القوانين اصبحت نافذة سهلة للحكومة حتى من بعض النواب للقفز على روح الدستور.. برأي خالد الطراح
زاوية الكتابكتب مارس 16, 2018, 11:39 م 841 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة-الحريات بعين الحكومة!
خالد الطراح
استوقفني خبر لـ القبس (2 – 3 – 2018) عن «شروط الحكومة» مقابل حضور جلسة مجلس الامة حول الحريات، خصوصا «عدم المساس بالوزراء السابقين او ممارسة التجريح السياسي لشخوصهم».
مفهوم الحكومة للحريات والديموقراطية كما هو واضح بعيد كل البعد عن الدستور الذي كفل «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره او الكتابة او غيرهما، وفقا للشروط التي بينها القانون» (المادة 36)، اضافة الى المادة 37 حول «حرية الصحافة والطباعة والنشر».
هذا الامر بات يصاحبه جدل سياسي عقيم يسيطر على الساحة الى درجة انتقاله الى اروقة المحاكم من مختلف الاركان والمصادر، لكن يبدو ايضا ان مفهوم التجريح السياسي اصبح مبهما او مغيبا لدى الحكومة!
الشروط الحكومية، ان صحت وهي غير مستبعدة، ليس لها سند دستوري بشكل عام، فالتجريح السياسي اساسا له تاريخ صاحب المسيرة البرلمانية الكويتية منذ عشرات السنوات وتحديدا في الاستجوابات لأعضاء السلطة التنفيذية، فالاستجواب هو تغليظ في المساءلة البرلمانية، وهو يعتبر، ايضا، تجريحا سياسيا لأداء الوزير المستجوب وسياسة الحكومة ككل، لكن كثافة عدد الاستجوابات ونجاة بعض الوزراء من طرح الثقة جعل الحكومة تعيش وهم النجاح من دون مراعاة طبيعة وأبعاد المساءلة السياسة وما يصاحب بعضها، وطبعا ليس جميعها، فبعض الاستجوابات ربما تكون نتيجة انقلاب بعض النواب الموالين للحكومة اساسا بسبب تعثر مصالحهم، وشبه انذار محدود منهم للحكومة، وهذه الممارسة لا تنطبق على كل الاستجوابات الرصينة التي تصب في المصلحة العامة ليس كما تراها الحكومة وإنما كما حددها الدستور، ووقائع تمثل تجاوزا دستوريا في سياسات حكومية!
يبدو ان الحكومة تحصنت معنويا من التجريح السياسي حتى بلغ فيها اليوم اشتراط مناقشة قضية الحريات التي تمس ابسط حقوق المواطن والمواطنة، فالمناقشة العميقة تفسرها الحكومة مساسا بشخوص الوزراء الحاليين والسابقين ايضا، وهو كما يبدو اصبح من المحظور بعين الحكومة!
تاريخيا، كانت هناك نزعة لدى الحكومة في النفور من اي استجواب لشيخ من اعضاء الحكومة والقبول في استجواب الآخرين من الوزراء، لكن اليوم تساوى الجميع بعين السلطة الحكومية بالنسبة حتى للوزراء السابقين، ربما من باب التقدير والحماية، لكنها في الواقع ممارسة تمثل وصاية على الديموقراطية بخلاف ما نص عليه الدستور، لذا اصبحت الحكومة اكثر تركيزا على نصوص القانون وليس الدستور!
القوانين اصبحت نافذة سهلة للحكومة حتى من بعض النواب للقفز على روح الدستور، فمن خلال اختراق بعض لجان مجلس الامة ومساومات لم تعد خفية بات عمل الحكومة اكثر بساطة من السابق حين كانت تختنق الحكومة في ثوان من نواب يجيدون تغليظ المساءلة حفاظا على مكتسبات دستورية يبدو ان لها اكثر من تفسير عند الحكومة وممثليها في حكومة الظل النيابي.
تعليقات