تقرير: مسلمو أراكان..واقع مرير يتأرجح بين 'جنةٍ' و'نار'

عربي و دولي

542 مشاهدات 0


في ظل صمت عالمي مطبق، واكتفاء المجتمع الدولي بنداءات تدين وأخرى تشجب، يتواصل واقع مرير يواجهه مسلمو الروهنغيا بإقليم أراكان (راخين) غربي ميانمار، وهم يتأرجحون بين نار جيش ومليشيات بوذية متطرفة بالداخل، وحلم اللجوء إلى 'جنة' الجانب الآخر، بنغلاديش.

من يحالفه الحظ من الروهنيغا في الهروب من الجرائم والاعتداءات الوحشية، والوصول لمنطقة الساحل، فإن أول ما يتبادر لذهنه هو كيفية الانتقال سريعا لجزيرة 'سهاه بورير' البنغالية التي تعني باللغة المحلية 'جزيرة الجنة'، وتبعد عن ساحل أراكان عدة كيلومترات.

'جزيرة الجنة' تعتبر أولى محطات ما يعرف بـ'رحلة العذاب' إلى الجارة بنغلاديش، التي يلجأ إليها مسلمو أراكان هربًا من بطش السلطات في ميانمار.

ومنذ 25 أغسطس/آب المنصرم، يرتكب جيش ميانمار مع ميليشيات بوذية، جرائم واعتداءات ومجازر وحشية ضد أقلية الروهنغيا المسلمة بأراكان، ما أسفر عن مقتل وتشريد عشرات آلاف من الأبرياء، بحسب ناشطين أراكانيين.

حياة الإنسان مقابل 36 دولارا

بعد السير على الأقدام لأيام وليالي طوال، أملًا في الوصول للساحل، يضطر مسلمو أراكان لدفع مبلغ مالي تعادل قيمته 36 دولارًا أمريكيًا؛ لحجز مكان بقارب من تلك التي تفتقر لأدنى مستويات الحماية والأمان؛ لينتقل لبنغلاديش.

ونظرا لاستغلال ممتلكي القوارب وجشعهم، تصبح حياة الإنسان رهن 36 دولارا، ذلك المبلغ الزهيد الذي إذا لم يدفعه، يكون مضطرًا للبقاء بقريته حتى يأتي عليه الدور، ويلقى حتفه بنيران المليشيات البوذية.

الممتلكات الخاصة كذهب الزوجة أو الأغنام والماشية، وكلها تنخفض أسعارها بطبيعة الحال لأقل من ربع قيمتها الحقيقية، تعتبر بدائل يضطر كثيرون من مسلمي الروهنغيا، دفعها لأصحاب القوارب؛ سعيًا منهم للحفاظ على فرص البقاء على قيد الحياة.

وتعتبر حكومة ميانمار مسلمي 'الروهنغيا' 'مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش'، فيما تصنفهم الأمم المتحدة 'الأقلية الدينية الأكثر اضطهادًا في العالم'.

النساء هن الأكثر تضررا

آلة العنف والنار في ميانمار لا تفرق بين رجل وامرأة أو طفل ومسن، بل لعل نساء الروهنغيا أكثر المتضررات من بطش سلطات البلاد، سواء أثناء نزوحهن قسريًا من القرى صوب الساحل، أو خلال رحلات العذاب في القوارب إلى بنغلاديش، مع كثيرين آخرين.

وتشير منظمات إغاثية دولية عاملة في ميانمار وبنغلاديش، إلى ولادة أكثر من 130 طفلا، في ظروف غير إنسانية خلال رحلات الهجرة القسرية، منذ بداية موجة المجازر الأخيرة بحق مسلمي الروهنغيا في 25 أغسطس الماضي.

وخلال عمليات الولادة تتعرض كثير من النساء إلى الوفاة، أو فقدان أطفالهن حديثي الولادة؛ نظرا لعدم توفر أدنى مستويات الرعاية الصحية، وندرة الطعام والشراب، والمستلزمات الطبية اللازمة، فضلا عن عدم قدرتهن البقاء فترة للراحة قبل الولادة وبعدها.

وأمس الخميس، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، أن أعداد اللاجئين من الروهنغيا في بنغلاديش، بلغ 400 ألفا، بينهم 220 ألف طفل.

عيون تدمع عجزًا وكمدًا

تجولت عدسة 'الأناضول' بين مجموعة من مسلمي الروهنغيا، ممن نجحوا في الوصول إلى 'جزيرة الجنة'، ورصدت مدى العجز والأسى المرسوميّن على وجوه ينتظرها مصير مجهول.

وفي حديث للأناضول ، قالت أمينة خاتون - إحدى الناجيات- 'الجنود أشعلوا النيران في كل البيوت والحقول بقريتي، هربت مع أسرتي صوب الساحل، عشت أوقاتًا عصيبة ومريرة، إذ سرت أكثر من 7 أيام على قدمي، كما حوصرت مع آخرين لثلاثة أيام بإحدى الغابات'.

وبنبرة صوت كلها عجز واستكانة، أضافت 'شاهدت قتل أفراد الجيش عشرات من الجيران والأقارب بدماء باردة'.

ودعت خاتون كافة المنظمات الإغاثية للوقوف بجانب مسلمي الروهنغيا المحاصرين في منطقة الساحل، وإمدادهم بأية قوارب لبقائهم على قيد الحياة، ونقلهم إلى الجانب الآخر.

وبموجب قانون أقرته ميانمار عام 1982، حُرم نحو 1.1 مليون مسلم روهنغي من حق المواطنة، وتعرضوا لسلسلة مجازر وعمليات تهجير، ليتحولوا إلى أقلية مضطهدة في ظل أكثرية بوذية وحكومات غير محايدة.

ودعت منظمتا 'هيومن رايتس ووتش' و'العفو الدولية' الحقوقيتان الدوليتان، الثلاثاء الماضي، مجلس الأمن الدولي إلى الضغط على حكومة ميانمار لوقف 'التطهير العرقي' بحق الروهنغيا.

الآن - وكالات

تعليقات

اكتب تعليقك