محمد السداني يكتب.. ابن المصرية...!
زاوية الكتابكتب نوفمبر 24, 2017, 11:48 م 1187 مشاهدات 0
الراي
سدانيات- ابن المصرية...!
محمد السداني
لم أكن أتصور أنني لا أحمل من الكم الهائل من الثقافة المصرية التي تقبع بين طيات ذاكرتي، فالكتّاب والمسلسلات والأفلام والأغاني والشعراء جميعها كونت ثقافة خاصة لدي، وكانت منطلقا للكثير من الأحداث والخطوات المهمة في حياتي، فكانت هذه الثقافة بمثابة رافدٍ آخر من روافد المعرفة والعلم والثقافة التي كانت تميزني عن أقراني. ولكن الجدير بالذكر أنني كنت أستغرب نظرة المجتمع التي كانت تنظر «لابن المصرية» هذه النظرة التي تحمل نوعا من الاستصغار والتقليل من الشأن، ولكن بعد سنوات طويلة اعتدل التفكير وصار الأمر عاديا بعد نضج وفهم واستيعاب.
ولكن ما انفك الأمر أن يعود حاملا معه موجة «تسونامي» عاتية أخرى من موجات التمييز العنصري التي لم أسمعها منذ زمن بعيد، فقد كنت جالسا في أحد المنتديات، ودار الحديث عن التعليم وتطوير المناهج والمنظومة التربوية، فأدلى كل بدلوه حتى وصل الأمر إلي بحكم خبرتي البسيطة بهذا المجال، وقد كان أحد الجالسين من الأسر ذات الدماء البنفسجية والتي لا تبعد عن السلطة بعد الرمش عن العين، فتحدثت عن مشكلة وزارة التربية وتعيين بعض الشخصيات التي لا تملك خبرة سوى نسب وقرابة مع أحد أعضاء السلطة، وأنَّ الإشكالية في إدارة الوزارة من قبل هؤلاء بطريقة إدارة شركة تجارية، وأنَّ هؤلاء لا يعرفون نظاما إداريا إلا النظام التجاري.
وأعتقد أنني أسرفت في ذمي لهذه الفئة التي ينتمي لها ذو الدم البنفسجي والذي قد ظهرت عليه علامات الغضب وعدم الرضا لما قلت لأنني بهذا الكلام أرمي جزءا كبيرا من قومه بالفساد وعدم الأهلية في توليهم لهذه المناصب. انتهى الحديث بلا نتيجة كما هو الحال في كل نقاشتنا العربية، وانشغلت بالرد على مكالمة مهمة لأحد أصدقائي من مصر وكنت حينها أتحدث باللهجة المصرية التي أتقنها نوعا ما، إلا أنني كنت أرى - ذا الدم البنفسجي - وهو حاقد محترق من العصبية، لم نعت به أهله من صفات لم ترق له، فسأل صديقا لي وأنا أستمع همسه: «شلون يتكلم مصري»؟ فرد صقر: والدته مصرية. فاشرأب وكأنه رفع الإيقاف الرياضي عن دولة الكويت وقال: «ولد المصرية ينتقد أداء فلان الفلاني»؟ فضحكت وأنا استمع لحوارين أحدهما في الهاتف والآخر يُبث حيا أمامي. انتهت مكالمة ولم أتظاهر طبعا بأنني لم أستمع إلى هذه الجملة، فقلت له: لماذا لا أنتقد فلان الفلاني، أكانت على رأسه ريشة وأنا لا أعلم، أم أن له في الكويت أكثر مما لي؟ فتغير وجهه ولم يدرِ ماذا يقول. انتهى الحوار معه كما انتهت العلاقة لكلمات قلتها لا تصلح للنشر لا لبذاءتها بل لحقيقتها التاريخية.
لقد ترك - ذو الدم البنفسجي - فساد أهله وقومه وعشيرته وصبَّ جلَّ اهتمامه بتحليل ما أكون عليه من تركيب جيني، وهذا حاله حال الكثير من المسؤولين الذين يتعاملون مع الوطن على أنه ورث آبائهم وأجدادهم الأولين، وأنَّ كل دخيل عليهم - وإن أحسن صنعاً - هو عدو لهم يشاركهم في ثورتهم التي لم يجمعوها، وفي وطنهم الذي لم يبنوه إلا بمعاونة هؤلاء وغيرهم.
خارج النص:
الأمر المستغرب، أنني عندما سألت عن صاحب الدماء البنفسجية، عرفت أن ابنه متزوج من فرنسية، وأنَّ الدنيا لم تسع أسرته عندما تزوجها، رغم أنها كانت تعمل نادلة - مع تقديري لهذه الوظيفة - في المطعم الذي يقع أسفل شقة ابنه في فرنسا. وطبعا عندما جاءت إلى الكويت عرفوها على أنها صاحبة مطعم شهير في فرنسا؛ لكي يحافظوا على شكلهم الاجتماعي أمام المجتمع، الذي لا يقبل المصرية ولو كانت رائدة فضاء، ويقبل الفرنسية ولو كانت لا تحمل شهادة!
تعليقات