بطش ميانمار يعصف بالأقليات المسيحية أيضاً

عربي و دولي

333 مشاهدات 0


فيما لم يستفق العالم بعد من تبعات مأساة الروهنغيا التي ألقت بظلالها على أكثر من 700 ألف لاجئ مسلم فروا من ديارهم في إقليم أراكان غربي ميانمار، تلوح في الأفق انتهاكات عرقية جديدة ترتكبها سلطات نفس البلد ضد الأقلية المسيحية بولاية 'كاشين' شمالي البلاد، قرب الحدود الصينية.

وأدت الاشتباكات المندلعة مجددا بين جيش ميانمار وانفصاليي 'كاشين'، والتي ارتفعت وتيرتها خلال الأيام الأخيرة، إلى أزمة جديدة وموجة تطهير عرقية محتملة في ميانمار، وذلك عقب هدنة دامت 17 عاماً وانتهت في منتصف عام 2011.

وبحسب بيانات الأمم المتحدة، فقد هُجّر أكثر من 5 آلاف شخص خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، وذلك نتيجة العمليات التي ينفذها جيش ميانمار تجاه المدنيين في الولاية، بحجة مكافحة جماعة 'جيش استقلال كاشين'.

وتوجه أغلب سكان 'كاشين' المهجرين إلى الحدود الصينية، فيما بقي حوالي ألفي شخص منهم، محاصرين في الغابات، في ظل قلق يسود مصير الآلاف بسبب منع حكومة ميانمار وصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة.

**مأساة الروهنغيا تتكرر

وتشهد ولاية 'كاشين' أحداثاً مشابهة لما شهدته أقلية الروهنغيا المسلمة في إقليم أراكان (راخين). وبحسب معطيات الأمم المتحدة، فر نحو 700 ألف من الروهنغيا من ميانمار إلى بنغلادش، بعد حملة قمع بدأتها قوات الأمن في ولاية أراكان في 25 أغسطس / آب 2017، ووصفتها المنظمة الدولية والولايات المتحدة بأنها 'تطهير عرقي'.

وجراء تلك الهجمات، قتل ما لا يقل عن 9 آلاف شخص من الروهنغيا، وذلك حتى 24 سبتمبر / أيلول 2017، بحسب منظمة 'أطباء بلا حدود' الدولية.

وتراجع أعداد السكان المسلمين في أراكان إلى 300 ألف بعد أن قدر بنحو مليوني شخص في سبعينيات القرن الماضي، فيما يعتري أبناء أقلية 'كاشين' المسيحية، القلق من أن يواجهوا مصيراً مشابهاً لمسلمي أراكان.

** المحاسبة أمام الجنائية الدولية

وقال رئيس بلدة 'أليانس' في 'كاشين'، غومس سانغ نسانغ، إنه خلال عهود تأسيس دولة ميانمار، تم التعهد بمنح الاستقلالية للولاية.

وأضاف :'عقب إعلان ميانمار استقلالها (عن بريطانيا عام 1948)، بدأت كاشين بإدارة أمورها بنفسها، ونادراً ما تدخلت الحكومة المركزية في شؤونها، لكن وبعد فترة قصيرة من الاستقلال، بدأت حكومات ميانمار بانتهاك حقوق الولاية وعملت على تصوير الديانة البوذية على أنها الدين القومي للبلاد. وفي 5 من فبراير/شباط 1961 أطلق سكان كاشين حركة الاستقلال'.

وأوضح أنه عقب الانقلاب الذي قام به الجنرال 'ني وين' عام 1962 في ميانمار، عملت الحكومة على تشتيت المجموعات العرقية، وتغيير البنية العرقية داخل الجيش، مبيناً أنه لم يتبق جندي واحد من ولاية 'كاشين' داخل الجيش عام 2018، في حين أن 15 بالمئة من أفراد الجيش كانوا من الكاشين عام 1948.

وبحسب 'نسانغ'، فإن السبب الرئيسي للصراع في المنطقة، هو 'اغتصاب حكومة ميانمار، لموارد الولاية، وحقوق سكانها في الاستقلال'.

واختتم بالإشارة إلى جرائم الحرب التي ترتكب هناك من قبل قوات حكومة ميانمار، داعياً إلى محاسبة هؤلاء أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

**مصالح الصين

من جهته، قال إبراهيم علي، عضو اتحاد الروهنغيا بأراكان، إن من بين الأسباب الأخرى للصراع الدائر منذ سنوات في ولاية 'كاشين'، هي مصالح وأطماع الصين في الولاية، ووجود المعادن الثمينة فيها مثل الماس، والياقوت، والذهب، والفضة ومادة اليورانيوم.

وأضاف 'علي' أن الصين تحتكر وتستغل موارد الولاية لصالحها عبر تأجيج الصراع فيها بين الأطراف. وأوضح أن جيش ميانمار يعامل سكان 'كاشين' بنفس العنف، وممارسات القمع والتهجير التي عامل بها مسلمي الروهنغيا في إقليم أراكان.

في السياق ذاته، أشار الأمين العام للمجلس الوطني الكاشيني، هكانهبا سادان، إلى وجود نساء حوامل، وأطفال رضع، ومسنين ومرضى بين المحاصرين في الغابات منذ 11 أبريل/نيسان الماضي، نتيجة الاشتباكات الدائرة بين الجيش والمعارضين.

وأعرب 'سادان' عن شعوره بالقلق تجاه مصير هؤلاء المحاصرين، موضحاً أن ما يهدف إليه جيش ميانمار، هو 'ممارسة التطهير العرقي، ودعم الجماعات البوذية المتطرفة أو مجموعات عرقية أخرى ضد هؤلاء'.

والكاشين هم إحدى الأقليات العرقية الكثيرة في ميانمار، ويخوضون حرباً ضد الحكومة المركزية منذ أكثر من 50 عاماً؛ للمطالبة بقدر أكبر من الحكم الذاتي للمنطقة التي يعيشون فيها، والتي تملك حدوداً مع الصين والهند.

ويقول متابعون إن القتال المستمر يعيق تنمية ميانمار، وهي واحدة من أفقر دول منطقة جنوب شرق آسيا.

الآن - وكالات

تعليقات

اكتب تعليقك