معظم المؤسسات في الدولة جرى إفراغها من إمكاناتها وصارت هياكل مصابة بهزال التدمير المبرمج.. كما يرى محمد المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 570 مشاهدات 0

محمد المقاطع

القبس

الديوانية- متفائل.. رغم الصفقات

محمد المقاطع

 

يخطئ من يظن أن بلدي الكويت بخير وبوضع مبشر وطيب، ومضلل من يقول ذلك في ظل تراكمات عديدة أدت إلى تفاقم مشكلات البلد بلا رؤية واضحة وبلا حلول مرسومة وجادة، على الرغم من الكلام الإنشائي والاستهلاكي الذي يسطره الوزراء والمسؤولون في اجتماعاتهم وخطبهم وبياناتهم وخططهم المركونة على الرفوف.

وشئنا أم أبينا أن نرى الحقائق التي تؤكد تدهور أحوال البلد أو أخفيناها، فإن الحال لا تسر ومتجهة نحو الأسوأ.

• فنظامنا الدستوري بحال تآكل بعد أن تم تقليمه وحرفه عن مقاصده وطبيعته، فصار مجلس الأمة غالباً أداة بيد السلطة التنفيذية، ويكاد يفقد جوهر وجوده بتشريعات هزيلة ورقابة مفقودة وتكسب بعض النواب وبمجاهرة فجة لمعظم الزعامات والجماعات السياسية.

• بعض أفراد أسرة الحكم ما زالوا بعيدين عن الدور المنوط بهم في استقرار الدولة وأن يكونوا مرجعية محايدة، فقد دخل بعضهم أطرافاً مؤثرة في الصراع السياسي وفي المعترك البرلماني، وأحياناً بالتدخل المباشر في الانتخابات وبتولي العديد من المناصب العامة (حقائب وزارية وغيرها)، مما جعلهم موضعاً للتجريح السياسي الذي حرص أهل الكويت ودستورها على النأي بهم عنه.

• ومجلس أمة صار أحد مواطن الفساد والذود عنه ببعض الزعامات الفاسدة. وبعض النواب أشغلتهم مصالح شخصية مقززة وتكسبات مالية وسياسية رخيصة، فعقدوا الصفقات وحاولوا تقييد البرلمان.

• ووضع متردٍ للحقوق والحريات، فصرنا نرى بعض مظاهر وأنماط الملاحقات السياسية وتخويف أصحاب الرأي بعد إغلاق جريدة الوطن ومواقع عديدة وملاحقة المغردين وسجنهم، فتراجعت الحريات وجرى رصد مؤشراتها المتراجعة عالمياً ونشر ذلك.

• والفساد بلغ أوجه، فمعظم المؤسسات والأجهزة الفعالة في الدولة جرى إفراغها من إمكاناتها وصارت هياكل مصابة بهزال التدمير المبرمج، فتلاشت مؤسسية الدولة وما تم بناؤه على مدى ٤ عقود.

• والبلد يعيش تراجعاً مريعاً بالاقتصاد وبالصحة وبالتعليم وبفرص العمل وبالتنمية المجتمعية والقيمية، وبالوعي والثقافة وبالفنون وبالإعلام، وبالخدمات، بل حتى بالمتانة المالية للدولة وضماناتها.

ومهما حاولنا أن نبحث عن جوانب تبعث على الطمأنينة والأمل، كان نصيبنا في ذلك حتماً الفشل الواضح، لأنه جرى نخر كل مقومات عافية البلد وتعافيه، وهو أمر محزن ومؤلم.

ولذا فالسؤال الذي يتردد كثيراً بين الناس «وين رايح البلد؟».

ولذا فإنني أودّ أن أؤكد أنه على الرغم من كل ذلك الخراب والتدمير الذي لحق بالبلد بصورة مبرمجة أو عشوائية، وعلى الرغم من ظلمة الليل الحالكة التي يعيشها والسوداوية في مسيرته، فإني أرى نوراً خافتاً بمكان بعيد ومحدود لكنه نور مشع يكفي لأن يبقى بصيصاً من الأمل والتفاؤل الذي سيعبر بِنَا وبالبلد لحال أفضل ويجعلنا نهنأ بمستقبل طيب، ومنبع ذاك الأمل ثلاثة أمور هي:

– أن الله سبحانه مبارك لصنائع المعروف والخير التي أُثرت عن أبناء البلد وأهله وهي في تزايد في أرجاء العالم.

– أن سنة التطور هي من سنن الله الجارية وبقاء الحال على ما هي عليه من المحال، وكلما اشتدت ظلمة الليل فقد قرب انبلاج النهار.

– أن الكويت بطبيعتها ولادة ولن تكون أسيرة للبعض الذي تنكر لها وخيب أملها، ففي الكويت وأهلها وشبابها بذرة القدرة على التغيير وطي صفحات التدهور وتجاوزها والانطلاق إلى الغد المشرق.

– وهو سر ومكمن التفاؤل لديَّ رغم كل الصفقات، وإن غداً لناظره قريب.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك