عن المجلس الأعلى للتعليم - يكتب د.محمد عبدالله العتيبي
زاوية الكتابكتب إبريل 21, 2018, 10:03 م 894 مشاهدات 0
لما كانت مهمة المجلس الاعلى للتعليم هي التي توجه وتقترح السياسات التعليمية وتقر الخطط والبرامج التربوية للنهوض بنظامنا التعليمي نحو التميز والرقي ، فإن تلك السياسات هي الإطار العام الذي يوجه العمل الفني والإداري في نظامنا التربوي، ويحكمه نحو تحقيق أهدافه المطلوبه.
وبالنظر لتردي الوضع التعليمي على المستوى الإداري ببعض جوانبه والتحصيلي للطلبة في نظامنا التعليمي وقلة فاعلية المجلس الأعلى للتعليم وتواصله مع قطاعات وزارة التربية الأخرى فإن هذا الوضع يتطلب منا اعادة تقييم لدور المجلس الأعلى للتعليم لإلغائه أو تعديل آليته وعمله لاستمراره ، كونه الجهة المنوط بها قيادة دفة العملية التعليمية من خلال اعداد الخطط واقرار البرامج واقتراح السياسات التعليمية والتربوية . فبقاءه بوضعه الحالى دون تعديل وتحديث في آلية عمله ولجانه ومكتبه التنفيذي ، وضخ الدماء الشبابية المؤهلة للعمل في أمانته، سيكون المجلس وأمانته عبء على الجسد التعليمي وترهل في الهيكل التربوي وهدر في الميزانية.
وبمسح سريع على انجازته طوال ثلاثون عاما
نجدها كالتالي:
١-مدارس المستقبل ألغيت بعد تطبيق لسنوات.
٢- مؤتمرات تطويرالتعليم. نتائجها عن الاختلالات في الوضع التعليمي تتكرر دون متابعة أو اصلاح .
٣- استراتيجية تطوير التعليم العام ٢٠٠٥-٢٠٢٥ اختفت من قيادة دفة التطوير في وزارة التربية.
٤- المركز الوطني لتطوير التعليم، حيّد دوره واختزل دوره في اختبارات تيمز وبيلرز وميزة .
٥- تفعيل دور المجلس الاعلى للتعليم بإلحاقه بمجلس الوزراء رفض من قبل ديوان الخدمة والفتوي والتشريع.
كما أن أعضاء المجلس الأعلى للتعليم أغلبهم غير متفرغين ومتخصصين ، مما يقلل من عطائهم نحو التعليم والتفاعل مع قضاياه ،وبعضهم يجمع بين أكثر من ٣ أعمال .
ولا أغفل القول بأن هناك اجتهادات لبعض أعضاء المجلس الأعلى للتعليم على مدار عمله الطويل ساهمت بالارتقاء بالمستوى التعليمي وهي محل تقدير واشادة ، لكن تظل جهوداً فردية تختفى بانتهاء عضوية أصحابها.
فمثلا لدينا استراتيجية تطوير التعليم العام (٢٠٠٥-٢٠٢٥) التي كانت ثمرت جهود لتربويين مخلصين على مدى سنوات من الجهد والعمل حتى اخرجت بصورتها النهائية المؤملة لمستقبل تعليمي واعد، والتي أقرها مجلس الوزراء في ٢٠٠٣م وصادق عليها مجلس الأمة في (٢٠٠٣ و٢٠٠٤) ولها ست غايات وتندرج تحت كل غاية أهداف وبرامج ومشاريع ولجان ، وشكلت لها هيئة اشرافية عليا في ٢٠٠٣ من داخل المجلس الأعلى للتعليم ، وللأسف لم تعد تقود هذه الاستراتيجية التطوير على مستوى وزارة التربية من عشر سنوات حتى هذا اليوم واختفت بزوال أعضاء هيئتها الاشرافية.
وهذا سببه الرئيسي عدم الاستقرار التربوي من جهة وذلك بتغيير القيادات التربوية المجتهدة والفاعلة باستمرار واستبدالهم بآخرين من خارج الجسد التربوي ، ومن جهة أخرى عدم استيعاب تلك القيادات الجديدة لدور الاستراتيجية الحيوي في قيادة التطوير التربوي في وزارة التربية. فضلا عن معرفتهم بها.
