ماذا لو دخل الطب شخص غشاش لا علم لديه؟.. يتحدث صلاح العتيقي عن ظاهرة الغش
زاوية الكتابكتب مايو 18, 2018, 11:48 م 3563 مشاهدات 0
القبس
شرعنة الفساد
د. صلاح العتيقي
على الرغم من أن الكثير من الزملاء قد سبقوني في استنكار ما حدث إلا أن فداحة الأمر تستوجب متابعة حثيثة وصارمة.
ففي حالة غير مسبوقة في أي من بلاد العالم، فاجأتنا الصحف اليومية، وعلى صفحاتها الأولى، بخبر اعتصام عدد من الطلبة أمام مكتب وزير التربية والتعليم العالي، احتجاجاً على قرارات لائحة محاربة الغش، ومطالب أخرى تتعلّق بنفس الموضوع. وذكرت الصحف أن تجمهر الطلبة استمر لمدة ساعتين، أطلقوا خلاله الهتافات المطالبة بإلغاء قرارات وزير التربية، كما ذكرت الصحف أن الوزير استقبل وفداً منهم، وطمأنهم بأنه لن يكون هناك تعسف في استخدام العقوبات لمن يضبط متلبساً، واستدرك بأن الوزارة رفضت المطالب المتعلّقة بالغش، حيث إن هذا يؤدي إلى هدر أموال الدولة بدخول من لا يستحقون إلى كليات، وحرمان المستحقين من ذلك. هنا انتهى الخبر الذي نشرته الصحافة.
يا إلهي! إنها المطالبة بشرعنة الفساد في البلاد!
إن هذا يدعونا إلى طرح بعض التساؤلات: ماذا لو دخل الطب مثلاً شخص غشاش لا علم لديه؟ كيف نأمنه على صحة أبنائنا وبناتنا وأهالينا؟ ماذا لو دخل الهندسة المدنية غشاش؟ كيف نأمنه على مشروعاتنا وجسورنا وبيوتنا؟
ماذا نعمل بمن أدخلته الشهادة المزوّرة نتيجة للغش إلى أحد مصارفنا؟! كيف نأمنه على أموال الناس؟!
لقد أخذت هذه الظاهرة بالانتشار في جميع المراحل الدراسية، وهي في الواقع تمثل ثقافة دخيلة على مجتمعنا، فكم من طالب قدّم بحثاً لا يحمل من بصماته غير الاسم! وكم من طالب قدّم مشروعاً لا يعلم ما بداخله! إن الجامعات تخرِّج سنوياً الآلاف من الطلبة، فكم عدد من قدموا شيئاً مفيداً للبلد أو اخترعوا شيئاً أو قدّموا مشروعاً نافعاً للأمة بعد تخرجهم؟ إن ظاهرة الغش تدل على أن هذا الشخص لم يربَّ تربية دينية، أو أنه لم ينشأ تنشئة سوية من قبل والدين مسؤولين، أو أنه لم يتعلم على يد مدرسين راشدين، علاوة على أن هذا الشخص لا بد أن يكون ذا شخصية ضعيفة كسولة لا تحب العمل الجاد.
إنني استغرب.. ألا يكفينا ما نحن فيه من فساد حتى ينتقل للمؤسسة التعليمية؟! ألا يكفينا أن هناك من يدرس أبناءنا وهو يحمل شهادات مزوّرة بُنيت على الغش؟! لقد تبرأ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم منهم، حين قال: من غشنا فليس منا. نعم يا رسول الله إنه ليس من هذا البلد.
تعليقات