين الناخب وعضو مجلس الأمة عبر توسيع القاعدة الانتخابية، والسعي نحو وضع قواعد جديدة تهدف إلى تفعيل حق المواطن في محاسبة النائب عن طريق تشجيع تأسيس وإشهار جمعية شعبية في كل دائرة انتخابية تعمل على مراقبة وتقييم أداء ومواقف أعضاء مجلس الأمة ونشر تقارير دورية بهذا الصدد.
وبعد، فما سبق هو بعض الأفكار التي رأيت أن أعرضها على الناخبين في الدائرة الثالثة، وهي أفكار مختصرة لن تكفي بالطبع لتخليص البلاد من الآفات التي تتحكم في مسيرته السياسية والتي تعيق انطلاق مشروع بناء الدولة، إلا أنها تصلح كأساس لصياغة توجه عام في البلاد وخلق إرادة جماعية من أجل التغيير.
إن الكويت أمام مفترق طرق.. وما لم تتشكل الإرادة الجماعية نحو الإصلاح والتطوير، فإننا سوف ننجرف نحو المزيد من التأزم والاحتقان والضياع.
إن الأمل كبير.. وما زال لدينا متسع من الوقت.. لكن المهم هو أن تصفو النوايا ويشتد العزم،
مرشح الدائرة (3)
محمد عبدالقادر الجاسم
تعليقات