الإصلاحي الفاسد.. يكتب عبد اللطيف بن نخي
زاوية الكتابكتب يونيو 8, 2017, 12:58 ص 865 مشاهدات 0
الراي
رؤية ورأي- الإصلاحي الفاسد
د.عبد اللطيف بن نخي
رغم الهجوم العنيف من قبل العديد من النواب، على الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وافق مجلس الأمة الكويتي في جلسته الخاصة يوم الاربعاء من الاسبوع الماضي على مشروع قانون في شأن اعتماد الحساب الختامي للهيئة عن السنة المالية (2015-2016) بموافقة 27 عضوا ومعارضة 22، وعلى مشروع قانون بربط ميزانية الهيئة للسنة المالية (2017-2018) بموافقة 35 عضوا ومعارضة 14.
لا شك أن نتيجة التصويت تأثرت إيجاباً بالأداء المتميز لفريق العمل الذي مثل الهيئة، برئاسة معالي وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور محمد الفارس وعضوية كل من مدير عام الهيئة الدكتور أحمد الأثري ومدير مركز تقنية المعلومات والحاسب الآلي الدكتور جاسم الاستاذ ومدير إدارة الرقابة والتفتيش الدكتور عادل العنزي ومساعد المدير العام للإنشاءات الهندسية المهندس أحمد جراغ. فشكرا لهم على جهودهم المثمرة.
بعيداً عن إعجابي الشديد بمداخلات فريق عمل الهيئة التي أظهرت قدرة الهيئة على احتواء المخالفات المالية والإدارية المرصودة من قبل ديوان المحاسبة، ورغم قناعتي بأن اعتماد ميزانية الهيئة وحسابها الختامي كان قرارا مستحقاً، إلا أنني لا أتفق مع مقولة إن إدارة الهيئة تغلبت على الفساد المستشري فيها. نعم، ستتمكن الهيئة - ان شاء الله - بجهود المخلصين من الاستمرار في تقليل عدد المخالفات التي سيرصدها عليها ديوان المحاسبة، وصولا إلى سنة مالية بلا مخالفات، كما وعد معالي الوزير.
لكن في الوقت ذاته، من الخطأ اعتبار عدد المخالفات المرصودة على الهيئة المؤشر الأمثل أو الأوحد لدرجة الفساد فيها. والسبب ببساطة لأن منظومة الفساد بالهيئة تحتضن أكاديميين بخبرات إدارية قادرة على التكييف مع التطورات الاصلاحية، ويمكنها تلافي آليات الرقابة المالية والإدارية الذاتية والخارجية. لذلك أرى أن محاربة الفساد بالتطبيقي يجب أن تتضمن تعرية منظومة الفساد وأعضائها أمام أعين الأغلبية المتضررة منها، خاصة أن بعض أعضائها متستر بلباس الاصلاح وعباءة محاربة الفساد.
منظومات الفساد في المؤسسات الأكاديمية بدأت بتكتلات صغيرة ضمن حدودها المؤسسية كجامعة الكويت أو التطبيقي، ولكنها مع بداية الألفية الحالية عززت حضورها في الملفات السياسية من خلال التسلل إلى مجالس إدارة النقابات الأكاديمية، من أجل امتلاك القرار فيها. ثم تطورت تحالفاتها مع أقطاب الفساد في الساحة السياسية، الذين وحدوا تلك التكتلات المحدودة وضموها في تكتلات أوسع تشمل مؤسسات تابعة لوزارتي التربية والتعليم العالي. لذلك تجد اليوم أكاديميين من الجامعة يعملون ضمن معادلة الفساد بالتطبيقي، والعكس صحيح. وكذلك هناك شواهد متعددة على وجود علاقات دعم متبادل بين أكاديميين كرتونيين وبرلمانيين فاسدين.
ولكي أوضح الصورة أكثر، قد يكون من المناسب أن أعرض مثالا على التشابك الأكاديمي البرلماني. فمن بين المسلمات بين أكاديميي التطبيقي أن بعض اعضاء مجلس الأمة كانوا وما زالوا يبتزون إدارات الهيئة سياسيا من أجل مناصب اشرافية لمصلحة أكاديميين مقربين منهم، وعدد هذه الحالات تضاعف بعد اقرار الإجازة لمدة سنة أو سنتين براتب مضاعف لشاغلي تلك المناصب. كما أن تكليف الأكاديميين الكرتونيين بالوظائف الاشرافية المدرجة في الهيكل التنظيمي للهيئة بات أكثر صعوبة بعد اقرار لوائح معايير وإجراءات شغل تلك المناصب. لذلك توجهت طموح الكرتونيين ونوابهم نحو المناصب الاشرافية غير المشمولة في الهيكل التنظيمي، التي ليس لها لوائح تشترط الاعلان المناصب الشاغرة ثم تنظم عملية المفاضلة بين المرشحين.
ولكي تتضح أكثر صورة الفساد المركب بالتطبيقي، تخيل أن تطالب مجموعة أكاديميين من الجامعة، مدير عام الهيئة بالتصدي للفساد في الهيئة، وتحمله مسؤولية المخالفات التي رصدها ديوان المحاسبة وتحديدا تلك المتعلقة بالمناصب الاشرافية غير المشمولة بالهيكل التنظيمي. ثم يتبين أن أحد شاغري تلك المناصب ينتمي إلى المجموعة الأكاديمية، وقد تم تعيينه بضغط من عضو مجلس أمة مدعوم من قبل المجموعة نفسها! وقد يكون من بين هؤلاء الأكاديميين قياديون سابقون أو حاليين، ممن كلف آخرين في مناصب - بمردود مالي - خارج الهيكل التنظيمي للوحدة الادارية التي كانوا أو ما زالوا يديرونها!
لا أقصد من المثال اعلاه الاشارة إلى أشخاص معينين، لأن ما يهمني في هذا المقال هو إحياء آمال الأغلبية المتضررة من الفساد، وتشجيعها على المشاركة في بناء مستقبل أفضل لبيتنا الثاني الهيئة، ولو بخطوة واحدة، لأنها قد تكون بداية رحلة الألف ميل... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».
تعليقات