الصومال: آلاف الأطفال تركوا مقاعد الدراسة بسبب الجفاف

عربي و دولي

810 مشاهدات 0


يعيش آلاف النازحين الصوماليين في مخيمات بدائية مصنوعة من الأغصان وبعض قطع البلاستيك.

ومع ويلات الجفاف، الذي ضرب معظم الأقاليم الصومالية، يعاني هؤلاء النازحون أوضاعا معيشية متردية للغاية، حتى بات الكثير من أطفال النازحين في المخيمات بضواحي العاصمة مقديشو خارج أسوار المدارس، التي أغلقت أبوابها جراء الجفاف.

الحصول على 'لقمة عيش' أولى من التعليم بالنسبة لهؤلاء النازحين، حيث اضطر آلاف الأطفال النازحين إلى العمل للمساعدة في إعالة ذويهم، الذين يعانون ظروفا غاية في الصعوبة؛ بسبب الجفاف والقحط اللذان أجبروهما على النزوح.

** لا غذاء ولا مأوى
سعدية إبراهيم، وهي أم لـخمسة أطفال، قالت للأناضول، إن 'الظروف المعيشية أجبرت أبنائي على ترك الدراسة، بعد أن فررنا من منزلنا، الذي كانوا يجدون فيه قسطا من التعليم في المدارس'.

وأضافت سعدية: 'لا غذاء ولا مأوى هنا في مخيم عسوب (بالعاصمة)، ناهيك عن التعليم، فأنا وأولادي نكافح للبقاء على قيد الحياة.. الوضع لا يسمح لأبنائي بالجلوس على مقاعد الدراسة'.

التعليم في هذا الوضع المتأزم هو مطلب للأثرياء، وفق نازحين لا تساعدهم الظروف على بناء مستقبل أطفالهم عير إرسالهم إلى مقاعد الدراسة، ولو بصفة مؤقتة.

** لا مدارس
هيفاء يوسف طفلة تبلغ من العمر ثمانية أعوام قالت للأناضول، وهي تنفض غبارا عن كتبها الدراسية: 'كنت في الصف الثاني من المرحلة الإبتدائية عندما حل الجفاف بقريتي، فلم نستطع البقاء فيها، وأغلقت المدارس أبوابها، فرحلنا من القرية'.

الطفلة الصومالية تابعت بقولها: 'هربنا من ويلات الجفاف، وتركنا مقاعد الدرسة خلفنا، ولجأنا إلى هذا المخيم، حيث لا تتوافر فيه مدارس، وندعو الجهات المعنية إلى توفير فرصة التعليم لنا'.

ووفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، في تقرير لها مؤخرا، فإن آلاف الطلاب الصوماليين تركوا مقاعد الدراسة بسبب الجفاف، ولم يتوفر للكثيرين منهم في مناطق سكناهم الجديدة فرص تعليمية جديدة.

** قليل من التعليم
داخل بعض المخيمات في ضواحي مقديشو توجد مدارس قليلة مجانية، مبنية بأغصان الشجر، تمولها هيئات أجنبية، ويقصدها أطفال نازحون، لكن حتى مثل هذه المدارس ليست متوفر لجميع الأطفال النازحين.

كل صباح يقصد فارح محمود (12 عاما)، وهو أحد الأطفال النازحين، إحدى المدارس المؤقتة المصنوعة من المشمعات (البلاستيك).

وهو يعكف لحل تمارين في الرياضيات، قال الطفل الصومالي للأناضول: 'بدأت أواصل التعليم بعد انقطاع دام خمسة أشهر.. لدي أمل في تحقيق أحلامي التي أكافح من أجلها'.

ورغم الوضع المعيشي المتردي، لم يفقد فارح الأمل، حيث خصص وقتا للتعليم، بينما يعمل في الوقت الآخر للمساهمة في إعالة ذويه من خلال مسح الأحذية وتنظيف السيارات.


** مزيد من الضحايا
محمد سعيد، وهو ناشط تعليمي صومالي، قال للأناضول إن 'أزمة الجفاف، التي شملت معظم الأقاليم، أدت إلى زيادة عدد الأطفال الصوماليين الذين لا يحصلون على حقهم في التعليم؛ لأسباب ربما أبرزها عدم قدرة أسرهم على تحمل التكاليف المدرسية'.

وحذر سعيد من 'احتمال تزايد هذا العدد في ظل تأزم الوضع الإنساني، ما لم تتدخل وزارة التعليم لحل هذه المشكلة، وتمكين الأطفال النازحين من التعليم'، مشيرا إلى عدم توافر إحصاءات دقيقة بشان اعداد الأطفال النازحين الذين لا يجدون فرصة للتعليم.

ويفتقر المتوفر من مدارس للنازحين إلى أبسط مقومات التعليم، فالفصول ضيقة تستوعب عددا قليلا، فضلا عن محدودية المواد التي يدرسها الطلاب، وهي: اللغتان الصومالية والإنجليزي وأساسيات اللغة العربية والعلوم والرياضيات، إضافة إلى عدم وجود مناهج دراسية مناسبة للطلاب.

** حروب وجفاف
'بلي نور'، وهو أستاذ في إحدى مدارس المخيمات، قال إن 'الحاجة إلى التعليم في هذه المخيمات تفوق طاقة المدارس، فمعظم الأطفال لا يجدون فرصة للتعليم، ويباشرون أعمالا أخرى لتعويض وقت الفراغ'.

وأوضح نور، في حديث مع الأناضول، أن 'مراحل التعليم بالنسبة للطلاب النازحين مختلفة، فبعضهم أكملوا المرحلة الإعدادية وآخرون في المرحلة الثانوية، ما يوحى بأن حاجة هؤلاء الأطفال إلى التعليم لا تزال ملحة'.

وبحسب أرقام غير رسمية، فإن نحو 80% من أطفال النازحين جراء الجفاف في الأقاليم الصومالية لا يتلقون تعليما؛ جراء عدم توفر مدارس في المخيمات المقيمين فيها، بينما ليس في مقدور أسرهم تحمل نفقات تعليمهم في المدارس الخاصة.

وتسجل الصومال ظاهرة مقلقة من الأمية (الجهل بالقراءة والكتابة)، حيث تقدر نسبتها بنحو 37% (من أصل 10.8 مليون نسمة)، وفق منظمة الأمم المتحدة، وذلك لأسباب، منها الحروب الأهلية وموجات الجفاف المتكررة منذ نحو عقدين.

ويواجه الصومال أزمة إنسانية صعبة للغاية نتيجة الجفاف والقحط، بسبب تأخر الأمطار الموسمية، إذ تفيد تقارير أممية بأن نحو ستة مليون صومالي بحاجة إلى مساعدات إنسانية بشكل فوري.

 

الآن - وكالات

تعليقات

اكتب تعليقك