عبد اللطيف بن نخي يوجه رسالة إلى اللجنة العليا للطاقة
زاوية الكتابكتب د. عبد اللطيف بن نخي أغسطس 23, 2018, 2:33 ص 4123 مشاهدات 0
الراي
رؤية ورأي -إلى اللجنة العليا للطاقة
د. عبد اللطيف بن نخي
يعدّ الدورالذي تلعبه دولة الكويت في منظومة الطاقة العالمية، من ركائز السياسة العامة للدولة، لأنه مرتبط بتعزيز استقرارها السياسي، وبترسيخ سيادتها الوطنية، وبتدعيم متانة اقتصادها، وبضمان رخاء مواطنيها. ولذلك حافظت الكويت على دورها المحوري الايجابي في أسواق النفط. ولكن التطورات المتتالية في الأبعاد الاقتصادية والجيوسياسية والتكنولوجية، إلى جانب القيود المتفاقمة في البعد البيئي، صعّبت وعقّدت متطلبات الحفاظ على هذا الدور العالمي.
لذلك بادرت جهات وطنية عدة بتنظيم، أو المشاركة في أنشطة وفعاليات حفّزت تحاور المختصّين والمعنيّين بشؤون الطاقة، والأبعاد المرتبطة بها، للخروج بتوصيات تمكن الكويت من إدامة وتنمية دورها في منظومة الطاقة العالمية. ومعظمها، إن لم تكن جميعها، أنتجت تقارير تضمنت توصية بإنشاء كيان مؤسسي مستقل يُعنى بالسياسات الوطنية المتكاملة للطاقة. وقد يكون أبرز تلك التقارير، اثنان: تقرير تشاثام هاوس، وتقرير مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
التقرير الذي أصدره المعهد البريطاني، المسمى المعهد الملكي للشؤون الدولية، المعروف اختصاراً بمعهد تشاثام هاوس، في العام 2013، كان بعنوان «إنقاذ النفط والغاز في الخليج». وجاء فيه أن دول الخليج العربية تعاني من هدر منظم لمواردها الطبيعية ما يضعف مرونة اقتصاداتها في مواجهة الأزمات، كهبوط أسعار النفط، وتباعا تزيد المخاطر على أمنها الوطني. ولكن يبدو أن اهتمام الحكومة بمعالجة الملفات السياسية الساخنة آنذاك، شغلها عن تبني توصيات التقرير، التي كان من بينها الاستفادة من تجربة حكومة دبي الخاصة بإنشاء مجلس أعلى للطاقة.
وأما التقريرالثاني، وهو التقريرالأهم وفق تقييمي، فقد صدر في العام 2017، وهو عبارة عن وثيقة بيضاء (white paper) حول استراتيجية وطنية مستدامة للطاقة في الكويت، أعدت بمبادرة من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وبتعاون بين معهد الكويت للأبحاث العلمية ومعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، وبمشاركة من قبل الأطراف الحكومية المعنية. ومن بين ما يميز هذه الوثيقة شموليتها، حيث إنها ناقشت التحديات الهيكلية للكويت في البعدين: المحلي والدولي، وفي المستويين: صناعة وتنفيذ السياسات المرتبطة بالطاقة.
في البعد المحلي، استعرضت الوثيقة تحديات العرض والطلب على الطاقة، وخارطة طريق لضمان مواجهة هذه التحديات، مع ضمان استمرار تمتع المواطنين بمستويات عالية من الازدهار والرفاهية، بطريقة مستدامة اقتصادياً وبيئياً. وأما في البعد الدولي، فتداولت الوثيقة دورالكويت الحالي والمستقبلي في سوق الطاقة الدولية، والخطوات الواجب اتخاذها، لضمان استمرار القدرة التنافسية الاقتصادية للبلاد، للأجيال المقبلة.
الوثيقة قدمت خارطة طريق لتبني استراتيجية وطنية مستدامة للطاقة، أساسها تحديد جهة تكون مسؤولة عن توجيه ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية، وضمان التنسيق بين أبعادها المتعددة، وتوفير التناغم بين وعبر الأطراف المعنية.
وبالفعل، في بداية شهر يوليو الماضي، شكل مجلس الوزراء لجنة عليا للطاقة برئاسة وزير النفط وزير الكهرباء والماء، وعضوية كل من مؤسسة البترول الكويتية، ووزارة الكهرباء والماء، ومعهد الكويت للأبحاث العلمية، والمؤسسة العامة للرعاية السكنية، وبلدية الكويت، والهيئة العامة للصناعة، والأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، بالإضافة إلى مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. ويبدو لي أن اللجنة معنية فقط بالبعد المحلي من سياسات الطاقة، وأما البعد الدولي فأمره لدى المجلس الأعلى للبترول.
أعضاء اللجنة العليا للطاقة، قياديون في جهات عملهم، وهذا أمر إيجابي، ولكن مؤدّاه أن اللجنة بحاجة إلى لجنة فنية تدعمها في اتخاذ قراراتها. وتشكيلة اللجنة الفنية يفترض أن تكون مرتبطة برسالة اللجنة العليا، وهي كما جاء في التصريح الصحافي: «وضع الاستراتيجيات والسياسات اللازمة لإدارة الطاقة على مستوى الدولة لضمان استدامتها، والاستغلال الأمثل لمصادرها، ومتابعة تنفيذها، بما فيها الاستراتيجيات الخاصة بتبني الطاقة المتجددة والطاقة البديلة». وهذه الرسالة، باستثناء جزئية «متابعة التنفيذ»، المستشار الرسمي فيها هو معهد الأبحاث. لذلك أدعو اللجنة العليا إلى تشكيل وحدة أو لجنة لدعمها في اتخاذ قراراتها، نواتها خبراء من المعهد. وإلا، فإن النظم واللوائح في المعهد ستبطئ كثيراً إعداد ونقل الاستشارة إلى اللجنة العليا. وأما جزئية متابعة التنفيذ، فيفترض أن تكون عبر أعضاء اللجنة العليا.
ومن جهة أخرى، أناشد أمانة سر اللجنة العليا للطاقة، أن تطّلع على صفحة المجلس الأعلى للطاقة، التابع لحكومة دبي، على شبكة الإنترنت، والعمل من أجل إنشاء صفحة مشابهة لها، من حيث المعلومات المعروضة، وخيارات التواصل، «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».
تعليقات