أزمة المجتمع تتمثل عدم اعترافه بأنَّه أسلم تربية أبنائه لكل مستحدث يظهر في وسائل التواصل الاجتماعي.. برأي محمد السداني
زاوية الكتابكتب إبريل 6, 2018, 11:41 م 676 مشاهدات 0
الراي
سدانيات- ربوا عيالكم...!
محمد السداني
ضجَّت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بنقاشات لا نهاية لها عن موضوع «الفاشينستات» وصورهم التي ملأت الشوارع، حيث انقسم المجتمع بين مؤيد لوضع صورهم في الشوارع، وبين معارض يرى أنهم خطر على الأخلاق والقيم... وهذا الأمر يدعونا إلى التوقف قليلاً عند هذا الصراع الفكري بين أفراد المجتمع، والذي يرى أن هناك خطرا محدقا يتربص أبناءه وبناته، إننا نعيش في مجتمع يعشق إطلاق الاحكام والتصنيفات، ولا يعترف بأخطائه مهما كانت الأسباب.
إنَّ اتهام ما يسمى «بالفاشينستات» بأنهم سبب هلاك المجتمع وضياع الأبناء هو انسلاخ من المسؤولية الأسرية الملقاة على عاتق كل فرد. فلو أمعنّا النظر قليلا سنجد أننا من صنعنا هذه الشخصيات سيئة كانت أو جيدة بمتابعتنا إياهم، وتضخيمنا لحساباتهم الاجتماعية والبنكية، فما كان هؤلاء يستطيعون الوصول إلى ما وصلوا إليه إلا عن طريقنا وسماحنا لأبنائنا وبناتنا بمتابعتهم، ومن ثمَّ نأتي لكي نمتعض من وجود صورهم في شوارعنا وفي وسائل التواصل الاجتماعي.
إنْ كانت هذه الظواهر لها أثر على أبنائكم، فالأولى والأجدى والأوجب أن تربوا أبناءكم جيدا وتكونوا لهم خير قدوة وخير مثال يحتذى به في الحياة، وأن تتابعوا أنشطتهم في وسائل التواصل الاجتماعي بما يكتبون وينشرون ليلاً ونهاراً. فالتنشئة السليمة للأفراد ستكون هي الطريق الأمثل لحفظ الفرد، لا المهاجمة الدائمة في وسائل التواصل الاجتماعي ومجلس الأمة والدواوين لكل شاردة وواردة، وكأنَّ أبناءكم كانوا يسيرون على درب صعود القمر وأخرتهم لوحات الدعايات التي ملأت الكويت عرضاً وطولاً.
إنَّ أزمة المجتمع في عدم اعترافه بأنَّه أسلم تربية أبنائه لكل مستحدث يظهر في وسائل التواصل الاجتماعي، وترك أبناءه يعيش حياة يملؤها الصراع بين الشهوات والرغبات التي قتلت الكثير من الطموح، فترى الابن يريد أن يعيش حياة فلان المشهور الذي يتنقل بين البلدان تنقله بين المناطق السكنية، ويلبس كل يوم ساعة بآلاف الدنانير. فالدكتور والمهندس والمدرس أصبحت مهنا لا قيمة لها أمام سيل الأموال المتدفق من الدعايات على «السناب شات» وغيره، وهذا بالطبع لا علاقة له بالمشاهير بحد ذاتهم، بل التعويل الكبير يقع على عاتق الأسرة التي من المفترض أن تربي أبناءها وتحفظهم قيميا وأخلاقيا وفكريا وثقافيا، وأن يفهم مفهوم التربية بشكله الصحيح بعيدا عن مفهوم الرعاية الاجتماعية «أكل وشرب ونوم».
والأخطر من ذلك كله، بأن نسكت عن هذه الأزمة التربوية في المجتمع ليخرج لنا جيل كامل لا علاقة له بالتربية ولا الأخلاق، إلا من رحم ربي، فيكون قد تثقف على يد فلان وفلانة، وأن يتزوج بطريقة فلان وفلانة، وأن يعيش ويتطلق بطريقة هؤلاء الافتراضيين الذين يصورون حياة مزيفة للجمهور لكي يستمروا في حصد المزيد من الأموال من السذج الذين يصطفون طوابير طويلة لكي يحصلوا على عطر فلانة وعصير فلان وشطيرة فلان، فنسأل الله السلامة إذا وصلنا إلى هذا الحال.
تعليقات