عبد اللطيف بن نخي يكتب.. الدكتوران المنيف والمجرن

زاوية الكتاب

كتب 911 مشاهدات 0

د. عبد اللطيف بن نخي

الراي

رؤية ورأي- الدكتوران المنيف والمجرن

د. عبد اللطيف بن نخي

 

استجابة لدعوة كريمة من الاستاذ الدكتور حسين الأنصاري مدير جامعة الكويت، حضرت الاثنين الماضي ندوة بعنوان «مستقبل الدول النفطية: التحديات والمخاطر والفرص»، نظمها قطاع الأبحاث في الجامعة بالمشاركة مع وحدة الطاقة التابعة لمركز التميز في كلية العلوم الإدارية، وحاضر فيها، محافظ منظمة «أوبك» والأمين العام للمجلس الاقتصادي الأعلى في المملكة العربية السعودية سابقاً الدكتور ماجد المنيف.

الندوة تميزت بحسن تنظيمها، حتى في أدق تفاصيلها، ورقي مستوى حضورها، فإلى جانب مدير الجامعة ونوابه، حضرها عدد ملحوظ من خبراء الطاقة والبيئة، وكان من بينهم الدكتور سالم الحجرف والدكتور عبدالسميع بهبهاني والدكتور عبدالعظيم معرفي والمهندس أحمد العربيد. ولكن التميز الأهم في الندوة كان في سيرة المحاضر ومضمون محاضرته وفحوى رسالته.

وحسناً فعل رئيس وحدة الطاقة أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت الدكتور عباس المجرن عندما عرض على الحضور - في كلمته - نبذة عن خبرات وإنجازات المحاضر، التي كان من بينها تأليف كتابه المعنون «النفط بين إرث التاريخ وتحديات القرن الحادي والعشرين».

استعرض الدكتور المنيف، التحديات والمخاطر والفرص التي تواجهها البلدان النفطية في ظل توقعات الطاقة للعقدين المقبلين، حيث تناول في بداية محاضرته مدى تأثر الطلب الدولي على النفط وإنتاجه خلال السنوات المقبلة، وانعكاسها على دول الخليج العربية، بالتقدم التقني وانخفاض تكلفة الطاقات المتجددة والتطور في محركات السيارات التي تستهلك البنزين والديزل، والتحسن في كفاءة ومدى السيارات الكهربائية وذاتية القيادة، بالإضافة إلى التغيرات في أنماط وتقنيات التنقل داخل المدن.

وأوضح أن نمو الطلب المستقبلي على النفط سيكون متواضعاً بسبب مكاسب الترشيد في استهلاك الطاقة في جميع القطاعات المستهلكة وفي معظم دول العالم باستثناء دول الخليج التي ما زالت تعاني من استمرار هدر الطاقة بسبب استمرار انماط الاستهلاك التقليدي وتدني أسعار الطاقة مقارنة بمعظم الدول المنتجة للنفط.

كما تطرق الناطق إلى تحديات أخرى للدول المنتجة للنفط، وكان من بينها اتفاقية باريس لمكافحة تغير المناخ الذي أعد في نهاية عام 2015. وقال ان الالتزامات العالمية الناتجة عن الاتفاقية، بخفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري، تعتبر مدخلاً مشتركاً في جميع دراسات استقراء استهلاك النفط على المديين المتوسط والطويل. وأشار إلى أن هناك سيناريو مطروحا لخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، سوف يؤدي بالطلب العالمي إلى الذروة ومن ثم انخفاضه قبل 2040. كما أكد أن الالتزام العالمي باتفاقية باريس سيستمر سواء تراجعت أو أصرت الولايات المتحدة الأميركية على قرار انسحابها من الاتفاقية.

وتوقع المحاضر أن يكون هناك تغيرا في حركة التجارة العالمية في النفط نتيجة التطورات التقنية وانخفاض تكلفة استخراج النفط غير التقليدي (كالنفط الصخري ورمال الزيت)، فضلا عن الزيادات المتوقعة في إنتاج سوائل الغاز الناتجة عن تطوير الغاز الصخري في الولايات المتحدة والغاز التقليدي في الشرق الأوسط. وأيضا توقع أن تغطي الزيادة في إنتاج النفط غير التقليدي الانخفاض في إنتاج النفط التقليدي من الدول خارج «أوبك» بسبب تقادم حقولها. وأما منطقة الشرق الأوسط فإنها ستتكفل بنسبة كبيرة من الزيادة العالمية في إنتاج النفط التقليدي.

وحذر المنيف من أن المرحلة الحالية من دورة سوق النفط قد تستمر لفترة طويلة، أي أن أسعار النفط الحالية قد لا تتغير كثيرا لسنوات عدة. لذلك دعا الدول النفطية، ومن بينها دول الخليج، إلى إعادة النظر في نموذج التنمية الذي سارت عليه خلال العقود الماضية والذي اعتمد على سعر مرتفع لبرميل النفط. كما دعاها إلى إعادة صياغة دور الدولة في الاقتصاد، والعمل من أجل تخفيف اعتماد القطاع الخاص على الإنفاق الحكومي، وإلى تعجيل الإصلاحات الهيكلية في اقتصادها وتنويع مصادر دخلها واتباع أنماط مستدامة في الاستهلاك والإنتاج.

الدكتور ماجد أشار مراراً إلى أن البعض قد يعتبر التوقعات التي عرضها في الندوة متشائمة ومفتعلة ومنشؤها دوافع سياسية ومصالح لدول عظمى، إلا أنه يعتقد أن ذلك ليس مبرراً للتقاعس عن الاستعداد لمواجهتها ولو من باب اعتبارها السيناريو الأسوأ ضمن جهود الدول النفطية للتخطيط لإدارة المخاطر الاقتصادية.

أنا أضم صوتي إلى صوت الدكتور المنيف، وأضيف أن الاستعداد للمخاطر يجب ألا يقتصر على جهودنا للتكيف مع التحولات المحتملة، بل يجب أن يشمل أنشطة مقصدها المشاركة - وفق منهجية علمية - في إعادة توجيه هذه التحولات. لذلك أناشد دول الخليج العربية إعداد دراسات تحليلية مشتركة، أو على أقل تقدير تبادل ما لديها حاليا ومستقبليا من دراسات تحليلية، حول بنود اتفاقية باريس وأثر كل منها على الطلب الدولي على النفط. هذه الدراسات، وإن لم ننجح في توظيفها لخلق موقف خليجي موحد من بنود الاتفاقية، ستكون بمثابة الأرضية العلمية لترشيد موقف كل دولة تجاه تلك البنود. لذلك أناشد الدكتور عباس المجرن - بصفته - غرس بذرة هذا التعاون المعرفي من خلال تنظيم ورشة عمل تجمع خبراء اقتصاديين وبيئيين من دول مجلس التعاون للخروج بتصور مبدئي لمنهجية التعاون المنشود... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك