ستة أسابيع حدسية!

محليات وبرلمان

قراءة أولية في قرار (حدس) استجواب ناصر المحمد

1680 مشاهدات 0

رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح

السؤال الأول الذي كان على شفاه الكثيرين، ممن علموا بقرار الأمانة العامة للحركة الدستورية الإسلامية (حدس) استجواب رئيس مجلس الوزراء على خلفية رفض الحكومة لمقترح الحركة تشكيل لجنة تحقيق في أسباب إلغاء مشروع الشراكة مع شركة داو كيميكال الأمريكية ودعم الحكومة لمقترح آخر لا ترى الحركة فيه ما يحقق الحد الأدنى من مطالبها، هو عن الفترة التي حددتها حدس كحد أقصى لتقديم الاستجواب وهي ستة أسابيع تبدأ من اليوم الذي أتخذ فيه قرار الأمانة العامة.

مثل هذه المدة الطويلة ألقت بظلال من الشك حول جدية الحركة في المضي قدماً في استجوابها لرئيس الحكومة، وفتح المجال للتكهنات بأن إعلان الحركة عن قرارها هذا أنما يصب في ما يمكن اعتباره مناورة سياسية جديدة تقوم بها الحركة التي خسرت الكثير من شعبيتها بسبب تحالفها السابق مع الحكومة، خصوصاً إذا ما أخذ في الاعتبار أن القضية المركزية التي يتوقع أن تطرحها الحركة في استجوابها المزمع وهي قضية مشروع (كي داو) التي تمتلك الحركة كل تفاصيلها الدقيقة بحكم أن وزير النفط السابق الذي أشرف عليها ودافع عنها هو ممثل حدس في الحكومة السابقة، وإذا ما قورنت هذه المدة بالمدد التي حددها نواب سابقون لاستجوابات مشابهه، مثل النائب أحمد المليفي (أسبوعين) أو النواب د. وليد الطبطبائي وعبدالله البرغش ومحمد هايف المطيري (يومين)، فإن الشك في جدية الحركة في تحركها النيابي هذا تزداد قوته.

الأمر الآخر الذي يستحق لفت الانتباه إليه في هذا الخصوص، هو احتمالية تقديم نواب آخرون استجوابات لرئيس الحكومة خلال هذه الفترة مما سيفرض واقعاً سياسياً جديداً قد يكون مخرجاً محتملاً للحركة قبل انتهاء مهلة الستة أسابيع المقررة، خصوصاً وأن مهلة الثلاثة أشهر التي منحها النائب أحمد المليفي للحكومة من أجل اتخاذ إجراءات جدية في مواضيع مصروفات ديوان سمو رئيس الوزراء وقضايا التجنيس سوف تنتهي في 10 فبراير القادم، وفي ظل عدم وجود ما يدل على اتخاذ إجراءات في هذه القضايا من قبل رئيس الحكومة، يتوقع أن يتقدم النائب أحمد المليفي، تحت ضغط الوفاء بوعوده الانتخابية، باستجوابه خلال الفترة القادمة، كما يتردد أن النائب فيصل المسلم يحضر كذلك لاستجواب يوجهه إلى رئيس الحكومة على خلفيه تصريح المسلم الأخير حول الإعلام الفاسد واتهامه رئيس الحكومة برعاية الحملات الإعلامية التي تقوم بها بعض القنوات الفضائية والصحف الموجهة ضد بعض نواب المعارضة في مجلس الأمة.


من الموالاة إلى المعارضة

يعزو بعض المراقبين هذا الانتقال السريع للحركة الدستورية من المقاعد الحكومية إلى مقاعد المعارضة، إلى رغبة الحركة في استعادة دورها السياسي على الساحة بعد أن خسرت هذا الدور لتكتلات برلمانية منافسة، وهذا الأمر أكدته وثائق اجتماع الأمانة العامة للحركة الذي سبق جلسة مجلس الأمة لمناقشة طلبات تشكيل لجان تحقيق في مشاريع القطاع النفطي، والتي كشفت عنها في وقت سابق.

أنظر للرابط أدناه:
http://alaan.cc/client/pagedetails.asp?nid=27281&cid=29

بالإضافة إلى وجود تيار قوي داخل المكتب السياسي يرجع سبب خسائر الحركة في الانتخابات الماضية إلى تحالفها مع الحكومة ودفاعها عن مواقفها غير الشعبية مثل إسقاط القروض أو استجواب وزير التربية نورية الصبيح.
مثل هذا التحول السريع أتى بعد فترة زمنية من عمر البرلمان، كانت فيها حدس تقود التيار المعارض لأي استجواب أو تأزيم في العلاقة بين السلطتين، لأن الاستجواب حسب مفهومهم (تأزيم) حتى أنها ذهبت إلى معارضة جميع الاستجوابات التي قدمت لرئيس الحكومة ووصفت مقدميها ب(المؤزمين)، وكان ممثلها الدكتور ناصر الصانع ضمن الوفد النيابي الذي ذهب لملاقاة سمو أمير البلاد لعرض وجهة نظر النواب المعارضين للاستجواب الذي كان سيوجهه النائب أحمد المليفي ضد رئيس الحكومة حينذاك، وعارضت الحركة تلك الاستجوابات تحت مبررات عدم ملائمة التوقيت وظروف الأزمة الاقتصادية، لتعود الحركة اليوم لتعلن نيتها تقديم استجوابا في ظل ظروف اقتصادية أكثر شدة.


الحاجة إلى محاور أخرى

حسب التسريبات الأولية من معسكر الحركة الدستورية، يتوقع أن لا تكتفي الحركة بمحور خاص بمشروع الداو فقط، وأن تضيف إلى استجوابها، إذا ما قدم، محاور أخرى تبرر مثل هذا الاستجواب في حال كانت ردة فعل القيادة السياسية هي حل المجلس حلاً دستورياً وعودة النواب مرة أخرى إلى التنافس على أصوات الناخبين، حيث لا تشكل قضية الداو مطلباً شعبياً يمكن أن تراهن عليه الحركة في الانتخابات القادمة، ولا بد من إضافة محاور أخرى تغطي الجانبين الشعبي والديني لضمان ما يمكن تسويقه لدى جمهور الناخبين في المستقبل.
ومن المحاور المتوقع إضافتها إلى الاستجواب، محور مصروفات ديوان رئيس الوزراء، وقضايا التجنيس الأخيرة، بالإضافة إلى التعامل الحكومي مع الأزمة الاقتصادية على مستويين، الأول تعاملها مع أزمة سوق الأوراق المالية، والثاني تعاملها مع قضية شراء مديونيات المواطنين، الأمر الذي سيعطي استجواب الحركة بعداً شعبياً سيكون مفقوداً لو أكتفت بمحور إلغاء مشروع الداو.
ويتوقع أن تضيف الحركة محوراً يتعلق بقضية دينية أو شرعية، تهدف منه إلى أمرين، أولهما إعادة بناء جسور التواصل والثقة مع القواعد الدينية والمحافظة في المجتمع، وثانيهما هو إحراج المنافس الأكبر لها في هذه الساحة وهو التجمع الإسلامي السلفي، والذي يرجح أن يكون مختصاً بجوانب الإعلام والقنوات الفضائية والتجاوزات فيها.

دستورية الاستجواب

من المتوقع أن يثير استجواب (حدس) المعلن، إذا ما قدم،  تساؤلات عديدة حول مدى دستورية الاستجواب المقدم حول قضايا و مشاريع وقرارات تمت خلال فترة الحكومة السابقة، مما سيعيد الحديث مرة أخرى حول دستورية مساءلة رئيس الوزراء أو وزراءه عن قراراتهم ومواقفهم في الحكومات السابقة، ويتوقع أن ينقسم الخبراء الدستورين حول دستوريته سواء كانت محاوره تشمل إلغاء مشروع الداو الذي تم في فترة الحكومة المستقيلة، أو وسعت محاوره لكي يشمل قضايا أكثر شمولية مثل سوء إدارة الأزمات أو منهجية الإدارة الحكومية.

الآن - تحليل: خاص

تعليقات

اكتب تعليقك