ذكرى مجلس التعاون - يكتب د. أحمد عبدالملك
زاوية الكتابكتب يونيو 7, 2017, 2:24 م 619 مشاهدات 0
صادف الأسبوع الماضي الذكرى السادسة والثلاثين لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي أنشئ في الخامس والعشرين من مايو 1981 كحاضنة لآمال وتطلعات شعوب الدول الأعضاء الستة. ولقد واجه مجلس التعاون خلال الفترة الماضية العديد من المحن والأزمات، ولعل أهمها غزو العراق لدولة الكويت عام 1990، كما واجه امتحان القلاقل التي حصلت في مملكة البحرين وشرق المملكة العربية السعودية خلال السنوات الخمس الماضية. ولعل الانقلاب على الشرعية في اليمن أهم ما واجه مجلس التعاون، حيث طالت الصواريخ (الحوثية) الأراضي السعودية، ما تطلب تحالفًا دوليًا قادته المملكة العربية السعودية لإعادة الشرعية ووقف تدهور الأوضاع. كما أرسى مجلس التعاون علاقات تعاون وشراكة بين الدول الأعضاء، بما في ذلك تعديل بعض القوانين المحلية لتتماشى مع مسيرة المجلس. وانعكس ذلك في الميادين الأمنية والدفاعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية. كما شهد المجلس حضورًا وفعالية في تعزيز الشراكة الدولية مع العديد من التجمعات السياسية والأمنية والاقتصادية على مستوى العالم. ورغم كل ما واجه المجلس من منغصات واتجاهات خاصة بكل دولة من الدول، إلا أن المجلس صمدَ أمام كل ذلك، واستطاع قادة دول المجلس حلَّ تلك المنغصات بروح من المسؤولية والتفاني. ومع ذلك ظل طموح أبناء الخليج أكبر مما حققه المجلس، ولقد شمل ذاك الطموح ما يلي: 1- تحقيق المواطنة الخليجية: ذلك أن القوانين في بعض الدول ظلت حتى اليوم تتعامل بحذر مع هذه القضية، فكيف يمكن تحقيقها على المستوى الإقليمي؟ ونحن نعتقد بأن المرحلة المقبلة لمجلس التعاون تتطب إيلاء قضية المواطنة – داخل كل دولة – أهمية بالغة، وتعزيز الاتجاه نحو جعل المواطنة الكاملة حقًا من حقوق المواطنين، وهدفًا لمجلس التعاون. 2- آليات تنفيذ قرارات القمم الخليجية: بلا شك أن قادة دول المجلس قد اتخذوا قرارات هامة في اتجاه العمل المشترك، إلا أنه من الملاحظ تفاوت حماس الدول في تنفيذ تلك القرارات، كون بعضها يتعارض مع القوانين المحلية، أو أن آليات التنفيذ غير متاحة، ناهيك عن الأولويات الخاصة بكل دولة والتزاماتها الإقليمية والدولية. 3- غياب إدارة الأزمات: رغم اشتمال النظام الأساسي لمجلس التعاون على كيان يسمى (هيئة تسوية المنازعات)، حسب المادة العاشرة للنظام، إلا أن هذه الهيئة غير فاعلة، ولم يكن لها حضور في الأزمات التي واجهها المجلس. وتكفّل المجلس الوزاري (وزراء الخارجية) بدراسة ومعالجة القضايا الطارئة التي واجهها المجلس. كما أن بعض الدول التي أقرّت النظام الأساسي، مع ديباجته التي أكدت (على العمل المشترك ووحدة الهدف والرغبة في التنسيق والتكامل والترابط في جميع الميادين)، تتناسى وقت الأزمات كل تلك القيم السامية، وتنفرد بما يتماشى مع توجهاتها وسياساتها؛ حتى يتدخل أحد زعماء المجلس لحل أي خلاف. القصة هنا، عدم وجود منهجية فاعلة وسريعة لاحتواء أي خلاف يطرأ بين دول المجلس. 