قمة هلسنكي بين ترامب وبوتين.. تهدئة ودبلوماسية وتأجيل للخلافات
عربي و دولييوليو 16, 2018, 7:34 م 1241 مشاهدات 0
انطلقت في العاصمة الفنلندية هلسنكي القمّة التاريخية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب؛ لبحث العلاقات الثنائية المتوتّرة، وكذلك جملة من القضايا الدولية.
وفي مؤتمر صحفي مشترك بين الزعيمين عقب القمة، قال بوتين إن محادثات اليوم تعكس الرغبة في تحسين علاقات البلدين، مقراً بأن العلاقات الأمريكية الروسية مرت بتوترات ومصاعب، ويجب رفع العلاقة بين مخابرات البلدين إلى "مستوى منهجي".
وتطرق الرئيسان لمسألة الانتشار النووي، وقال بوتين: إن "لدينا قناعة بأهمية البدء في محادثات حول الأسلحة النووية".
وأوضح بوتين أن الطرفين بإمكانهما حل الأزمة الإنسانية في سوريا، وأنه "إذا تمكنا من مساعدة اللاجئين السوريين فإن موجة اللجوء إلى أوروبا ستتراجع"، مؤكداً أيضاً أهمية تطبيق "اتفاقات مينسك" بخصوص أوكرانيا.
ترامب يبحث عن حوار بنّاء!
من جهته، قال الرئيس الأمريكي إن الجانبين تحدثا عن الخلافات بينهما وسيعملان على حلها، مؤكداً أن "الحوار البناء يفتح طرقاً جديدة للحوار والاستقرار في عالمنا".
وتطرقت القمة بحسب ترامب إلى "ضرورة الضغط على إيران من أجل وقف عنفها في الشرق الأوسط".
كما تحدث ترامب عن أنه يعمل من أجل أمن "إسرائيل"، مضيفاً: "أنا وبوتين متفقان على تحقيق ذلك".
ألغام سياسية وانتصار جيوسياسي
ويُعدّ اجتماع الاثنين، بحسب مراقبين، بمنزلة حقل ألغام سياسي بالنسبة إلى ترامب، وانتصاراً جيوسياسياً لنظيره الروسي.
وقال ترامب، قبيل اجتماعه المغلق مع نظيره الروسي، إن إقامة علاقات ودّية مع روسيا "أمر محمود وليس مكروهاً".
وأضاف: إن "الولايات المتحدة وروسيا قوّتان نوويّتان كبيرتان، وليس من الجيد أن تكون بينهما خلافات".
وبيّن أن "لدينا مسائل كثيرة علينا أن نناقشها، ومسائل أخرى علينا التفكير فيها"، مشيراً إلى أن "العالم كلّه يتطلّع لنتائج هذه القمة".
كما أشاد الرئيس الأمريكي باستضافة روسيا بطولة كأس العالم لكرة القدم، مضيفاً: إن "الأهمّ من ذلك هو أن لدينا الكثير من الأمور الجيدة التي يمكن أن نتحدّث بشأنها".
وقال إن محادثاته مع بوتين ستتناول كل شيء؛ بدءاً من التجارة ومروراً بالشؤون العسكرية والصواريخ وانتهاء بالصين، قائلاً: "سنتحدّث قليلاً عن الصين وصديقنا المشترك الرئيس شي".
مواقف متناقضة
وقبل التوجه إلى القمّة كان الطرفان لا يتوقّعان أن تتمخَّض المحادثات في العاصمة الفنلندية هلسنكي عن انفراجات كبرى.
وظهرت مواقف متناقضة من ترامب حول القمّة؛ فتارة يمتدح نظيره الروسي، وتارة يصفه بـ"العدوّ"، مُبدياً توقّعاته المنخفضة لهذه القمّة، وذلك في تصريحات له عشيّة القمة، أمس الأحد، خلال مقابلة تلفزيونية نشرتها شبكة "سي بي إس" الأمريكية.
