أزمة بعض دول مجلس التعاون الخليجي مع ايران هي في حقيقتها أزمة ثقة مزمنة .. بوجهة نظر ناصر المطيري
زاوية الكتابكتب مارس 20, 2018, 11:47 م 940 مشاهدات 0
النهار
خارج التغطية- إيران وعقدة النفوذ المذهبي والسياسي في الخليج
ناصر المطيري
أزمة بعض دول مجلس التعاون الخليجي مع ايران هي في حقيقتها أزمة ثقة مزمنة كلما حاولت ايران ترميمها نقضتها بعض المواقف والسياسات والتصريحات التي تستفز الجانب الخليجي فتتلاطم أمواج الخليج بتوترات وأزمات متتالية. وان تأصيل اشكالية العلاقة بين دول الجوار الاقليمي يعود في أساسه لصراع حضاري وديني بين العرب الفرس والارث التاريخي من التنافس وصراع النفوذ والمصالح.
ولو تتبعنا تاريخيا السلوك السياسي للدولة الفارسية تجاه محيطها الاقليمي لوجدنا أن ذلك السلوك يحكمه عاملان، أولهما تصور التفوق الحضاري والقومي وثانيهما النزوع الى التمدد الامبراطوري لحضارة فارس، وان هذين العاملين كان لهما تأثيرهما العميق وبعيد المدى على العلاقات العربية - الايرانية الحديثة، خاصة في مرحلة ما بعد استقلال الدول العربية وحضورها ككيانات مستقلة في الفضاء الاقليمي الشرق أوسطي.
لذلك يرتكز القرار السياسي في طهران على عنصر القومية الفارسية والاعتزاز بها، وعنصر المصلحة التي تبقى هي العامل الرئيس الحاكم لصنع القرار، وكذلك البعد الديني، وفي اطار تلك المرتكزات يمكن أن نلمح وجود نوع من التنسيق بين الولايات المتحدة وايران حيال «داعش»، كما أن تلك المرتكزات ستدفع على الدوام بالنظام الايراني الى تحقيق مزيد من النفوذ في المنطقة الذي يكفل بدوره استمرارية هذا النظام، وحمايته من التعرّض للمخاطر، ولعل أوضح شاهد لذلك النفوذ الايراني المهيمن على العراق بمباركة أميركية.
اذن وحده هو العبء المذهبي الذي يصنع العوامل الحاكمة للسياسة الايرانية تجاه دول الخليج والعالم العربي وهو الذي يجعل ايران من أكثر الدول اثارة للجدل في منطقة الشرق الأوسط، نظرا للتصور الموجود حول تأثيرها. يرتبط هذا التأثير بعاملين أساسيين، ألا وهما الجغرافيا السياسية والدين. بناء على ذلك تبقى الهيمنة المستندة الى الجغرافيا السياسية ومن بعدها المذهب، العاملان الأكثر تأثيرا في تشكيل سياسة ايران تجاه الخليجيين والعرب.
المعضلة الخليجية مع ايران اليوم والتي تعزز التفوق الايراني في المنطقة تكمن - في رأينا - في السياسات المنفردة لدول مجلس التعاون مع ايران، حيث لا توجد سياسة واستراتيجية لمنظومة خليجية موحدة في التعامل مع ايران، فكل ما هو قائم علاقات ثنائية بين ايران وكل دولة خليجية على حدة لذلك نجد تبايناً في الرؤى والسياسات الخليجية تجاه ايران، هذا التباين يعطي الايرانيين هامشاً من المناورة الدبلوماسية باستغلال المساحات الفارغة في الملعب الخليجي!
تعليقات