كما ينبغي التنويه بأن كلفة تعطيل المشاريع والبرامج التربوية يتحملها البنك الدولى، الذي لا يملك الخلفية التخصصية المهنية على مستوى ادارة جودة التعليم إذ أن خلفيته الأساسية للانشاء والتعمير ولديه بعض المساهمات المحدودة على المستوي التعليمي في بعض دول التخلف الافريقي ، ونحن في نظامنا التعليمي نمتلك بنى تحتية جيدة ونظام تعليمي لا بأس به منذ زمن ، غير أن اختيار وزارة التربية للبنك الدولي لقيادة تطوير العملية التعليمية في الوزارة والذي وقعت معه الاتفاقية الاستشارية بمبلغ ٣٨ مليون دينار من عام ٢٠١٥ وعلى مدى خمس سنوات وتتضمن أربعة محاور لتطوير المناهج والتعليم ومشروع تطوير السياسات التربوية ومشروع الاختبارات الوطنية لقياس اداء النظام التعليمي، دون شروط لمتابعة وقياس مستوى التطوير ونجاعته ،في عمل البنك الدولى، على أن يكون عالأقل في نهاية كل مرحلة تطويرية ، وكان من شأنه أن أصبح البنك الدولي ينافس دور المركز الوطني لتطوير التعليم في قيادة دفة تطوير التعليم بل اقتصر دور المركز الوطني فقط على الاستعانة بخبرات البنك الدولي وبيوت الخبرة الاستشارية ، وإن كان هذا مطلوبا ، لكن لا يكون هذا دوره الوحيد فقط ، ناهيك عن اختبارات ميزة التي يقوم بها المركز الوطني وهي اختبارات وطنية لقياس اداء نظامنا التعليمي على غرار الاختبارات الدولية في مادتي العلوم والرياضيات من جهة والتقدم في مادة القراءة من جهة اخرى وان بذل فيها جهد إلا أنه يشتكي منها كثير من التربويين والمعلمين في طرق تخطيطها وتنفيذها على مستوى الاداء والتدريب ، لا بل أين الفائدة والنتيجة التي خرج منها أبناؤنا وبناتنا على مستوى الانجاز المحلي والدولي والتحصيلي على مدى سبع سنوات من تطبيق اختبارات ميزة؟
ومن المشاريع المهمة والمعطلة لتدخل البنك الدولي فيها :
١- مشروع تمهين التعليم ( رخصة المعلم) والذي يتطلب ايجاد معايير في التعليم حتى يكون مهنة يمكن دراستها ووصفها وتحليل عناصرها . من معايير الاختيار لمهنة التعليم والاعداد والاشراف والتدريب المستمر للمعلمين ، حيث تأرجح المشروع بين بيوت الخبرة الاستشارية والبنك الدولي وأخيرا مكتب التربية العربي دون التوصل لنتيجة ، ولازالت ولادة تلك المشروع متعسرة.
٢- مشروع الزامية مرحلة رياض الأطفال الذي كنت عضوا فيه، واستمرت فرق عمله لعامين دون خروجه للنور رغم الجهود المبذولة من قبل فرق العمل.
٣- مشروع تعدد مسارات التعليم الثانوي الذي تم إلغاؤه في ٢٠١٤م.
٤- مشروع برنامج ريجيو إميليا الذي ادرج ضمن مهام المكتب التنفيذي في ٢٠١٣ ولم يرى النور.
٥- مشروع تطوير الادارة المدرسية الذي يهدف لجودة الادارة المدرسية وبيان اختصاصات ومهام مدير المدرسة في مجالات المنهج والهيئة التدريسية والعاملين في المدرسة والمتعلمين والعلاقات والاتصالات داخل المدرسة.الذي لاتزال معاييره تراجع مع البنك الدولي.
وكوني مستشارا تربويا لدى الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتعليم تقدمت بدراسات وأبحاث لتفعل من دور المجلس الأعلى للتعليم ، لا من خلال لجان التي تقدم تقارير . بل من خلال دراسات محكمة وذلك من خلال ايجاد طرق وآليات لعمل مكتبه التنفيذي وعلاقاته بقطاعات الوزارة الأخري ، لكن صدمت بامكانات الأمين العام للمجلس الأعلى للتعليم المتواضعة الذي لم يستوعب تلك الدراسات ناهيك عن طرق البحث العلمي ، لذلك لم ترى هذه الدراسات النور. وسأعمل عليها قريبا باذن الله.
وللأسف الخلل لدينا في وزارة التربية لايكمن في المشاريع والخطط والبرامج بقدر ما يكمن في فهم واستيعاب بعض القيادات لمجريات العمل التربوي وديناميكته، فهم بعض من القيادات التي لا تتطوّر وتريد من الآخرين كذلك. كما تعتقد أن نجاح الآخرين فشل لها. وأن اسهامات الآخرين نقص في عملها .
وأحب أن أوضح أن لدي العديد من المشاريع التربوية التى سأركز بها على جودة القيادة والادارة التربوية والتي سأتقدم بها مباشرة لمعالي وزير التربية لتحسين جوانب عديدة في الإدارة التعليمية والتربوية والمنظومة التربوية ككل والله المستعان .
د.محمد عبدالله العتيبي
مستشار تربوي الامانة العامة للمجلس الاعلى للتعليم
تعليقات