عن مآلات الحرب في اليمن اليوم- يكتب محمد الرميحي

زاوية الكتاب

كتب 2569 مشاهدات 0


ليس من عاقل فى العرب إلا ويتمنى أن يعيش اليمنيون احرارا فى بلدهم فى دولة مدنية، متساوين فى الحقوق والواجبات، وان تنتهى هذه الحرب الاهلية الضروس الضارة المضرة، فالتحديات فى اليمن كانت ومازالت ضخمة، وتحتاج الى جهود جبارة لاخراج اليمن من تخلف هو فيه، الى مشارف ما يحب ان يرى اليمنى نفسه، قياسا بالتقدم فى العالم . اليمن ليس بلدا فقيرا حضاريا ،فلم تنقطع الورقة والقلم عن حواضره طوال تاريخه المعروف، ومنذ التغيير الذى حدث فى عام 1962 جرت تحت نهر اليمن السياسى مياه كثيرة، منها على الاقل حصول نخبة من ابنائه على التعليم، الذى اهل بعضهم لقيادة التغيير فى بلدهم، كما تم تشكيل مؤسسات حديثة، وادارة لم تكن معروفه لفترة طويلة فى العهد السابق قبل عام1962 . اليوم مكابر هو الذى يقول إنه لا دخل لايران (السياسية) فى ماساة اليمن التى تحدث، والتى تقذفه سريعا الى القرون الماضية، فهى ليست بعيدة عن تحريك الحوثيين من اجل تنفيذ الاستراتيجية التى تتبناها طهران، وهى الحرب المتقدمة، التى تشير اليها الادبيات والافعال السياسية الايرانية، وترى تلك الاستراتيجية العبثية، ان تحارب فى الجوار حتى لا تحارب على تخوم طهران، خاصة ان حرب الجوار اقل كلفة نسبيا للنظام الايرانى ، تلك الاستراتيجية من الصعب تغييرها من الجانب الايرانى فى الوقت المنظور ، كما من العسير قبولها من الجانب العربي، هى مبنية على افتراض من قبل طهران، (الحرب المتقدمة) التى تشكل فى نظر متخذ القرار فى طهران اللحمة التى تجمع كثيرا من الايرانيين تحت مظلة (الفخر القومي) ان لم يجمعهم ( الانتماء المذهبي)! هى (حاجز الصد) الذى يقع فى الارض العربية لمشكلات نابعة من ايران، لذلك فان الحوثى فى اليمن، هو ليس اكثر من قفاز فى داخله الاصابع الايرانية، التى تحرك هذا القفاز ، ولا ينقصه الكثير من الشعارات الوطنية والاثنية و الصراخ فى المنابر لتبرير افعاله ، على انه يمثل (شعب اليمن)، وان كل الشرور التى تقع والماسى التى تظهر فى قطاعات واسعة من الشعب اليمنى هى من صنع الآخر !، ليس مهما لدى طهران كم من المصائب الانسانية التى تصيب المواطن اليمني، وليس مهما انتشار الاوبئة والامراض الفتاكة، و ليس مهما عدد الاطفال الذين يموتون جوعا او مرضا ، كما ليس مهما هدم القرى والمدن اليمنية، واعتقال احرار اليمن واغتيال كثير منهم .

الامور فى اليمن يبدو انها تتجه الى انتصار الشرعية اليمنية بتحالفاتها المختلفة، كما ان قواتها على الارض تتقدم فى اكثر من جبهة، و تحاول الجهود الدولية ان تصل الى مكان سياسي، تسميه تسمية عامة هى (المصالحة الوطنية) بعدد من الشروط الذى يبدو ان الحوثى يقبلها الآن بعد ان رفضها مرارا . القبول ناتج من عدد من الاسباب الاول ربما هو الضغط الدولى على الحاضنة الاساس، وهى النظام الايراني، فهو الآن بصدد جمع اوراقه لمعالجة ما يعرف بنتائج الانسحاب الامريكى من الصفقة الايرانية ـ الدولية فى قضية النووي، والاتفاق الامريكى الكورى الشمالى ،وهى معركة تقلب جزئيا استراتيجية الحرب المتقدمة، وتفقدها الكثير من ادواتها اللوجستية و المادية، و تجبر النظام الايرانى على الاستدارة،الثانى هو التحاق عدد من مكونات الشعب اليمنى بقوى الشرعية، وقد كان بعضها على الحياد ، فتفاوض المليشيات الحوثية على حلول سياسية لا يأتى من قوة ولكن من ضعف . القضية تبدأ هنا ، فقد اخطأت الاستراتيجية الخليجية فى بداية الامر عند اندلاع الازمة اليمنية، فقدمت مبادرة ، بعد صراع قاس على الارض بين قطاعات واسعة من الشعب اليمنى وبين نظام على صالح الذى استهلك نفسه، قدمت مبادرة على قاعدة عامة ( لا يقتل الذيب و لا تفنى الغنم) فتنازل على صالح عن الحكم ،ولكن قصرت تلك الخطوة عن فهم ديناميكيات وتيارات السياسة اليمنية، فابقت صالح فى صنعاء، وتسلم الحكم نائبه التاريخى عبد ربه منصور هادى، كان ذلك الأمر بمثابة وضع البنزين والنار على قرب من بعضهما فاستدار صالح للتحالف بمن يستطيع، وخانه ذكاؤه بالتحالف مع الحوثي، وسارت الامور كما نعرف ، فى تحالف انتهازى بين على صالح والحوثي، فقد الاول حياته وليس فقط سلطته. تلك الغلطة فى المبادرة الخليحية لا يجب ان تتكرر ، فالمطروح فى العلن ان يتخلى الحوثى عن سلاحه، ويخرج من المدن اليمنية، ولكن يشارك فى حكومة ائتلافية، هذا بمثابة الخروج من الباب للدخول من الشباك، وهو عين الاستراتيجية الايرانية ، اى تبنى مكون فى داخل الدولة العربية، يصل الى المشاركة فى الحكم ( حزب الله اللبنانى او الحشد الشعبى العراقى ) و يحتفظ بسلاحة أوبعضه ليشكل مليشيا خارج الدولة وشوكة لعدم استقرارها . القبول بكذا تسوية هو بمثابة تعطيل اى نهوض يمنى ، وتأسيس لحرب اخرى ! الدولة التى لا تسيطر على السلاح بكامله ، صغيره وكبيره ، هى دولة مهددة من الداخل .

الآن - الأهرام

تعليقات

اكتب تعليقك