حسن علي كرم يدعو الحكومة إلى إعادة الاعتبار للأخوين اليهوديين داود وصالح عزرا

زاوية الكتاب

كتب 1466 مشاهدات 0



 


 
 
 
 هل تعيد الحكومة الكويتية الاعتبار (للأخوين) الكويتي؟! 

للمرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح الحاكم الأسبق للكويت سامرية، من أجمل السامريات التي تغنى بكلماتها المطربون الكويتيون وهي بعنوان (البارحة عيني جزت يا سعود) من بين كلمات هذه القصيدة (السامرية) نقرأ هذا البيت من الشعر:

أفرح إلى دق الوتر داود

لي شال فنه ما تملونه

وداود هذا اللي يقصده الشيخ أحمد في قصيدته هو داود بن عزرا الشقيق الأصغر لصالح بن عزرا اليهودي الكويتي. وهما الاخوان الفنانان اللذان تلقيا المبادئ الاولى للعزف على العود والغناء على يد المرحوم خالد البكر الفنان الكويتي المعروف والشقيق الأكبر للفنان المرحوم يوسف البكر ثم انطلق الاخوان عزرا من الكويت إلى البصرة ومنها إلى بغداد التي كانت تعج في عقد الثلاثينيات والاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي بألوان الفنون لاسيما الغناء في القصور الملكية والاذاعة الرسمية والملاهي. وكان الاخوان داود وصالح عزرا الكويتي يصاحبان المطربين الكويتيين (عبداللطيف الكويتي ومحمود الكويتي وعبدالله فضالى وملا سعود المخايطة «الكويتي») وغيرهم من مطربي ومغني ذلك العصر) ومن مطربي البحرين (محمد بن فارس وضاحي بن وليد ومحمد زويد وغيرهم) في العزف على العود وعلى الكمان عندما كان يقوم هؤلاء المطربون بتسجيل اغانيهم على اسطوانات (حجرية) سواء في بغداد أو في عواصم اخرى مثل القاهرة وبومبي والبحرين. وكان الاخوان عزرا «داود وصالح الكويتي» إلى جانب مصاحبتهما بالعزف على العود والكمان مع المطربين الكويتيين والبحرينيين يقومان ايضا بالغناء وبالتلحين ولهما ألحان جميلة وخالدة وإلى الان تتردد أعمالهما على شفاة المطربين الحديثين مثل اغنية (قلبك صخر جلمود ما حن عليّ) والتي اعجبت بلحنها سيدة الغناء العربي المرحومة أم كلثوم لدى زيارتها بغداد لكنها وجدت صعوبة في غناء اللحن. وايضا اغنية العين هلت دمعها واغنية يا ناعم العود يا سيد الملاح وهاتان الاغنيتان الاخيرتان مشهورتان جدا في الكويت والخليج وقد قام بغنائهما الكثير من المطربين الكويتيين.

ولكن في مطالع الخمسينيات من القرن الماضي ترك الاخوان داود وصالح عزرا الكويتي وعائلتهما بغداد فهاجرا الى اسرائيل اثر المضايقات وترحيل اليهود من البلدان العربية. وفي اسرائيل التي كانت في طور انشاء الدولة وجد الاخوان داود وصالح الكثير من الصعوبة للتأقلم مع مجتمعهم الجديد الذي جاء مهاجرا من شتى بقاع العالم. يقول شلومو بن صالح الكويتي في احدث تصريح صحافي له بمناسبة اطلاق اسم الاخوين «صالح وداود الكويتي» على أحد الشوارع في تل ابيب «والدي مؤسس الموسيقى الوطنية الحديثة في العراق ابان ذلك الوقت وقد عاش في الكويت هو واخوه داود فاطلق عليهما صالح وداود الكويتي». ويضيف شلومو انه بسبب المعاداة لانشاء الدولة اليهودية من قبل العراقيين اضطر والدي وعمي الى الهجرة إلى اسرائيل حاملين معهما خيبة الأمل لترك وطنهما وتراثهما وزاد مأساتهما رفض الاسرائيليين لموسيقاه العراقية لانها كانت تمثل موسيقى الاعداء. وبدلا من ان يقوما بالعزف في المسارح الاسرائيلية اصبحا يعزفان في حفلات الزواج واعياد الميلاد والاعياد اليهودية وسط مجموعة من الناس تلهو وتأكل وتشرب دون الاكتراث لعزفهما. إلا انهما فيما بعد قد نجحا في تكوين فرقة موسيقية والغناء في القسم العربي من الاذاعة الاسرائيلية. وكان لهما الى السبعينيات من القرن الماضي حفلة غنائية اسبوعية، حيث كانا يغنيان فيها من التراث العراقي والكويتي مثل المقام والبستة والاصوات والسامريات.. ولقد كنت انا شخصيا اتابع حفلاتهما تقريبا كل اسبوع من الاذاعة الاسرائيلية.

