ماذا عن خلايا حزب الله النائمة في الأردن !

عربي و دولي

1083 مشاهدات 0


 

بمجرد اعلان القاهرة عن خيوط وتفاصيل قضية خلية حزب الله انهمك الجميع هنا في الاردن بمحاولة البحث عن إجابات لأسئلة لا تهمنا ، ولم يحاول احد حتى اللحظة البحث فيما بين السطور للإجابة على سؤال وحيد مفاده : هل يشكل حزب الله خطرا على الأردن أيضا ..وهل يتدخل في شؤونه ؟

الغارقون في عشق حزب الله الى حد الهيام في الأردن كثر، لكنهم يتناسون في غمرة هيامهم ب' داعمي المقاومة' مقدار الكره والحقد والعداء الذي  يكنه هذا الحزب للأردن بسبب مواقفه السياسية التي لا تلتقي معه.

قبل أشهر فقط وفي اطار المراجعة السياسية للدبلوماسية الأردنية كانت ثمة أصوات تنادي بضرورة الانفتاح على حزب الله ومن ورائه ايران ..اليوم المشهد قد يختلف قليلا.

فنظرية المؤامرة تدفعني للاعتقاد ان لحزب الله عشرات بل مئات الخلايا النائمة في بلادنا ..فكل المخدوعين المؤيدين لحزب الله بحجة دعمه للمقاومة  ليسوا أكثر من قنابل موقوتة وخلايا نائمة يسهل قيادها وتوجيهها في لحظة ما .

وعشرات المقالات التي تغص بها صحفنا دعما وتأييدا لحزب الله هي مشروع ناجح لغسيل الأدمغة  وتحويل المئات بل الألوف من الأردنيين الى حراب في أيدي المجهول.

وصور نصرالله واعلام حزبه الصفراء  التي ترتفع فوق بعض المنازل في بلدنا ، وخطبه الرنانة لا زالت تحتل مساحة كبيرة من اهتمامات الأردنيين السياسية التي ضاعت بين زحام الحياة اليومية . والاهم من ذلك كله الانحياز والانقياد الكامل من قبل الاسلامين لصف حزب الله... كلها أداوت في يد المجهول.

كل ذلك هل يضر بالأمن الداخلي الأردني على نحو او آخر ؟ ام انها مجرد هواجس السيادة  والأمن القومي التي يتهم بها كل من يحاول اتخاذ خط سياسي مغاير لجماعة احتكار القومية والوطنية والعروبية؟

 الخذلان... هو ما نخشاه في الأزمات لا قدر الله ، والانتصار للآخر.. وبالخارج ..هو جل ما نخافه في لحظة الحقيقة ، الم يأن للمخدوعين بحزب الله  اذا  ان يعلموا ان المعركة باتت طائفية واضحة ومفضوحة .

الاخوان هل يكونون بوابة الاختراق الإيراني ؟!

قبل أشهر خذل الإسلاميون كبيرا من كبرائهم بحجم الدكتور يوسف القرضاوي حينما فضح المخططات الإيرانية لنشر التشيع في المنطقة وآثروا الوقوف في صف إيران بدل الوقوف في صف شيخهم .

وقتها قفز سؤال العلاقة بين الإسلاميين عموما وبين إيران وحزب الله من قبله إلى الواجهة ،  لم اجد شخصيا ما يفصح عن سر تلك العلاقة  مثلما فعل كتاب  “إيران والإخوان المسلمون” للباحث الإيراني عباس خامه يار، وهو من الكتب النادرة التي تناولت بالتفصيل العلاقات بين إيران وجماعة الإخوان المسلمين، قبل انتصار ثورة الخميني سنة 1979، وبعدها..

فالإمام حسن البنا مؤسس الاخوان رحمه الله كان بحق أحد أبرز دعاة التقريب بين المذهبين السني والشيعي، الأمر الذي أطلق فكرة التقارب بين الثقل السني ممثلا بالإخوان والثقل الشيعي ممثلا بإيران .

ولسنا بصدد التذكير بمواقف إخوان الأردن على سبيل المثال من الثورة الإسلامية في إيران ومن الخميني قبل وبعد وفاته، وهي مواقف ارتقت إلى مرتبة تصدير الثورة الإيرانية والترويج لها وتسويقها، بل والتبشير بها..

فإلى عهد قريب، ظلت أدبيات الإخوان الأردنيين مساحة خصبة لتلميع الثورة الإيرانية وتدعيم فكرة التقارب الشيعي السني، وانسحب الأمر على المواقف السياسية للإخوان إلى ما قبل الحرب العراقية الإيرانية، لكن هذا التأييد الجامح عاد وظهر إلى العلن مرة أخرى بعد حرب الخليج، وتراوح بين خجل وتردد وعدم وضوح..

