محمد المقاطع يكتب.. السباق في ميادين الخير
زاوية الكتابكتب مايو 29, 2018, 2:51 ص 843 مشاهدات 0
القبس
الديوانية- السباق في ميادين الخير
محمد المقاطع
وجهان مشرقان للكويت وأهلها، يحمد الله عليهما كل كويتي أنه بفضله ومنته أكرمنا بهما، وكذلك يفخر بهما وبكونه من نسيج هذا المجتمع المسلم العربي الأصيل.
أولهما التواصل العفوي الذي يتسم به أهل الكويت، تواصل مذهل في كونه جزءا من سلوك الكويتي أيا كان، حاكما أو محكوما، وتبرز ميزة هذا التواصل في رمضان بزيارات عائلية وأهلية بين كل فئات الشعب، فاللقاء لتبادل التهاني والتحية بحلول رمضان بالعبارة الشعبية الشهيرة «مبارك عليكم الشهر» تأتي بنكهة المودة والتحاب المنبثق من رحم صلة الرحم لتتعداه فتكون أفقية على مستوى كل فئات الشعب، لا تقيدها أي حواجز أو محددات فئوية طائفية أو قبلية أو مناطقية، بل تعكس توادا وتعايشا اجتماعيا ذاتيا، ليس للدولة فيه من دور، وهذا مصدر ذاتيته وقوته، فهو سلوك غرس في كل بيت وأسرة، وتوارثه أهل الكويت من دون أن تفرضه نظم أو سلطة، أو يرتبط بواجبات مفروضة أو إملاءات مندوبة تتصاحب معها حوارات وآراء جريئة مطلوبة، تعبر عن قضايا البلد وهمومه، وتصل رسائله وعباراته إلى كل المسؤولين بكل المستويات من دون تزلف أو تكلف أو تخوّف، وهو ما يضفي على طبيعة هذا التواصل العفوية والجرأة الكويتية المعهودة، رغم ما حاول أن يحرفها البعض ويسخرها بعض السياسيين لغير مقاصدها، ومحاولتهم شق وحدة المجتمع بإضفاء معاني الموالاة أو العكس عليها والتكسب والتزلف الممجوج وهو ما أدرك معه الجميع وهن هذا المسلك الدخيل وفقدانه لأي تقدير، بل إنه ينال السخط والاستهجان لعدم توافقه وطبيعة المجتمع الكويتي.
ثانيهما أيادي الخير وأعمالها التي لم تعد ظاهرة اجتماعية، بل سلوك اعتيادي لكل أهل الكويت، كبيرهم وصغيرهم، رجالهم ونساؤهم، وبكل فئاتهم، فهبة أهل الكويت بمد يد العون تعجز الكلمات عن وصفها، وتنوء الكتب عن حملها، فهي قد وصلت إلى أصقاع العالم منذ عشرات السنين، فجابت أفريقيا وآسيا، ولا تزال تشاهد هذه الأعمال الخيرية في مبادرات أهل الكويت، وغالبيتهم يقوم بها بالخفاء، من دون بحث عن أضواء أو شهرة، باعتبار أن ذلك نابع من كونها خلقا محمودا في أهل الكويت وبتزايد مطرد ليس له نظير في العالم العربي والإسلامي، وهو ما تلمس تفرده في حجم المساعدات والتبرعات والصدقات التي تقدم على المستوى الشعبي للمحتاجين والمعوزين على مستوى العالم برمته، ولعل هذه المبادرات الخيرية والأيادي البيضاء هي سر ما تنعم به الكويت من نعم عديدة، فإلى جوار الممارسات الإدارية السلبية والفساد السياسي المعروف، فإن الكويت وأهلها يبقون سباقين في ميدان الخيرية، ولعل ذلك ما يبعث الأمل بأن الخصلتين، وهما التواصل والخيرية، تؤكدان أن في الكويت قدرات وإمكانات كامنة ومبادرات جادة نجحت اجتماعياً وعززت وحدة المجتمع ونجحت خيرياً، فعرف عن أهل الكويت نزعتهم الإنسانية وعطاؤهم المشهود، وهو ما يعني أن مآل الإدارة السلبية للدولة والفاشلة من قبل بعض المسؤولين فيها وكذلك الفساد السياسي الظاهر إلى الزوال وفِي وقت أقرب ربما مما قد يتصوره أي منا.
تعليقات