نفوق الذمم وليس الأسماك.. يكتب وليد الغانم
زاوية الكتابكتب مايو 2, 2017, 12:06 ص 573 مشاهدات 0
القبس
نفوق الذمم وليس الأسماك
وليد الغانم
كارثة بحرية محزنة صنعتها أيدي البشر ونحن نشاهد آلاف الأسماك تلقي بأجسادها على شواطئ الكويت يومياً، كاشفة لنا عن حجم السوء الذي تعانيه البيئة البحرية الكويتية وشاهدة على تخلي الجهات المعنية عن دورها الحقيقي وواجبها الوطني.
المثير للاستهجان في هذه الكارثة البحرية تقاذف الجهات الحكومية مسؤولية هذا النفوق، فهيئة الزراعة والثروة السمكية تقول لا شأن لي في هذا النفوق واسألوا عنه الهيئة العامة للبيئة وقوانينها، والهيئة العامة للبيئة تقول لا شأن لي في هذا النفوق واسألوا عنه وزارة الأشغال وصرفها الصحي، ووزارة الأشغال تقول لا شأن لي في هذا النفوق واسألوا عنه وزارة الكهرباء ومحطاتها.. وهكذا أصبح هاجس معظم مسؤولي الدولة التهرب من المسؤولية لا مواجهة الكارثة، وأصبح همهم اتهام الأطراف الأخرى لا إنقاذ ثروة الوطن، وأصبح نشاطهم الدؤوب في حماية مناصبهم لا رعاية خيرات الكويت، ونحن نعلم علم اليقين لو أن كل مسؤول في تلك المؤسسات قام بواجبه على الشكل الصحيح ونفذ مهماته التي أوكلت إليه وحلل راتبه الذي يتقاضاه من الدولة لقاء وظيفته لما وصلت الأمور إلى هذه المرحلة المأساوية، بدءاً من كارثة النفوق ووصولاً إلى عملية الهروب الحكومي الجماعي من مواجهة هذا الحدث إلا من القلة القليلة الصادقة.
إن النفوق الحقيقي الذي تعانيه الكويت ليس في الأسماك والحيتان وإنما في الذمم والأمانات، وإن الفساد الذي تعانيه الكويت ليس في البحر والمياه وإنما في المؤسسات والوزارات وإن حل كارثة النفوق إذا لم يوجه مباشرة لمحاسبة المقصرين من الجهات المعنية ممن تثبت مسؤوليتهم عنها في الزراعة والبيئة والأشغال والكهرباء وغيرها من الجهات الحكومية كالبلدية وهيئة الصناعة مثلاً، فإن هذا يعني استمرار ومعاودة ظواهر تلوث البيئة البحرية والبرية مرات عديدة..
قوانين بيئية لا تُطبق، وقرارات لا تُنفذ، ومخالفات جسيمة يتم إسقاطها والتستر عليها، ومسؤولون يعينون بالواسطة، والابتزاز وميزانيات هائلة تُصرف بلا مردود، وموظفون لا يُحاسبون وحكومة غائبة وبرلمان مشغول بخلافات بعض أعضائه.. فمن يواجه أحداث البلد ومن يسهر على مصالح الوطن والناس؟
نطالب المعنيين في الدولة بسرعة مواجهة هذه الكارثة ومعالجتها بفعالية تضمن عدم تكرارها وحماية ثروة الكويت وبيئتها البحرية.. والله الموفق.
تعليقات