الاستهانة بمصالح الشعب والدولة بهدف عدم الاعتراف بالخطأ يمكن ان تؤدي الى خسارة سياسية كبيرة للحكومة..كما يرى خالد الطراح
زاوية الكتابكتب نوفمبر 10, 2017, 11:28 م 373 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- الاعتذار.. فضيلة سياسية
خالد الطراح
الخطأ في العمل بشكل عام ظاهرة طبيعية، فمن الأخطاء يتعلم الانسان تطوير ذاته وصقل قدراته نحو الافضل وبشكل مثمر على صعيد العمل والحياة عموماً، وحين لا يتعلم الفرد من اخطائه تتحول الامور الى ظاهرة سلبية تحول دون تحقيق اي تطور يذكر.
في العمل السياسي هناك مصطلحات تستجد على الساحة، وليس هناك ايضا عرف واحد او اعراف، فمع تطور العمل السياسي وتأثير التحديات تتغير الظروف والمصطلحات، والأعراف ايضا منها المقبول ومنها الجديد وغير المألوف والمرفوض سياسيا واجتماعيا وثقافيا ايضا.
الاعتذار في الدول الديموقراطية ظاهرة وممارسة طبيعية؛ لأنه يساهم في نزع فتيل ازمة وصدام سياسي بين الحكومة والبرلمان قد يقود الى خروج عضو واحد في الحكومة او تسقط حكومة بكاملها بسبب خطأ وزير او غطرسة ومراوغة وغياب المكاشفة بين رئيس الحكومة وأعضائها بعيدا عن المجاملات والمساومة او غض النظر فمستقبل الحكومة اهم من سلوك فردي تطغى عليه الانانية او الارتجال والرعونة في التصرف.
فمثلاً، وزير الخزانة البريطاني فيليب هامندز عبر خلال لقاء تلفزيوني اخيراً عن موقفه ورأيه بأسلوب أثار غضبا شديدا وردود افعال سلبية واسعة لدى الرأي العام الاوروبي والبريطاني ايضا وكذلك داخل الحكومة البريطانية، بسبب وصفه للاتحاد الاوروبي بـ «العدو»!
من بين ما نشر وتحليل في الاعلام البريطاني ان الوزير اراد ان يدافع عن نفسه والرد على الاتهامات التي وجهت إليه بأنه شخصيا ضد الخروج من الاتحاد الاوروبي بعكس نتيجة الاستفتاء الشعبي البريطاني، وقع الوزير في خطأ التعبير اللفظي في لقاء تلفزيوني مباشر باستخدام كلمة «عدو».
بعد دقائق من بث اللقاء التلفزيوني وعلم رئاسة الحكومة بتعليق الوزير غير الموفق، صدر بيان من الوزير بالاعتذار عما ورد على لسانه، موضحا انه استخدم لفظا «غير لائق».
كان الهدف من الاعتذار ترميم الخطأ الذي اوقع به الوزير الحكومة بكاملها في الحرج السياسي، خصوصا ان رئيسة الحكومة تيرزا ماي تواجه العديد من التحديات والصعوبات في مواجهة عاصفة اوروبية من جهة وأخرى بريطانية ضد سياساتها.
هناك تاريخ من الاعتذار السياسي في الدول المتحضرة يعبّر عن الجرأة في مواجهة ومعالجة الخطأ من اجل استقرار سياسي ممكن ان تجني ثماره الحكومة من خلال الرضا الشعبي على الحكومة والحزب الحاكم ككل.
مثال آخر حصل في اليابان حين انحنى وزير الكهرباء لمدة 20 دقيقة للشعب الياباني تعبيرا عن اعتذاره لانقطاع الكهرباء بقدر مدة انقطاع التيار الكهربائي!
الاعتذار يعبر عن حنكة سياسية، فالاستهانة بمصالح الشعب والدولة ايضا بألفاظ فضفاضة بهدف عدم الاعتراف بالخطأ يمكن ان تؤدي الى خسارة سياسية كبيرة للحكومة بمن في ذلك البرلمانيون حين ينقلبون على قواعدهم الانتخابية.
واضح ان مثل هذه السلوكيات والأخلاقيات ليست ضمن القاموس السياسي في منطقتنا العربية، لذا نجد ان وزراء يقترفون الخطأ ويتخذون القرار الذي يكبد المال العام خسارة فادحة وضررا بالغا بالمصلحة الوطنية من دون مساءلة سياسية وبجرأة غير معهودة!
الاعتراف بالحق فضيلة والاعتذار عن الخطأ فضيلة ايضا، فليس هناك فرد معصوم من الخطأ
تعليقات