وبالعودة إلى الكتاب الذي صدر عام 1997، نجد أنه يوثق بذكاء للعلاقات بين الطرفين وعوامل الالتقاء والافتراق بينهما، وهو أمر تطرق له كثيرون، لكن الجديد في أمر هذا الكتاب الإشارة إلى دور حركة حماس المفترض للقيام بمهمة إعادة هذه العلاقات الحميمة إلى سابق عهدها مرة أخرى، بالنظر إلى الدعم الإيراني للحركة خاصة بعد فوز الأخيرة في الانتخابات التشريعية، وسيطرتها على غزة وعقدها لحلف متين مع حزب الله ودمشق وطهران، ومواجهتها ضغوطات عربية ودولية ومحاولات لإفشال نجاحها.

وتؤكد المراجع التاريخية أن العلاقة بين جماعة الإخوان وبين قادة الحركة الشيعية بدأت قبل الثورة بسنوات طويلة، وكانت (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية) عنصراً مهماً من عناصر التقارب الفكري بين الجانبين، وكان حسن البنا رحمه الله أحد الناشطين في الدار.

ومما يلفت في علاقة الإخوان المسلمين بالحركة الشيعية الإيرانية المناهضة للشاه في تلك الفترة، تلك الحميمية التي كان يكنها الإخوان لنواب صفوي، وهو أحد القيادات الشيعية الشابة الثورية، والذي كان زعيماً لمنظمة ثورية هي فدائيان إسلام (فدائيو الإسلام ).  

وقد كان الإخوان يعتبرون نواب صفوي واحداً منهم، ودعوه لزيارة مصر وسوريا في بداية عام 1954، والتقى قيادة الجماعة، وخطب في مهرجاناتها، وعندما اشتكى له زعيم الإخوان في سوريا د. مصطفى السباعي رحمه الله من انضمام شباب الشيعة إلى الأحزاب العلمانية والقومية، دغدغ صفوي عواطف الإخوان، وقال أمام حشد من السنة والشيعة: “من أراد أن يكون جعفريا حقيقياً فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين.

    احترم شخصيا وجهة النظر الاخوانية التي تبرر الصمت تجاه مسألة التشيع والخطر الشيعي برمته على اعتبار ان  المرحلة تقتضي ترحيل ملفات الخلاف الطائفي والعقدي أمام خطر إعادة رسم خارطة المنطقة أمريكيا وإسرائيليا. لكن ماذا عن الخطر الايراني ؟

اخوان مصر أدركوا بحكمتهم حجم الخطأ الذي ارتكبوه بانحيازهم الى صف حزب الله ، فتداركو ذلك دون مواربة وبموقف صريح عبر فيه نوابهم  بمجلس الشعب المصري مع نواب الحزب الوطني في إدانة أي محاولة للمساس بأمن مصر .

  في حين ان اخوان الأردن تعاملوا مع القضية بخفة لا تليق بوعيهم السياسي ولا بحنكتهم التي خانتهم هذه المرة . لكن هل أبدى الإسلاميون في الأردن جديدا بمناصرتهم لحزب الله الذي بدأ يفقد رصيده الشعبي منذ احتفالية إعدام صدام العلنية على قناة المنار لأن لصدام شعبية عارمة بالأردن .

 فزاعة الأمن القومي تطل برأسها مجددا !

يحاول البعض جاهدا الربط بين ما حدث في مصر وبين ما حدث قبل سنوات في الأردن حينما القي القبض على ما سمي وقتها بخلية حماس .وصولا الى نتيجة مفادها ان الحكومات العربية خاصة في دول ما يسمى بالاعتدال تستهدف ضرب مشروع المقاومة المتمثل بحماس وحزب الله .

بعيدا عن  هذا وذاك ومدى صدقية الاتهامات المصرية لحزب الله من عدمها ، الا يستحق الأمر مجرد وقفة لتقييم حجم الضرر الذي قد تلحقه حملة الإعلانات المجانية التي يتصدى لها خليط من دعاة القومية والعروبيون والإسلاميون ومناصري برنامج المقاومة التي نؤمن بها ونجل ونحترم .

ما نناقشه هنا ليس المقاومة ولا مشروعها .. ولا ننزه او نبريء طرفا على حساب آخر.. لكن هل ذابت الفواصل لدى مناصري مشروع المقاومة بين السيادة وحق الدولة والدعم للمشروع المقاوم ؟

مشكلة الإسلاميين تحديدا في موقفهم من إيران وحزب الله انهم يعتمدون مبدأ الاستقطاب وان من ليس معنا فهو ضدنا وان ثمة مشروعين فقط في المنطقة واحد للاحتلال وآخر للمقاومة وهو ما قد يبرر لفكر الاسلاميين السياسي أحقية الاستعانة والاستقواء بالخارج ..ايا كان ذلك الخارج !

الأمر اكثر تعقيدا من ذلك فمع حالة الذوبان الكامل التي يعاني منها بعض الإسلاميين في نموذج حزب الله .. نخشى ان نصل الى مرحلة التحلل من سلطة الدولة وفكرة السيادة مادام النموذج ذاته ' واقصد حزب الله ' قائم في بنيته الأساسية على فكرة الخروج على سلطة الدولة او تشكيل دولة ظل .

 

 

 

    

 

    

عمان-طارق ديلواني

تعليقات

اكتب تعليقك