بدر خالد البحر يكتب.. الويل لكم.. إن لم تطعموا المساكين

زاوية الكتاب

كتب بدر خالد البحر 713 مشاهدات 0

بدر خالدالبحر

القبس

زاوية حادة- الويل لكم.. إن لم تطعموا المساكين

بدر خالد البحر


في السبعينات، عندما كان «الاخوان» يجتهدون في حثّ الشباب الصغير بالمسجد على صلاة القيام، كنا نعجب من تعاونهم وتنظيمهم الندوات والمخيّمات والأنشطة الدعوية، طبعا لكوننا صغارا، لم نكن ندري «شالسالفة؟»، ولم نكن نعي كثيرا حقيقة تطلعات هذا الحزب بقدر ما كنا نتحمّس للعب كرة القدم ورحلات البر والأكل بعد الدروس الدينية، إلا أن هناك شيئا ما زال عالقا بالذاكرة، وكان مؤثرا؛ وهو عندما كنا نرى بعض الشباب يبكي أثناء صلاة القيام، التي كنا عادة نصلي فيها ركعة واحدة وننام في آخرها، وخصوصا عند الآيات التي تتحدث عن مشهد اقتياد أصحاب النار، في سورة الحاقة «خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ». إنك عند تتبع هذا المشهد المهيب، يسأل الإنسان نفسه: ماذا فعل هذا العاصي كي يستحق هذا التنكيل غير الكفر؟ هل قتل؟ هل زنى؟ هل شرب خمرا؟ هل عقّ والديه؟ لتأتي الآية بعدها لتجيب بقوله تعالى «إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ»، ثم وصف سبحانه عذابه فقال «فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ * وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ * لا يَأْكُلُهُ إِلا الْخَاطِئونَ»، فقد كان لا يدعو ولا يجتهد في إطعام المساكين.

ولعظم هذه الشعيرة في ديننا الحنيف التي قد يستصغرها البعض، فقد تكررت في أكثر من سورة، فجاء في سورة الماعون «أَرَأيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ»، ليكون عدم الحض على إطعام المسكين صفة من صفات من لا يؤمن بيوم الدين ولا يؤمن بالبعث والحساب، وهي من صفات الكافرين والعياذ بالله. كما جاء هذا المعنى في سورة المدثر «فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ»، وهي أيضا توضح صفات المجرمين الذين يعذبهم الله بأنهم لا يطعمون المسكين جنبا إلى تكذيبهم بالبعث والحساب.

وهنا نود أن نذكر أنفسنا المقصّرة ونذكر الناس في هذا العيد باخوانهم المساكين الجياع في فلسطين وسوريا والعراق ومصر واليمن وأفغانستان وباكستان وفي آسيا، وأفريقيا وفي شتى بقاع الأرض، فيجب ألا يستصغر المسلم الصدقة، لقوله (صلى الله عليه وسلم): «اتقوا النار ولو بشق تمرة»، فما بالك بأضاح وسلات غذاء وإنشاء مطابخ ومشاريع إطعام توصلونها الى المساكين، ليس بالضرورة عن طريق اللجان الخيرية، بل بأنفسكم أو عن طريق من تثقون به من الأشخاص في هذا العالم الذي يعج بالظلم والفقر والفاقة والمجاعة والمرض، وأن يحث بعضنا بعضاً على هذا العمل، لأن خلاف ذلك ذنب عظيم، فويل لنا إن لم نطعم المساكين.

* * *

إن أصبت فمن الله تعالى، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.


تعليقات

اكتب تعليقك