الشعر الأصيل و الزمن الجميل في ليالي فبراير

الأمسية الثانية ضمن فعاليات ليالي فبراير تختلف عن الأمسيات الشعرية فقد جمعت شاعرين من أقطاب الشعر والأدب الشعبي في الكويت الخليج.. وهما الشاعر مبارك بن شافي والشاعر سعود الفهد في مساء الأحد الماضي على مسرح صالة التزلج.

حضر الأمسية جمهور الشعر الحقيقي الذين يبحثون عن أصالة الكلمة وصدقها يتقدمهم رئيس التحرير الشيخ خليفة علي الخليفة الصباح ونائبه وليد الجاسم وعدد من الضيوف والمدعوين ونخبة من الإعلاميين والشعراء.

قدمت الأمسية الزميلة شيماء المسباح الشاعرين كلا وسيرته الذاتية العطرة بالانجازات والمشاركات والمساهمات التي لخصت مسيرتهما وعطاءهما خلال المراحل الماضية لنتأكد أنهما قدما للشعر والأدب الشيء الكثير.

استهلت مقدمة الأمسية الزميلة شيماء المسباح بالترحيب بالحضور بمن حضر في صالة التزلج او من تابع على شاشة «الوطن» وروتانا.

لتبدأ أمسية الشعر الجميل مسيرتها حيث كانت البداية عند الشاعر سعود الفهد.. يلقي كل شاعر ثلاث قصائد ثم زميله مبارك بن شافي مثلها في كل جولات الأمسية وهكذا.. 

الشاعر سعود الفهد 

الشاعر سعود الفهد أعلن بداية الشعر في هذا المساء فبعدما رحب بالحضور وفي مقدمتهم رئيس التحرير الشيخ خليفة علي الخليفة الصباح ألقى قصيدة وطنية في حب الكويت جاءت على كل معاني الشعر بإحساس المواطن العاشق لأرضه والذي يفتدي روحه وحياته من اجلها يزفها لمحبوبته الكويت بمناسبة أعيادها الوطنية.. بجزالة وشاعرية الفهد الشامخة.. لتتنافس الأيدي لهذه القصيدة الوطنية بالتصفيق والتفاعل.

بعدها قدم الفهد نصا آخر يحكي عن تجربة شاعر واع لما يكتب من واقع الحياة والدنيا الغريبة التي تغيرت فيها المفاهيم تحت القاف المهمل التي قلما يبدع فيها الشعراء ولكن الفهد دائماً من عمق الإبداع الشعري لان الأشعار تخضع له.

وينتقل الفهد إلى لون آخر من إبداعاته ليقدم اللمسات ومواصفات لما يتمناه الفهد ويفتخر بمعرفته في قصيدة راقية بإحساسها وشعور شاعرها وقريبة من أي رجل يعتز بمثل اعتزاز الفهد بكل تفرد.. بعدها وعلى امتداد جولات الأمسية حلق شاعر الغزل في سماء الشعر العاطفي بكل ألوان الوصف والتشبيه والعذوبة الذي صفق واستمتع به الحضور من أول القصائد العاطفية.. وكان زينك يعيبك أنت كلك عيوب وتذبحني الغيرة.. وأودع الهوجاس.. ويا عاذلي!!.

يتأكد الفهد من جديد انه يكتب الأشعار من نور في نور بكل براعة ويغوص اليم الهجور لاقتناه اللؤلؤ الثمين والنادر.

وفي جولة اخرى ينثر الفهد زهور العشق في بساتين الشعر في قصيدة «خطا منك» ويعود بالذكريات البريئة «انا عمري خمس وأنتي ثلاث اسنين» في أبياتها الراوية بالعذوبة والوصف الجميل بكل نقاء ويجددها الفهد من جديد بقصيدة.. اغفر لي الذنب واغفر كل زلاتك.. بشفافية متناهية إلى ان صافح الجمهور بقصيدة المعروفة.. تجين وإلا يا عنيدة تروحين.. فكان له حسن الاستقبال من الحضور.

وانهمرت نصوص الشاعر سعود الفهد كالشلال المتدفق بالمحسنات البديعية من قصيدته.. واحبتها والقلب هايم ومحزون.. وعز الله اني شفت لي منظر زين».

الى ان خرج الفهد عن الغزل قليلاً برائعته المشهورة «البارحة» التي تتضمن ابياتا نادرة ومنها «صبري على اللي جرحني ما يعذرني.. تحشم حثال العرب من شان طيبها».

فكان نصيبها الاعجاب والتصفيق الحار من الحاضرين.

ويستمر الفهد من خلال جولات الأمسية ويقدم نصوصه بكل تفاعل وتميز في الإلقاء الرومانسي للغزل العفيف الى ان أوقف الجمهور عند قصيدته النادرة «طرتلي تربة» «حلو ثراها» والقي قصيدة قبل الوداع.. فكانت القصيدة القبل الاخيرة للفهد في الامسية ليقدم مفاجأته الجديدة على الهواء مباشرة قصيدة فاخرة وراقية وشامخة بكل معاني الشعر تقديرا من الفهد لرئيس التحرير الشيخ خليفة الصباح على مواقفه وأخلاقه وحُسن تعامله ودعمه للشعر والإعلام. 

الشاعر مبارك بن شافي 

الشاعر مبارك بن شافي.. وبعد عودته من جديد إلى الأمسيات الشعرية بسيرته وخبرته وتاريخه وثقافته العالية التي قدمتها عريفة الأمسية رحب مبارك بن شافي بجميع الحضور وفي مقدمتهم رئيس التحرير الشيخ خليفة الصباح.

القى الشاعر مبارك بن شافي في افتتاحية الأمسية نصا يستحق كل جهات الاحترام والإجلال لقيمته وروحه الانسانية تقديرا منه لمكانة الوالدين.

قصيدة لوالدته اطال الله في عمرها تحمل كل معاني الوفاء والطاعة لمكانة الأم في لغات العالم بشكل عام ويعتبر مبارك بن شافي بهذه القصيدة الافتتاحية قد خرج عن المألوف وقدم نموذجا رائعا لاستهلال الأمسيات الشعرية قلما نجده عند الكثير من الشعراء وبهذه يحسب لرصيد ابن شافي وسيرته الشعرية.

فقد أعجب وابهر الحاضرين بروحه الإنسانية الصادقة يرقى ابن شافي مرة أخرى بنصه المتفرد في عالم الوصف والجمال.. قالت وهي عينها تملى فضا عيني بأجمل أبياتها المترابطة باللغة المعبرة بكل الأحاسيس القريبة من ابن شافي.

ويعود الشاعر مبارك بن شافي بمصافحة للجمهور من جديد بنص يستحق التوثيق حيث اعطى للحاضرين مقدمة عن قيمة غرض المدح الحقيقي في الشعر.. ليلقي قصيدته في ابنه خليفة مبارك بن شافي الذي اسماه على الشيخ خليفة علي الخليفة فقد اتسمت القصيدة بالجزالة والاصالة والاعتزاز وحُسن التشبيهات بكل وفاء من ابن شافي وتمر الذكريات والوافع لكتابة النص ليكون لهذا النص عند ابن شافي السبب في كتابته بكل شاعرية ودقة عندما مر على بيت خاطر بكل الوانه العمرانية ولكنه بدون مجلس للرجال.. لتفيض قريحة شاعرنا وامنياته وآماله في قصيدة تشمل امنيات الطيب والرجل اهل العادات الحميدة.. ليصفق الجمهور بكل حرارة اعجابا وتأييدا.

وفي جولة اخرى في الامسية يعود الشاعر مبارك بن شافي ليحلق بالشعر العفيف وبالغزل الراقي باسلوبه الرمزي الذي استلذ به المتعطش للغزل ومن نصوصه.. يا مبعد عني.. واشوفك بقلبي.. بالقاء ابن شافي الرائع الذي يعيش كل اجواء النص بكل هدوء وعذوبة.

ويستمر الشاعر مبارك بن شافي في انتقاء نوادره الممتعة باسلوبه الذي جدد كل الذكريات الجميلة.. من قصيدته التي كان عنوانها «انا وانت» الى شرع كل ابواب الشعر في نصه «قالوا اقلط يا بو شافي» الذي يحمل ابعادا اجتماعية لها قيمتها لدى الشاعر والممتع استطاع ابن شافي ان يوثقها في نص قيم يشمل العديد من جواهر العادات الفاضلة وهكذا يكون اختيار ابن شافي موفقا في التوقيت والنص حيث نجح في القائه لقصيدته المعروفة لدى جمهور الشعر بأبياتها المتميزة التي تعكس اخلاقيات مبادئ الشاعر من خلال اشعاره.. وهي يا بنت انا ماني مثل ما تظنين.. ليبقى ابن شافي عزيزا ومن رجال عزيزين.. فكان لهذا النص الانصات والتصفيق الذي اجتمعت عليه الأيدي والاذواق اعجاب.

ومرة اخرى والابداع يلازم ابن شافي في قصيدته يا رغبة الشعر القديم اسعفيني.. يبحث عن بيت يخلده ولكن هناك ابيات كثيرة ستخلده في نصه النادر ويستمر ابن شافي في عرض نصوصه العاطفية بكل تلقائية واريحية ليقف عن عرض آخر للشعر وهو الرثاء وفاء من ابن شافي في نص رثائي خالد.

وبعدها ودع ابن شافي خيالات السهر والعذاب بنص مشبع بكل الصور الجمالية والمشاعر المتدفقة.. وقبل ان تعلن عريفة الامسية عن ختامها التي وصلت الى ساعتين مع الشعر الاصيل في الزمن الجميل.

استطاع الشاعران الكبيران مبارك بن شافي وسعود الفهد ان يعودا بالجمهور والذواقة للشعر الحقيقي.. بذلك كانت الامسية الثانية شموخا تدونه ليالي فبراير في أرشيفها بلغة الشعر الاصيل.