ممارسات بعض أعضاء مجلس الأمة كشفت لنا كيف أنهم يتفنّنون في صنع الفساد وإنتاجه.. برأي محمد المقاطع
زاوية الكتابكتب نوفمبر 6, 2017, 11:52 م 328 مشاهدات 0
القبس
الديوانية- مقاعد بالمزاد
د. محمد المقاطع
يتساءل كثير من الناس: لماذا لا يحارب الفساد؟ ومن هم مصادره؟ أقول إننا نعيش أحلك مرحلة تاريخية من العمل السياسي برلمانيا ووزاريا، وهي من أكثر المراحل تقديما للأدلة والبراهين على كيفية صنع وإنتاج الفساد والإفساد في الدولة، فقد كشفت لنا ممارسات بعض أعضاء مجلس الأمة، كيف أنهم يتفنّنون في صنع الفساد وإنتاجه، فلا غرابة حينما يبيع عضو مقعده النيابي بصفة دائمة منذ انتخابه أو بصفة مؤقتة عند كل تصويت داخل المجلس أو في مواجهة الحكومة باستجواب أو تحقيق برلماني أو عند التصويت على قانون أو لمنصب أو لجنة، فقد انحرفت العضويتان البرلمانية والوزارية عن مسارهما الوطني، بعد أن اختفت الشخصيات الوطنية في معظم أعضاء السلطتين من أمثال جاسم القطامي ومحمد الرشيد، رحمهما الله تعالى، وحمود الرومي وخميس عقاب، وصرنا نشهد أحيانا تدافعا للتكسّب وابتزازاً للمقعد حتى غدت العضوية وسيلة للتربح، بل ويتم المقايضة عليها وبيعها بمزادات سياسية متنوعة، فهناك أعضاء يبيعون مقاعدهم النيابية لهثا وراء المنصب الوزاري، فغدت عضويتهم تتكلف العقلانية والحكمة، وهي في الحقيقة تشاهد الفساد وتباركه وتسير في ركبه طمعا في رضا المتنفذين، حتى لا يقصى من التوزير، أو الحظوة ببعض العقود أو الصفقات والأيام المقبلة ستكشف لكم ذلك.
ومنهم من باعها لمتنفّذين في البرلمان أو خارجه أو في الحكومة بمقابل مالي أو لمناصب يعيّن بها أقرباءه أو شلته وأصدقاءه، ومنهم من باعها طوال مدة العضوية، فصار وجوده في المجلس مثل عدمه، فهو أداة، أو كما نقول في الدارج الشعبي «حطبة دامة»، ومنهم من باع مقعده فلما زاد على المشتري غيره بالثمن باعه له مرة أخرى، تاركا الأول بحالة ذهول وتعجب.
أما الوزراء فقد تحوّل عدد منهم الى منفذين لأوامر المتنفذين، فمنهم من يسعى للبقاء في المنصب أو التكسّب من ورائه، فأرسى مناقصات أو رتّب صفقات أو عطّل حريات أو فصل أو أحال أو أقال قيادات ظلما وعدوانا، أو صرف أموالا بغير وجه حق أو سكت وشجّع فسادا، أو عقد صفقات مع نواب لتمرير مشاريع وقضايا تهدر الأموال العامة. ومنهم من يدرك أنه مجرد موظف أو فاقد لمؤهلات التوزير ومن ثم يعلم أنه يجب أن يقبل بكل ما يطلب منه، وهو ليس أهلا لرئاسة قسم، فكيف بهم صاروا وزراء، وهو ما سبّب انحدارا بالمنصب الوزاري، فقد توارى الرجال وجاء البعض من اللاهثين وراء الوزارة وهم قبلوا أن ينالهم الفساد؟!
وهكذا أصيب العمل السياسي برلمانيا ووزاريا في الفترة الأخيرة بهزال ظاهر في أغلب المنتمين للحكومة والبرلمان ولَم يعد لهم دور في بناء البلد، بل هم يهدمون البلد بعد أن باعوا مقاعدهم ورهنوها بمصالحهم غير المشروعة، فلا عجب ألا تحل قضية ولا يشعر الناس بجدية مجلس الأمة وعجز الحكومة للتصدي لكثير من الملفات بروح وطنية مسؤولة؛ ففاقد الشيء لا يعطيه.
وهذا هو سر تقهقر البلد وتراجعه في كل المجالات، وأصبح في ذيل قائمة الدول في شتى الأمور، فلا عزاء لك يا وطني الكويت!
تعليقات