4- التنسيق الاقتصادي: رغم الإنجازات التي تحققت في المجال الاقتصادي بين دول المجلس، إلا أن التكامل التام لم يتحقق، لأنه يتعارض مع أنظمة ومصالح بعض الدول الأعضاء، لذا، لم يتم تطبيق الاتفاقية الاقتصادية كاملة، وأهمها السوق الخليجية المشتركة، والتي تشكل شرطًا مهمًا للتعاون مع الاتحاد الأوروبي، فيما عُرف بالمفاوضات. 5- الاتحاد: منذ عدة سنوات تم طرح قضية الاتحاد الخليجي، التي أعلنها المغفور له بإذن الله الملك عبد الله بن عبد العزيز، وتم تبنيها في قمة الرياض في 2 ديسمبر2011، ' لتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، لتشكل دول المجلس كيانًا واحدًا يحقق الخير ويدفع الشر استجابة لتطلعات مواطني دول المجلس ولمواجهة التحديات التي تواجهها'. ولقد كان حماس الدول متفاوتًا لتحقيق الاتحاد، أو حتى بحثه، لأن ظروف كل دولة لها خصوصية معينة، ناهيك عن طبيعة العلاقات بين بعض دول المجلس والجيران في المنطقة والمحيط العربي والدولي، لهذا، تم تأجيل الموضوع لمزيد من الدراسة. ويرى خليجيون أن هذا الاتحاد سيكون 'استقطابًا' يهدد سيادات الدول، كما أنه موضوع حساس جدًا، ويرتؤون أن يظل التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي – كما هو في الوقت الراهن – لأن تبعات الاتحاد ستكون ثقيلة على بعض الدول، وإن استفادت منه دول أخرى، التي أبدت حماسًا للاتحاد. 6- الإعلام: رغم وجود قيم غير مكتوبة فيما يتعلق بالتعاون الإعلامي بين دول المجلس، ووجود ميثاق استرشادي هو (ميثاق الشرف الإعلامي)، إلا أن واقع الإعلام، في الوقت الراهن، مع ظهور التقنيات الحديثة والفضائيات، جعل ذاك الميثاق خارج الزمن، وظلت معظم القرارات التي اتخذت في مجال الإعلام دونما تنفيذ، لأنها تمس سيادات الدول وتوجهاتها الإعلامية. ومع نزوع الشعوب نحو مزيد من الحريات ودعم تدفق المعلومات والأخبار، فإنه من غير الممكن تقييد الإعلام بقانون أو ميثاق تضعه دولة من الدول حسب مقاييسها وتوجهاتها. وأثبتت التجارب – خلال بعض الأزمات التي حدثت بين بعض دول المجلس – عدم جدوى حتى التذكير بالمبادئ الأساسية لا للمجلس ولا حتى للتعاون الإعلامي، وسقطت العديد من قيم التعاون المشترك في ضخم 'الغضب' وفوران الدم. نحن نعتقد أن التنسيق في مجال الإعلام أصعب بكثير من التنسيق الأمني والعسكري والاقتصادي، لذا، كانت حتى قرارات القمم الخليجية – في مجال الإعلام – باهتة وخجولة وغير محددة، ودومًا نقرأ: 'اطلع المجلس الأعلى على نتائج الاجتماع.... لوزراء الإعلام الذي عقد في.... ووافق على التوصيات المرفوعة حول تنشيط العمل الإعلامي المشترك بين الأجهزة الإعلامية في دول المجلس'. ولم تتغير هذه (العبارة) منذ إنشاء المجلس. وما حصل مؤخرًا يثبت ما ذهبنا إليه. وأخيرًا، فإن واقع الحال، وتطور وعي المواطنين، وسرعة تداول المعلومات والمخاطر المحدقة بدول المجلس، تتطلب أن تكون وتيرة مجلس التعاون أسرع، وتجاوبه مع الأحداث المحيطة بدوله أعمق، وأن النظرة لمستقبل الشعوب، ورخائها يجب أن تكون أكثر واقعية، وبما يضمن الأمن والاستقرار والرخاء لهذه الشعوب.
تعليقات