لماذا نتعامل مع التاريخ؟.. محمد المطني متسائلا

النهار

نقش- لماذا نتعامل مع التاريخ؟

محمد المطني

 

يلعب التاريخ دوراً مهما في التأسيس للمستقبل وهو الذي يحدد وجهتك ويذكرك بمبادئك وبأحداث جرت واسبابها وهو، قبلت او رفضت، سبب وجودك في مكانك الحالي والذي لو غيرنا بعض احداثه لتغير موقعك اليوم ولو غيرنا بعض معطياته وتوجهاتك حينها لتغير تفكيرك اليوم وعاداتك وكل ما تملكه من مقومات انسانية وثقافة إن صح التعبير. ولكي تتحرك للمستقبل عليك أن تستلهم تاريخك الذي يحدد هويتك وتوجهك لتكمل المسيرة في درب واضح وسالك وتبني على ما بدأت والبناء هنا يعني تصحيح المسيرة من خلال تقويم الاخطاء ومراجعة الاحداث او الاستمرار بها للوصول إلى هدفك المحدد سابقاً.

تقع المشكلة عندما يتغير اتجاه طريقك المستقبلي أو رغبتك الحالية مع رغبات الماضي وتوجهاته فتتصادم الأحداث التاريخية والمحصلة الثقافية التي تملكها مع وجهة نظرك الجديدة وتوجهك المستقبلي الحديث، البعض يواجه هذه الاشكالية بشجاعة عن طريق مراجعة التاريخ ومحاكمته والاعتراف بأن التوجهات الماضية وطريقة الحياة كانت خطأ فيعلن التغيير ويتحمل كلفته وهي كلفة من الممكن تحملها اذا كان هذا التغيير مختصاً بالفرد وحياته، أما ان كان تغييراً عاماً ومجتمعياً فالكلفة ترتفع نظراً لتعلق المجتمع بتاريخه وعاداته ودفاعه الشرس عن كل هذه الممتلكات التي عاش عليها وانبثقت منها حياته الحالية وسيعتبر اي تغيير لهذه الاساسات هجوماً عليه.

الخيار الآخر لمواجهة كلفة التغيير المجتمعي يكون باختيار أسهل الطرق واوفرها وقتاً ومسؤولية وذلك بتحميل اطراف أخرى نتيجة وجود هذا الإرث وهذه العادة التي يراد تغييرها، فيحرص صاحب رؤية التغيير على استحضار التاريخ وجمعه ثم قذفه في سلة اطراف اخرى لينفي عن نفسه مسؤولية وجود هذا الإرث بعملية ذهنية تتعلق بتأطير كل الممارسات والعادات التي يراد التخلص منها وافهام المجتمع انه ضحية لمجموعة ما وان هذه العادات دخيلة حتى يقتنع المجتمع بعدم مسؤوليته واحقيته في الدفاع عن هذه العادات التي ليس هو من شارك بها ومن أحدثها فيقبل التغيير الجديد أو يصمت عن مهاجمته.

هذه البرمحة الجديدة هدفها واحد وهو ضمان مرور التغيير دون مقاومة مجتمعية ودون أي مصاعب تذكر، فتختفي كلفة التغيير وتتضاءل حتى يصبح الطريق مفتوحاً أمام الثقافة الجديدة أو الفكرة التي يراد تفعيلها فتمر بسلام وان كانت عن طريق تزوير التاريخ وتغييره. تفاءلوا