من هو المتنمّر؟.. عبد العزيز الكندري متسائلا
زاوية الكتابكتب مارس 26, 2018, 11:54 م 1022 مشاهدات 0
الراي
ربيع الكلمات- من هو المتنمّر؟
عبد العزيز الكندري
التنمر يأتي نتيجة البيئة والتربية والتنشئة، حيث يولد الطفل ليس عنده مشكلة مع أحد ويحب كل الناس والأجناس. ليست لديه حواجز وهمية تدل على العنصرية والتنمر، ولكن مع التربية والتنشئة تبدأ تتشكل عنده الصفات المختلفة، سواء كانت محمودة أو مذمومة، والتنمر منها.
ويعرف التنمر بأنه: «هو ذلك السلوك العدواني المتكرر الذي يهدف إلى إيذاء شخص آخر جسديا أو معنويا من قِبل شخص واحد أو عدة أشخاص وذلك بالقول أو الفعل للسيطرة على الضحية وإذلالها ونيل مكتسبات غير شرعية منها».
كيف تعرف أنك شخص لديه تنمر؟
المتنمر هو ذلك الذي يحقد على الآخرين ويحتقرهم للونهم أو جنسهم أو أصلهم أو وظائفهم. ولعل المهاترات التي تجري ليل نهار في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، خير مثال على ذلك، فهذا يحتقر الوافد وذاك يتحدث عن الآخرين بسوء، وثالث يجير مجموعة من حسابات التواصل الاجتماعي من أجل شتم الآخرين... والمجتمعات المتطورة لا تجد عندها هذه الخرافات والخزعبلات، لأن قيمة الإنسان لديهم في ما يحسّن ويجيد من عمل لذلك تجدهم تقدموا كمجتمعات. ونحن كمسلمين يأمرنا الإسلام بالتعاليم السمحة مثل التسامح وينهانا عن الأخلاق السيئة مثل العنصرية، وميزان التعامل مع الآخر هو التقوى والأخلاق كما قال تعالى «إن أكرمكم عند الله أتقاكم».
التنمر على الآخرين هو نتيجة طبيعية لفقدان التربية. والغريب أن تجد من عليه سيماء الصلاح يمارس العنصرية والتنمر على الآخرين، وهؤلاء المساكين الذين يمارس عليهم التنمر لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم... وهذا ليس من شرف الخصومة في شيء.
يا من تتنمر وتمارس العنصرية على الآسيويين: هل تستطيع أن تصل لمثل ما وصلت إليه سنغافورة مثلاً؟ وللعلم كانت جزيرة بلا موارد طبيعية، وهي أصغر من جزيرة بوبيان الكويتية، وبها شعب خليط من مختلف الأعراق والأجناس من الصين والهند. واليوم تعتبر سنغافورة، خامس أغنى دولة في العالم من حيث احتياطي العملة الصعبة، وأكثر البلدان استقراراً سياسياً في آسيا، وفق تقرير التنافسية العالمي.
ويا من تتنمر على الأتراك: هل تستطيع أن تصل لمثل ما وصلوا إليه من تقدم وصناعة اقتصادية وعسكرية وتنمية بشرية، والآن أصبحت تركيا في مصافي الدول الاقتصادية والعسكرية القوية والكبيرة؟
العالم تغير وسيتغير أكثر، والتنمر أصبح جزءاً من الماضي في المجتمعات المتقدمة التي تتعامل وتقدم الأكفأ، كما هو حاصل مع عمدة لندن المسلم، وهو من أصول باكستانية ومع ذلك فاز بأصوات الناخبين. أو مهاجرة ولاجئة في فرنسا أصبحت وزيرة، وهندي يرأس أكبر شركة تكنولوجيا... هذه شعوب حية ودعت التخلف ولكن ما زلنا نحن نمارسها مع الأسف وتحت مسميات مختلفة.
ومن نافلة القول، اننا لو أردنا محاربة التنمر والعنصرية فيجب علينا نشر التسامح وإشاعة مبادئه بين الناس، إنها ثقافة مهمة للتعايش بين الناس داخل المجتمع الواحد. ولو تأمل المرء لوجد أن القواسم المشتركة أكثر بكثير من التقاطعات والاختلافات، والتسامح هو التغيير والتأثير بالقناعات للوصول إلى أرضية مشتركة، وإننا بأمس الحاجة لتأصيل لغة الحوار حتى بين المتخاصمين، لأن ما يجمعنا أكبر بكثير من الذي يفرقنا من القيم الإنسانية... وهو يعتبر التمهيد وبوابة التسامح لأنه من خلال الحوار الفعال نستطيع أن نتفهم وجهة نظر الآخر خصوصا من الذين يحملون معتقدات مغايرة بدل أن نتنمر عليهم.
وكشفت دراسة أعدها الباحث البريطاني بول هوسفورد ونشرت في صحيفة «ذي جورنال»، أن ايرلندا احتلت المرتبة الأولى كأكثر الدول التي تطبق تعاليم الديانة الإسلامية، ثم الدنمارك، فالسويد في المرتبة الثالثة. وشمل البحث 208 دول، غابت فيها الدول ذات الغالبية الإسلامية من السكان عن قائمة أفضل 25 بلداً تطبيقا للإسلام.
تعليقات