القيادى الإخوانى د.عصام العريان:

عربي و دولي

تضامن العائلة الحاكمة والشعب في الجهود المبذولة للتحرير كان علامة مؤثرة في تاريخ الكويت

213 مشاهدات 0


* مشاركة الجميع في التحرير فرضت معادلة سياسية واجتماعية جديدة مازالت تتبلور في 'مجلس الأمة' بين الحكومة والنواب * تسبب الغزو فى انهيار منظومة الأمن القومي العربي ولم تلتئم حتى الآن أكد القيادى الإخوانى المعروف الدكتور عصام العريان فى مقال له نشره موقع المصريون بمناسبة ذكرى الغزو العراقى للكويت أن تضامن العائلة الحاكمة والشعب في الجهود المبذولة للتحرير كان علامة مؤثرة في تاريخ الكويت، وأن مشاركة الجميع في التحرير فرضت معادلة سياسية واجتماعية جديدة مازالت تتبلور في 'مجلس الأمة' بين الحكومة والنواب، وأن تسبب الغزو فى انهيار منظومة الأمن القومي العربي ولم تلتئم حتى الآن.. وفيما يلى نص المقال: كانت حياة 'صدام حسين' كلها مغامرات ، منذ مطلع شبابه حيث شارك في محاولة اغتيال الرئيس 'عبد الكريم قاسم' وفر هاربا إلا أن المغامرة التي كانت بداية النهاية وأدت إلى حبل المشنقة الذي أفلت منه سابقا هي 'غزو الكويت' في 2 أغسطس 1990م. للأسف لا تحتفظ النظم الديكتاتورية بمحاضر للجلسات أو نسخ للقرارات حتى يتسنى للباحثين دراسة الأبعاد الكاملة للقرارات الخطيرة والمدمرة. لكن ما نستطيع الوصول إليه هو الآثار الناجمة عن مثل تلك القرارات التاريخية سواء في الحرب أو في السلام ، ففي مصر مازلنا نجتّر آثار الحرب الفاشلة في يونيو 1967 بعد مرور 40 عاما عليها ولكن آثارها لم تتعد إلا قليلا الأبعاد المصرية والصراع مع العدو الصهيوني بل نتج عنها تضامن عربي غير مسبوق أدى في النهاية إلى نصر أكتوبر العسكري الذي أضاعه السياسيون. أما 'غزو الكويت' المشئوم فتعددت آثاره بالعراق والخليج إلى كافة أنحاء العالم فقد كان الأثر المباشر هو إنشاء تحالف دولي عريض لتحرير الكويت شجع الولايات المتحدة بعد ذلك على تشكيل تحالفات مماثلة لاحتلال أفغانستان ثم احتلال العراق. أولا: في الكويت :ـ كان الأثر المباشر للغزو والاحتلال المؤقت نفسيًا مازال الكويتيون يعانون منه حتى الآن ، ففقدان الأمن والآمان والشعور بغدر الأشقاء وخذلان الأقربين وعجز الأخوة وضرورة اللجوء إلى الغريب لإنقاذ البلاد شعور قاسي. ولازال الإحساس بأهمية مظلة حماية 'ما' هو الذي يسيطر على نفوس الحكام والنخب في كل الخليج وها هم يدفعون 20 مليار دولار لأسلحة أمريكية إلا أن استعادة الكويتيين لرباطة الجأش ونسج منظومة لتحرير البلاد وتضافر الجهود بين العائلة الحاكمة وبين الشعب الكويتي ومشاركة الجميع في الجهود المبذولة للتحرير، وبقاء الشجعان لمواساة الذين بقوا في الكويت وتقديم العون لهم رغم قوات الاحتلال كان علامة مؤثرة في تاريخ الكويت. ومن الآثار الإيجابية أن مشاركة الجميع في التحرير فرضت معادلة سياسية واجتماعية جديدة مازالت تتبلور في 'مجلس الأمة' بين الحكومة والنواب وفرضت المرأة الكويتية وجودها فكان مستحقا لها الحصول على حقوقها السياسية التي تأخرت