القدر المتيقن من المشهد في سورية هو استمرار أميركا في استنزاف الأموال العربية بأقل جهد ممكن.. برأي حسن جوهر
زاوية الكتابكتب إبريل 9, 2018, 11:52 م 598 مشاهدات 0
الجريدة
زوايا ورؤى- تغريدة حرب!
د. حسن جوهر
كما كان متوقعاً فقد أصدر الرئيس الأميركي حكمه النهائي على استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي، كما أصدر قراره بأن الرئيس السوري سيدفع ثمناً باهظاً على ذلك، ومع أن فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تحمست واقتنعت بالحكم الأميركي هذه المرة دون بقية الحلفاء الغربيين كالعادة، إلا أن تغريدة ترامب بشأن ضرب سورية عسكرياً ستضعه وإدارته ومنطقة الشرق الأوسط وربما العالم في ورطة كبيرة، وبغض النظر عن التهمة الكيماوية الأخيرة ومدى صدقيتها ومواءمتها السياسية، فإن تراجع الرئيس الأميركي عن وعده قد يعرضه إلى حرج كبير ويكرس صورته كنمر من ورق، والرئيس يكفيه سلسلة الفضائح التي تلاحقه منذ حملته الانتخابية إلى اليوم.
أما تنفيذ ترامب لوعده بالانتقام لأطفال سورية، وهو الذي أعلن بشكل فجائي الانسحاب من الأراضي السورية بأسرع ما يمكن، فبالتأكيد سيضع المنطقة ومساحة كبيرة من العالم على كف عفريت الحرب، خصوصا في ظل التهديدات الروسية بالرد في حال استهداف حليفها السوري، وعندها ستكون منطقتنا العربية في مشهد لا يحسد عليه.
مهما كانت رعونة الرئيس الأميركي وقراراته المرتجلة فإن الكثير من المحللين الأميركيين وغيرهم يرون أن قواعد اللعبة الدولية وقرارات الحروب الشاملة لا يتحكم فيها الرئيس منفرداً، وخصوصا في ظل وجود مؤسسات عملاقة كوزارة الدفاع البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الـ'سي آي إيه'، وبناءً على ذلك فقد يكون خيار الحرب الشاملة واحتمال تحولها إلى مواجهة كونية غير مرحب فيه رغم احتمالات التصعيد ومفاجآت عالم السياسة.
وفق هذا المنظور كيف يمكن التفسير أو التنبؤ بما سيقدم عليه السيد دونالد ترامب؟ فالنظام السوري وبعد حسم المعارك الميدانية وآخرها الغوطة الشرقية لا يمكن أن يسقط بفعل ضربات أميركية وإن كانت شديدة دون تحرك على الأرض وزحف على العاصمة دمشق، وحتى هذا الخيار الصعب يعتبر بمثابة خط أحمر روسي، كما أن معظم الميليشيات المسلحة قد انهارت تقريباً، ويصعب تكليفها بمثل هذا الدور الرئيسي الخطير، فيظل هذا الاحتمال مستبعداً في الوقت الحاضر.
الاحتمال الآخر أن تقدم أميركا وبمساعدة فرنسا على ضربات محدودة ضد أهداف سورية كنوع من إسقاط التكليف السياسي ومنها توجيه رسالة إلى المعارضة السورية مفادها أن الغرب لم يتخلَّ عنها، ومنها إنزال عقوبة بحق النظام في سورية وحلفائه وإلحاق خسائر إضافية أملاً في إضعاف مرحلة ما بعد الحرب واستفادة أصدقاء سورية من ثمار التحالف الجديد وبناء استراتيجية مستقبلية.
لكن القدر المتيقن من كل هذا المشهد هو استمرار أميركا في استنزاف الأموال العربية وبأقل جهد ممكن، ويبدو أن شهية الرئيس ما زالت نهمة إلى المزيد، ولذلك يخرج بين فترة وأخرى بمسرحية جديدة ليطالب بفاتورتها المالية.
التساؤل القادم هو في حالة انتهاء أزمة دوما، كما يبدو من الأنباء الواردة حول الاتفاق على خروج آخر المسلحين منها: من سيكون ألعوبة الرئيس الأميركي وضحيته القادمة لاستمرار مقولته الشهيرة 'بليونز أند بليونز أند بليونز؟!.
تعليقات