يهود الكويت لهم تاريخ جميل في هذا البلد. والمخضرمون الذين عاصروا تلك الفترة «الثلاثينيات والاربعينيات» لا يذكرون اليهود. حيث يقولون ان اليهود تركوا الكويت قبل نكبة فلسطين. وخروجهم من الكويت لم يكن بسبب النكبة وانما خرجوا لاسباب اخلاقية لانهم كانوا يصنعون الخمور فيما ينفي اخرون هذه الفرية ويقولون عنهم انهم كانوا اناسا طيبين وكانوا مجتمعا معزولا لا يختلطون بغيرهم وكانوا يشتغلون غالبا في اعمال البزازة «بيع الاقمشة» واما الاخوان عزرا «صالح وداود الكويتي» فقد ولدا وترعرعا في الكويت لكنهما غادرا الى البصرة ثم إلى بغداد لاسباب فتية بحثا عن الشهرة وتحقيق الذات..

لم تكن المرة الأولى التي تهتم فيها بعض صحافتنا المحلية بنشر اخبار ومتابعة حياة الاخوين صالح وداود الكويتي وتاريخ اليهود عموما في الكويت. ففي طي صفحات التاريخ الكويتي وفي طي صفحات الصحافة المحلية الكثير من الاخبار الخاصة بيهود الكويت. غير ان ما ميز هذه المرة عن غيرها بتناول حياة الاخوين صالح وداود الكويتي هو خبر اطلاق اسميهما على شارع في مدينة تل ابيب وهي العاصمة السياسية للدولة الاسرائيلية وخبر الاحتفال الذي اقيم أخيرا في لندن بمناسبة مرور مائة عام على ميلاد صالح الكويتي وهو الاحتفال الضخم الذي اقامه له ابنه شلومو هناك.

عندنا في الكويت الكثير من المطربين الذين حملوا لقب الكويتي «عبداللطيف الكويتي. محمود الكويتي. ملا سعود الكويتي». ولكن من المؤكد على الصعيدين العربي والعالمي لم ينالوا شهرتهم مثلما نال اليهوديان الاخوان الفنانان صالح وداود الكويتي. خصوصا ان ابناءهما واحفادهما عرفوا كيف يوظفوا تراث ابويهم صالح وداود الفني في الموضع السليم حيث سعوا الى جمع وطباعة اعمالهما في تسجيلات حديثة «C.D» وحفظها بشكل سليم ويكشف حفيد داود الكويتي ان لوالده ولعمه صالح ما يزيد على الـ 650 عملا فنيا من الحان واغان وقد بدأ شلومو بن صالح الكويتي بطباعة منشورات وتوزيعها على السكان يروي فيه تاريخ ابيه في حين بدأ المخرج الاسرائيلي جيلي جوان في اخراج فيلم وثائقي عن الاخوين الكويتي.

قطعا لن ندعو الحكومة الكويتية إلى اعادة الاعتبار للاخوين عزرا الكويتي ودعوة ابنائهما واحفادهما واسرهما للعودة بغية الاقامة في الكويت ومنحهم الجنسية الكويتية مثلما يتمتع يهود البحرين بالمواطنة الكاملة وحقوق متساوية. لاننا نعلم جيدا ان الحكومة الكويتية لن تفعلها ولا تفعلها ما دام الفكر الرجعي والفكر الاقصائي والفكر التكفيري والفكر التشكيكي لا يعشش إلا في ثنايا وعقل الدولة الكويتية وما دامت الجنسية الكويتية التي تم العبث في قانونها تظل محتكرة فقط على الاحباب والمقربين المسلمين «المؤمنين» دون غيرهم.. وليت تمنح الجنسية على اساس الكفاءة والعطاء والخدمة والابداع. فمثل ابراهيم دبدوب هذا المصرفي الفذ الذي خدم في القطاع المصرفي الكويتي قرابة خمسين عاما تحرم عنه الجنسية الكويتية فقط لانه مسيحي لكن يجنس آلاف الجهلة واشباه الجهلة والعاطلين والكسالى وغير المنتجين الذين يشكلون عالة على الدولة وعلى موارد الدولة لانهم مسلمون بالهوية...

يا أمة ضحكت من جهلها الأمم...!!

حسن علي كرم  

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك