صالح المزيد يكتب: سياسيّ يُداهِن أم سياسيّ يُداري ؟

زاوية الكتاب

كتب صالح المزيد 889 مشاهدات 0


المداهنة هي التنازل عن الحق والخوض مع الفاسدين أو المقصرين ومشاركتهم أيضاً، والمداراة هي المسايسة مع الفاسدين أو المقصرين مع عدم مشاركتهم بل البيان لهم الحقيقة من أجل الإصلاح، فهل المعارضة البرلمانية الإصلاحية كانت في إستجوابيّ سمو رئيس مجلس الوزراء سياسيّ يُداهن أم سياسيّ يُداري؟

أقولها بدايةً إن كلامي لن يفهمه إلا من كان لهم عقل متجرد ونَفَسْ موضوعيّ!
إن المعارضة البرلمانية الإصلاحية كانت موفقة جداً بتعاملها مع إستجوابيّ رئيس الوزراء، ، فهي قد مكنت النواب المستجوبينَ من الإستجواب وصعود المنصة، ورفضت بشكل قاطع التحويل إلى التشريعية أو الدستورية أو السرية، وحذرت من شطب أي محور من محاور الإستجواب، وإن تم ذلك ستكون ردة الفعل قوية!، إلا أن الحزب السياسي الأوحد في البرلمان وهي الحكومة! مع جماعتها من النواب الحكوميين إستطاعت ترجيح السرية على العلنية بفارق ضئيل جداً بالتصويت، وهذا قرار واجب إحترامهُ وفق اللائحة الداخلية والأعراف البرلمانية السليمة.

ولم تكتفي المعارضة الإصلاحية بذلك فقط، بل تحدثت كمُؤيدة للإستجواب أيضاً وبينت معارضتها لأداء رئيس الحكومة، فالنواب 'المعارضة' انتقدوه ووضحوا له ما يجب توضيحه وما يجب تحقيقه وإقراره لمصلحة الأُمة!

فهل بعد هذا كلهُ نقول أن هذهِ المعارضة البرلمانية 'باعت الأُمة!' وداهنت وصفقت لأداء سمو رئيس مجلس الوزراء 'وضحكوا على الشعب!!!؟'، أيعقل هذا الكلام يا سادة!!؟

إن عدم التوقيع على كتاب طلب عدم التعاون وهم قادرين أصلاً على ذلك والعدد كافي بل يزيد عن المطلوب أتى من باب المداراة لا المداهنة، وأن المصلحة الراجحة للاُمة تقتضي ذلك، حيث إستَمَعتْ الحكومة للمعارضة جيداً، وإنها ستقوم بإجراءات إصلاحية قادمة وتتراجع عن إجراءات إتخذتها سابقة ظالمة ووعدت بذلك وقالت 'سنرد التحية' على هذا التعاون وإعطاء الفرصة للحكومة، ولنفترض أن النواب وقعوا على طلب عدم التعاون ورفعوا كتاب عدم التعاون وبالتصويب على ذلك في جلسة التصويت على عدم التعاون وبلغ العدد ٢٥ نائب ورفع هذا لسمو الأمير وفق الدستور، فما الفائدة إن تم حل المجلس؟؟، أما تخشون أن الأُمة ستترك العملية الإنتخابية كرهاً من كثرة الإنتخابات المتكررة وإن الأُمة 'إزهقت!'، أما تخشون ضياع الحقوق التي بالإمكان تحقيقها في هذا المجلس وإن تأخر تحقيقها أو دفع ضرر معين؟!

إن من السهل أن تقرأ الدستور وتقول من حقي أن إستجوب ومن حقي رفع كتاب عدم التعاون وووالخ، والصعب وهو الواجب على السياسي أن يعرف متى يستخدم هذا الحق ومتى يتقدم أو يتأخر لتحقيق المصلحة الراجحة على المرجوحة، إن من السهل البحث عن البطولات الشخصية والقومية، والصعب وهو الواجب على السياسي 'الحاذق والمتمكن' أن يبحث عن مصالح الناس ويَدفن نفسهُ بالتراب حتى تخرج ثمرة الأُمة وتنبت فيُغَلّب الأُمة ومصلحتها على نفسهِ وطموحها الشخصي!

إن الدستور قد منح السلطة التنفيذية قوة لم يمنحها لنواب الأُمة، فتخيلوا معي الآن!!
لو أن النواب جميعهم ٤٩ نائب رفعوا كتاب عدم التعاون لسمو للأمير، من حق سمو الأمير وفق الدستور أن يحلْ المجلس وأن ترجع الحكومة كما كانت !!
هذا هو دستورنا يا سادة !، ليعرف كلاً حجمهُ ونطاقهُ وفق الدستور، وابتعدوا عن المسرحيات والبطولات القومية التي أهلكت الأُمة، ولتكن أداة إستجواب رئيس مجلس الوزراء في محلها وفق الدستور، ولا تستخدم هذهِ الأداة إلا بعد المداراة والمسايسة والصبر الطويل ومنح الفرصة الكبيرة لسمو رئيس مجلس الوزراء، أو بعد كارثة كبرى لا سمح الله تهلك الأُمة بأسرها إذا لم يتم إستجواب رئيس الحكومة!

وأيضاً لترتقي الثقافة السياسية والدستورية عندكم، فإنه ليس من الضروري أو الواجب بعد كل إستجواب أن يتم طرح الثقة بالوزير أو عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، فالإستجواب وصعود المنصة والعرض يكفي أحياناً كثيرة لتصحيح المسار لأنه تجريح سياسيّ، وإذا كان تقييمكم لنجاح أي إستجواب بلزوم الدفع لطرح الثقة أو عدم التعاون فأنتم أصحاب جهل كبير!!

ومن يقول على النواب الإصلاحيين الإعتذار للاُمة لأنهم خذلوها، أو ليعتذروا لسمو رئيس مجلس الوزراء لأنهم أساؤوا له طوال السنوات السابقة والآن دعموه، أو أن هذا المجلس مجلس المعازيب!!

أقولها لهم .. ما يهذري المهذريّ إلا من حَرْ السخونة !!

بقلم/ صالح المزيد

الآن - صالح المزيد

تعليقات

اكتب تعليقك