لا يصح أن تأتي الحكومة الجديدة بنفس نمط تشكيلات الحكومات السابقة.. هكذا يرى محمد المقاطع
زاوية الكتابكتب نوفمبر 27, 2017, 11:44 م 821 مشاهدات 0
القبس
أزمة تحتم الانفراج
د.محمد المقاطع
المثل العربي الدارج «رب ضارة نافعة»، ربما يكون حاضرا في بعض ما يمر علينا من أزمات وشدائد قد تكون في مصلحتنا ونحن لا ندرك ذلك، ألم يخبرنا رب العزة جل وعلا هذه الحقيقة الساطعة في قوله جل جلاله «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم». فالبشر يتعاملون مع الأوضاع بظاهرها، ولذا هم يفرحون بها أو يحزنون بشأنها، رغم أنها قد تكون على غير ما أدركوا وظنوا.
أقول هذا ونحن نعيش مرحلة حرجة في تاريخ وطننا العزيز، محليا وإقليميا ودوليا، فإلى جوار التعثر المستمر لأغلب الحكومات المتلاحقة وتدني أداء وقدرات مجلس الأمة في السنوات القليلة الماضية، نشهد توترا اقليميا تمثله التدخلات الإيرانية ذات الطابع التوسعي بأذرع مختلفة في العديد من دولنا العربية، وفي مقدمتها «حزب الله» الذي صنفته الجامعة العربية بأنه منظمة إرهابية.
ويصاحب ذلك تزايد احتمالات حروب أخرى، ما ينذر بأزمات عالمية لن نسلم من شررها لا قدر الله.
في ظل مثل هذه الظروف فإن الأمم والدول تغيّر في تفكيرها ومسارها بما يهيئوها للتعامل مع مجريات مثل هذه الأحداث بصورة فعالة ومدروسة ولا تترك ذلك لمحض المصادفة، ومن هذا المنطلق فإن تشكيل حكومة جديدة في الدولة في هذا الوقت بالذات يعتبر فرصة لا يجوز تفويتها، فلا بد من أن يحظى البلد بحكومة تختلف عن سابقاتها في مكوناتها من أشخاص مؤهلين لتحمل المسؤولية، وقادرة بثقة على أداء متطلبات المرحلة، منطلقها إصلاحات محددة وتنمية موجهة ومحاربة للفساد ومصادره بأنماطه المتفشية بالدولة ومؤسساتها.
وعليه فإنه لا يصح أن تأتي الحكومة الجديدة بنفس نمط تشكيلات الحكومات السابقة، والأمر الأسوأ، أن تأتي بنفس الأشخاص، أو معظمهم، فذلك يعني أننا لا نستجيب لما تمليه الظروف علينا من متطلبات تستوجب التعامل بحصافة وإدراك لطبيعة المرحلة وما يصاحبها من متغيرات، لا يجوز أن نغفلها أو لا نضعها بالاعتبار، وهو أدى في الظروف العادية إلى إخفاقات متتالية في أداء الحكومات، ففضلا عن عجز غالبية الحكومات المتعاقبة عن أداء دورها على نحو جدي ومقنع، فإنها كانت دائما تتجنب أن تتحمل مسؤولياتها بثقة وعزيمة بمجرد تلويح مجلس الأمة باستجواب بعض وزرائها، ومن ثم فإن تشكيل الحكومة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلد من دون اعتبار للظروف والمتغيرات، أمر مستغرب، خصوصا بعد سبع مرات متتالية، ويكون عدم النجاح هو نصيب كل الوزارات التي شكلت، ويكفي أن نلتفت لحكومات الدول المجاورة لندرك كيف أنها قد تجاوبت مع المتغيرات وانعكست طبيعة حكوماتها وتشكيلها بما يراعي تلك المتغيرات، وهو سبب واضح لتخطيها للأزمات وتحقيقها للإنجازات، وإليكم مثالا يحتذى في وضع رئيسة وزراء ألمانيا، التي شكلت ثلاث حكومات ناجحة تفوقت في أدائها، وحين عجزت عن تشكيل حكومة رابعة بعد الانتخابات الجديدة، فإنها لم تكابر، بل أقرت بالفشل واختارت الدعوة لانتخابات برلمانية جديدة، تأكيدا على عدم قدرتها على تشكيل الحكومة.
وختاما، فإنني أرجو ألا يتم التعامل مع شؤون الدولة، ولا شعبها على أنه لا يدرك ما ينبغي أن يتم عمله وأن تتم الاستجابة لتطلعات أهل الكويت وأن تأتي الحكومة الجديدة على مستوى الأحداث وبشخصيات تنال الثقة والتقدير والمساندة.
تعليقات