الأمن القومي العربي لم يعد له وجود وصار دعاية ساذجة .. كما يرى سلطان الخلف
زاوية الكتابكتب إبريل 19, 2018, 11:35 م 571 مشاهدات 0
الانباء
مسرحية هزلية روسية أميركية في دوما
سلطان الخلف
لا يخفى أن الضربات الصاروخية الأميركية على المنشآت الكيماوية لنظام البعث الطائفي في سورية لا تخلو من كونها مسرحية هزلية من إخراج أميركي ـ روسي.
فهذه العملية العسكرية لم تمس مجرم الحرب الذي يمثل رأس النظام السوري الذي أمر باستخدام تلك الأسلحة الكيماوية المحظورة في دوما ولا قواعده العسكرية أو طائراته المروحية التي انطلقت منها محملة ببراميل غازات الموت، ولا كبار القادة العسكريين الذين نفذوا تلك الغارات.
لقد كانت الضربة حقاً مسرحية هزلية شكك في جدواها الكثير من المحللين السياسيين حتى عامة الناس سخروا منها واعتبروها حقاً بمنزلة رفع الحرج وحفظ ماء وجه الولايات المتحدة التي تريد أن تظهر أمام العالم بأنها ضد استخدام السلاح الكيمياوي مع أن تلك العصابة استخدمت السلاح الكيمياوي في العديد من المرات منذ اندلاع انتفاضة الربيع السوري وتجاوزت الخط الأحمر الذي رسمه لها الرئيس أوباما بضرب الغوطة الشرقية بغاز السارين عام 2013 وسقط المئات قتلى خنقا من ذلك الغاز، ثم ارتكبوا جريمتهم في خان شيخون العام الماضي وأزهقوا أرواح العشرات غالبيتهم من الأطفال والمئات من المصابين وكان الرد الأميركي فاترا، حيث قصف مطار الشعيرات بصواريخ بصورة استعراضية بعد أن تمت إحاطة الروس بذلك لتفادي وقوع إصابات بين جنودهم وطائراتهم الحربية وبنفس الطريقة التي قصفت بها المنشآت الكيماوية قبل أسبوع، أي أن الروس والنظام البعثي قد أحيطوا علماً بالهجوم وأعطي النظام فرصة لنقل طائراته وبراميل الغاز إلى مناطق آمنة لعله يستخدمها في المرات القادمة إذا تطلب الأمر لحسم أي مواجهة مع المعارضة الشعبية السورية.
وما نراه اليوم من تراشق إعلامي بين الولايات المتحدة وروسيا بعد الهجوم المسرحي على المنشآت الكيمياوية لا يعدو كونه مسرحية هزلية أخرى، فالروس ماضون بسياستهم في دعم نظام البعث الطائفي عسكريا وسياسيا وفي التغطية على جرائمه في سورية والأميركان لا يرون مانعا في ذلك، فقد اتفق الاثنان على تنسيق مواقفهما ومصالحهما في كل من سورية والعراق وغض الطرف عن الوسائل التي تتحقق فيها تلك المصالح لتنكشف حقيقة الموقف الأميركي أمام حلفائه العرب عما يحدث في سورية مقارنة مع الموقف الروسي الداعم لنظام العصابة البعثي بكل الوسائل بما فيها السلاح الكيمياوي.
ومن العجيب أنه بعد كل هذه الاعتداءات وتوافر الأدلة القطعية باستخدام النظام السوري غاز الأعصاب ضد الشعب السوري لم يتوصل الأميركان وحلفاؤهم الأوروبيون ذوي المشاعر الإنسانية الجياشة إلى حقيقة أن النظام السوري هو مجرم حرب يمكن إدانته بسهولة وملاحقته قانونيا وهي سابقة خطيرة تشجع الأنظمة القمعية على إنتاج واستخدام السلاح الكيماوي ضد شعوبها.
أما الأمن القومي العربي فلم يعد له وجود وصار دعاية ساذجة يلوكوها الساسة ويشمئز عند سماعها المواطن العربي وهو يرى سورية تستباح وتدمر من قبل القوى الكبرى وتوابعها من الأقليات الكردية الشيوعية والمرتزقة الطائفيين التابعين للنظام الإيراني بينما يقف العرب مكتوفي الأيدي وخارج التغطية عما يحصل على الأرض السورية التي هي جزء لا يتجزأ من أمنهم القومي.
***
لا فرق بين نظام البعث العراقي وشقيقه البعث السوري. الأول استخدم السلاح الكيماوي في حلبجة ضد الأكراد والثاني استخدمه لمرات عديدة ضد الشعب السوري في الغوطة الشرقية وفي خان شيخون وأخيرا في دوما. والاثنان تسببا في كوارث للعرب.
فالبعث العراقي تسبب في احتلال أميركي للعراق وتحويله إلى دولة طائفية أما البعث السوري فقد دعا الروس وإيران لاحتلال سورية وسمح بتوافد الميليشيات المرتزقة الطائفية على أرضها وأطلق لها العنان بقتل الشعب السوري وتدمير مدنه وبلداته.
وكلاهما يستخدمان شعار (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) ومع ذلك فالاثنان يكرهان بعضهما حتى الموت.
ارتاح العرب من زوال نظام البعث العراقي وينتظرون زوال البعث الطائفي السوري وهو لا محالة زائل ولا يمكن استمراره بعد جرائمه الوحشية التي ارتكبها في حق سورية وشعبها العربي.
تعليقات