وقال جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي، لشبكة "إيه بي سي"، إن الولايات المتحدة لا تتطلَّع إلى تحقيق "إنجازات"، وإن الاجتماع لن يكون منظَّماً.
وأبلغ وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تلفزيون "آر تي" أن توقّعاته منخفضة أيضاً. وقال إنه سيعتبر القمة ناجحة لو تمخَّضت فقط عن اتفاق لإصلاح خطوط الاتصالات التي انقطعت بين الجانبين.
موسكو قوة عظمى
وبالنسبة إلى بوتين، فإن حقيقة عقد القمّة، رغم حالة شبه النّبذ التي تشهدها روسيا من بعض الأمريكيين وحلفاء واشنطن، هي فوز جيوسياسي؛ لأنه يظهر -بالنسبة إلى الروس- أن واشنطن تعترف بموسكو كقوة عظمى ينبغي وضع مصالحها في الاعتبار.
وفيما يتعلّق بروسيا، فإنها أيضاً مؤشّر قويّ على أن المساعي الغربية لعزلها فشلت. لكن ترامب يرى أن القمة محفوفة بالكثير من المخاطر السياسية، بحسب وصف وكالة رويترز.
وتُعدّ المخاطر السياسية على بوتين أقل بكثير من المخاطر على ترامب، وفق ما قاله أندري كورتنوف، مدير مؤسّسة رياك البحثيّة في موسكو، والمقرّبة من وزارة الخارجية، وأضاف: "لا أحد هناك يعتقد أن هذه القمّة ستنتهي على خير".
وعلى هذه الخلفيّة وفي ظل عدم اليقين بشأن ما قد يفعله ترامب أو يقوله بعد ذلك، فإن قمّته مع بوتين، والتي ستتضمّن جلسة مع الرئيس الروسي يحضرها مترجمون فحسب، يشعر حلفاء واشنطن وساستها بالقلق من أن يقدّم ترامب تنازلات كبيرة متسرّعة.
قضايا تناقشها القمة
ومن المأمول أن تخرج القمّة باتفاق على إصلاح العلاقات الأمريكية-الروسية المتدهورة، وربما التوصّل لاتّفاق بشأن بدء محادثات في قضايا مثل الأسلحة النووية وسوريا.
وقد يتّفق الزعيمان على بدء زيادة عدد العاملين في سفارتي بلديهما، وعودة الممتلكات الدبلوماسية المصادَرة، بعد موجة من الطرد والتحرّكات العقابية عقب تسميم جاسوس روسي سابق في بريطانيا.
وكان ترامب استبعد مراراً أن تكون روسيا تدخّلت في الانتخابات الرئاسية عام 2016 لمساعدته في الفوز بالرئاسة أمام منافسته هيلاري كلينتون.
غير أنّ تحقيقات أمريكية تنظر في احتمال وجود تواطؤ بين حملة ترامب وروسيا في انتخابات 2016، أو أن الرئيس الأمريكي عرقل تحقيقاً حول القضية نفسها، من خلال طرد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" السابق، جيمس كومي، في مايو 2017.
تجدر الإشارة إلى أن لقاءً جمع بين ترامب وبوتين على هامش قمة "آسيان" بفيتنام، في نوفمبر الماضي.
وأثارت القمة، التي تأتي في أهم لحظة فارقة بالنسبة إلى الغرب منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، قلق بعض الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، الذين يخشون من أن يسعى بوتين لاتفاق كبير من شأنه تقويض الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة، وفق ما ذكرته وكالة "رويترز".
وخلال قمة حلف شمال الأطلسي، الأسبوع الماضي، في بروكسل، كرّر ترامب انتقاداته للأعضاء؛ بسبب عدم إنفاق المزيد من الأموال على الدفاع، وشكّك علناً في الغرض من وجود الحلف.
تعليقات