عبد اللطيف الدعيج يكتب.. يبيعون بضاعتهم بالقوة
زاوية الكتابكتب مارس 26, 2018, 11:50 م 776 مشاهدات 0
القبس
يبيعون بضاعتهم بالقوة
عبد اللطيف الدعيج
يوم امس كتبنا ان من حق وزارة الاوقاف – وغيرها في الواقع – ان تعبر عن رأيها، طالما انه مجرد رأي، عرضة للنقاش والانتقاد. المشكلة ان وزارة الاوقاف، وغيرها من المناصرين للموروث والتراث، ليست معنية بشكل اساسي مثلنا بالتعبير عن رأيها وعرض وجهة نظرها… ولكنها معنية بفرض وجهة النظر هذه على الغير واجبارهم على الاستماع اليها، بل والعمل او الاخذ بها من دون مناقشة او اعتراض.
كل المؤيدين للامس والمتمسكين بتقاليد وافكار وعقليات الماضي يعتقدون بقوة بأن من حقهم ان يطنطنوا وان يلعلعوا بما يعتقدون…. لكن ليس من حق من لا يتفق معهم ان يرد. ليس هذا وحسب، بل ليس من حقه ان يصم اذنيه او ان يتجاهل زعيق وضجيج عشاق الامس.. عليه ان يسمع وان ينصت بالقوة. فالدولة والمجتمع معنيان بنشر وتعميم معتقدات عشاق الامس والماضي التليد.
ليس من المفروض ان نعترض على تعبير شيوخ وزارة الاوقاف عن رأيهم. فمن حقهم ان يشتموا وان يلعنوا الكفار واليهود والنصارى وكل من يخالفهم الرأي، طالما ان هذا معتقدهم. ولكننا نعترض على الحرص على ان يكون ذلك في العلن وباستخدام كل وسائل التكنولوحيا الحديثة – التي صنعناها نحن الكفار – وعلى اجبارنا على الانصات والاستماع لمعتقدات الوزارة ومن يواليها من عشاق الامس.
ميكروفونات خطباء وزارة الاوقاف تدخل بقوة، وبالقوة، كل بيت.. وتوقظ النائم من غرقة نومه لتسمعه شتائمها وسبابها له ولمن على شاكلته. بالقوة عليك ان تسمعهم يشتمونك، واذا ابديت رأيا في احد معتقداتهم او «تابوهاتهم»، وما اكثرها واكثرهم، جرجروك للمحاكم والسجن… فكل معتقداتهم، بدءا بما يؤمنون به وانتهاء بما اختلقوه ولفقوه، كلها محصنة ومحرم التعرض لها بموجب قانون المطبوعات الذي تفاخر بعض فطاحلة المجلس بالغاء عقوبة الحبس فيه على الجرائم السياسية والاقتصادية وابقوا غيرها، اي الاجتماعية والعقائدية، على حالها وزادوها تحصينا.
حرية الرأي واحدة، فليس هناك رأي اقتصادي ورأي سياسي إلا في عقول المتزلفين والمتفيقهين قانونيا. فكل آرائنا ومفاهيمنا تعود اصلا الى جذورها الاجتماعية او الدينية.. الاقتصاد او السياسة لا يخلقان آراء… الواقع، اي علاقاتنا الاجتماعية، هو ما يخلق الآراء، وهذا ما يجتهد كل المتخلفين لـ«المحافظة» عليه.
تعليقات