المفتاح الفكري السحري في كسب قلوب وعقول الشباب هو تعزيز ثقافة التمركز حول قيمة العدل.. برأي محمد العوضي
زاوية الكتابكتب مايو 20, 2018, 11:49 م 4212 مشاهدات 0
الراي
خواطر قلم- المفكر القدوة في حوار الشباب... كيف ولماذا؟!
محمد العوضي
أسمع في نشرات الأخبار، وأحياناً كثيرة أشاهد على أغلفة المجلات العربية أو الأجنبية، صوراً وأسماء لشخصية أو شخصيات من حول العالم، منحت ألقاباً وجوائز دولية وربما محلية، أشهرها على الإطلاق جائزتا نوبل للسلام والأوسكار للأفلام، وفي مجال الألقاب سفير السلام، سفير النوايا الحسنة، الشخصية الإنسانية أو الخيرية للعام...، الشخصيات المؤثرة في عالم السياسة والمال والاقتصاد والمرأة والرياضة والرأي العام وفق نتائج استطلاعات ودراسات مراكز الأبحاث والدوريات الشهيرة، وأتذكر كيف تبدع مجلة «تايم» الأميركية باختيارهم سنوياً وعرض صورهم مصغرة على أغلفتها تحت عنوان «الشخصيات الــ 100 الأكثر نفوذاً وتأثيراً في مجال كذا» ؟!
اعتدت أن أمرّ على تلك العناوين والأخبار والألقاب مرور الكرام، فأنا مثلكم في حياتي من المشاغل والاهتمامات وأخبار وهموم الدنيا ما هو أولى بالانتباه والمتابعة والتدقيق، كما أن فكرة الجائزة واللقب بحد ذاتها ارتبطت في ذهني بمشاهير وشخصيات ليست ذات صبغة دينية، وأن الترشح لها والظفر بها يشوبه من المصالح والمجاملات ما يشوبه، إلى أن امتدت (يد) اللقب بالطرق على بابي قبل أسابيع قليلة، ففتحت لها... وإذا بالطارق المنظمة التنموية للطاقة المتجددة التابعة للميثاق العالمي للأمم المتحدة، لتخبرني بمنحي لقب «الأب القدوة في مجال الفكر وحوار الشباب» ودعوتي لحفل التكريم وإلقاء كلمة بالمناسبة.
بصراحة، أحسست بارتياح وحماسة غير مسبوقين لهذا اللقب، ليس فقط بسبب وزن الجهة الدولية المانحة له، وإنما كونه وافق ما يتماهى وجدانياً وفلسفياً مع اهتماماتي التاريخية البعيدة إلى اليوم، من حرص شخصي وقدرة على التحاور وإيصال الرسائل وتبادلها مع جيل الشباب، والتفاعل معهم فكرياً وتربوياً وعاطفياً بما يقلص المسافات ويسقط الحواجز العمرية بيني وبينهم.
فجاء مسمى اللقب وكأنه عنوان للنجاح في تحقيق هدف لطالما خططت واجتهدت وسعيت لتحقيقه، فلله الحمد والمنة.
في كلمتي أثناء حفل التكريم، وبطلب مقدر من اللجنة المنظمة، أجبت عن سؤال: لماذا اختارتني اللجنة المنظمة لاحتفالية الأب القدوة باعتباري قدوة في حواري مع الشباب؟، ونقلت بإيجاز (عصارة) تجربتي العملية في التعاطي مع أفكار جيل هو الأهم في كل المجتمعات، وكيف السبيل إلى تشجيعه وإزالة الهيبة عن مفاتحتي بقضاياه الخاصة وبما يرونه من مستجدات ويلاحظونه من غرائب، وذكرت على هيئة عناوين جملة من وسائل اتبعتها لحوار وفهم الشباب، أضعها بين يدي كل أب ومربي (قدوة) يشاركني ذات المسعى ومنها:
• إظهار مشاعر الحب والرحمة وأحياناً (الشفقة) عليهم، وهي ما يطلق عليه التربويون مصطلح (الروح الوالدية).
• مخاطبتهم بلغة اجتماعية سهلة مع تبسيط المعقد والعميق، والاستفادة من المنهج القرآني والنبوي في ضرب الأمثال والقصص الواقعية (الجريئة).
• عدم التردد أو الخجل من مصارحتهم بحقائق الأشياء، ومن تضمين حوارك معهم تجاربك الشخصية بنجاحاتها و(إخفاقاتها)، والأخيرة أدعى لكسب ثقتهم.
• السماع منهم لا عنهم يفيد في فهمهم وتفهم واقعهم ويومياتهم، مع عدم التهوين أبداً من تساؤلاتهم مهما بدت غريبة أو صادمة، أو إظهار اللامبالاة في شكوكهم واعتراضاتهم، وصوابية الأمر عبر إبداء الاهتمام بها وبهم.
• كسب ثقة عقولهم بالطرح العلمي المعاصر ومتابعة آخر التطورات للنظريات والتصورات عن الذات والمعنى من الحياة ومفهوم الحرية.
• التواضع (التلقائية)، والمبادرة لإسقاط الحواجز العمرية بيني وبينهم من خلال انتقاء (النكتة) المعقولة والجاذبة ذات القيمة، وكذلك خلط الفصيح بالعامية واللهجات المحلية بل وأحياناً الأجنبية مع شيء من المحاكاة والتقليد.
• تنويع محتوى العطاء الثقافي: شعر، نثر، حِكم، أمثال، كتب، دين، فلسفة ولقاءات مع رموز لهم بصمة خاصة.
• التواصل المباشر مع الشباب والاندماج معهم، فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير وأحب إلى الله من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم، وفق ما جاء في الهدي النبوي الشريف.
• المتابعة الشاملة لأهم القصص والمواضيع العامة التي تشكل حوارات الشباب مثل أخبار الرياضة، الفنون، الموضة، الصرعات، الحوادث، الفاشينيستا… إلخ، مجرد اكتشافهم أنك (متابع) هذا يلفت نظرهم ويجذبهم ويقلص المسافة المعرفية بيني وبينهم.
• وختمت نقاطي بأساسية مهمة جداً أعتبرها المفتاح الفكري السحري في كسب قلوب وعقول الشباب، وهي تعزيز ثقافة التمركز حول قيمة العدل، ورفع شعار (العدالة فوق الانتماء) صادقاً، لنكون على مسافة واحدة من الجميع واستيعاب التنوع الطبيعي في النظام البشري، بعيداً عن التصنيفات والانتماءات الفكرية والدينية والمذهبية.
ولعلها فرصة مواتية لأغتنم هذه المناسبة لرفع أصدق عبارات التهنئة لشركائي في الجائزة والتكريم باعتبارهم آباء قدوات في المجتمع ــ كل في مجاله وتخصصه ــ كما لا يفوتني تسجيل شكري وامتناني للجهات المنظمة وكل من ساهم في إنجاح هذه (الالتفاتة) التربوية المعنوية تتقدمهم المنظمة التنموية للطاقة المتجددة التابعة للميثاق العالمي للأمم المتحدة ورئيستها الناشطة البيئية والحقوقية وسيدة الأعمال الأخت الدكتورة غدير الصقعبي، ولجنة التحكيم المحلية والدولية للجائزة، إضافة لسفراء المنظمة في الخليج من الشقيقتين السعودية وقطر.
تعليقات