كثيرًا. ثانيًا : انهيار منظومة الأمن القومي العربي:ـ تعرض الأمن القومي العربي لهزات شديدة منذ نكبة 1948 التي بلورت اتفاقية الدفاع العربي المشترك ، ولكن القاصمة كانت الغزو المشئوم ، فقد انكسرت وانهارت منظومة الأمن القومي العربي ولم تلتئم حتى الآن. لقد كان قدوم الأمريكان وحلفائهم لقيادة حرب تحرير الكويت بداية لمنظومة جديدة لحماية المصالح الأمريكية وليس لحماية الأمن القومي العربي. ومن مفارقات القدر أن الحزب الذي سعى إلى تحقيق الوحدة والحرية والاشتراكية للأمة العربية هو الذي فرض زعامته بقوة البطش وزرع الخوف وحصد رؤوس المنافسين وهي التي قامت بتدمير الأمن القومي العربي عبر مغامراتها التي انتهت أخيرًا بالغزو المشئوم. وهذا الانهيار هو الذي أدى بالتالي لآثار لا تقل كارثية على العراق والخليج والمنطقة العربية كلها وقد أدى ذلك إلى كفر بعض المثقفين العرب بالعروبة نفسها. ثالثًا : حصار وغزو واحتلال العراق وتدميره:ـ لم يكن العراقيون يتصورون أن تنعقد المؤتمرات لمساعدة اللاجئين العراقيين في دول العالم والذين بلغ عددهم أكثر من 4 ملايين ويتزايدون مع مرور الأيام. لجأ الكويتيون أو عشرات الآلاف منهم إلى الخارج أو بقوا في أماكنهم داخليًا وخارجيًا حتى أنكشفت الغمة وعاد الأمن والأمان والاستقرار فعادوا إلى بلادهم. أما هؤلاء العراقيون البائسون فهم لا يدرون إلى متى يبقون لاجئين؟ ولا إلى أي مكان يعودون؟ فقد يعودون إلى العراق بعد سنوات ولكنهم سيجدون عراقًا مختلفًا وقد يكون منقسمًا إلى دويلات ثلاث كردية في الشمال ، شيعية في الجنوب ، سنية في الوسط؟ وقد تتغير جغرافية المنطقة كلها فيلحق الجنوب بكيان آخر كما الشمال كما الوسط؟ كانت بداية النهاية لصدام وحلمه بزعامة الأمة العربية هي غزوه للكويت ولم يكن أحد يتصور ما ينشأ عنه من تداعيات كارثية على العراق نفسه الذي يكاد يصبح أثرًا بعد عين ، ويتحسر العرب والمسلمون على بلاد الرافدين ، بلد الخلافة العباسية وعاصمة الرشيد التي لا يأتينا منها إلا الأخبار المأساوية وأخبار القتل والتدمير ، وبعد أن كانت عاصمة الدنيا تنشر العلم والمعرفة في حكم المأمون أصبحت الآن تصدر العنف والتطرف والكراهية وتأوي الكارهين للعلم والمعرفة من كافة أنحاء العالم من أمريكا إلى استراليا. وفي نفس الوقت مأوى ومنطلقا للغاضبين الرافضين اليائسين من جدوى الإصلاح بالطرق أو المقاومة المشروعة بالطرق المشروعة للاحتلال البغيض. رابعًا : التشرذم العربي وحيرة العرب :ـ لا شك أن الآثار النفسية للغزو لم تقف عند حدود الكويت بل تعدتها إلى كل الأمة العربية. أصبح العرب في حيرة اليوم حول العلاقات العربية ـ العربية ، وتفجرت المشاكل الكامنة على الحدود البينية العربية والتي كانت خامدة ، وأصبح الشك هو الأصل في العلاقات بين الحكومات ، وساد اللجوء إلى الأجنبي لإقحامه في الشئون الداخلية للدول واستقدامه لفرض الديمقراطية أو حل المشكلات وخصصت أمريكا وفرنسا وبريطانيا مبعوثين دائمين للتدخل في كل بلد عربي.
القاهرة: الآن

تعليقات

اكتب تعليقك