هل تنبح كلاب الحرب في الخليج
عربي و دوليبعد خروج بلاك ووتر من العراق
فبراير 1, 2009, منتصف الليل 3567 مشاهدات 0
عندما ترى هذه الأيام رجل مفتول العضلات، يضع نظارات طياري البحرية من نوع ريبان Ray Ban ، ويتدلى من أذنه سلك سماعة حلزوني، ويرتدي سترة سوداء فوقها جاكيت (سديري) خاكي اللون ،كثير الجيوب ، يتماشى مع بنطلونه الخاكي،وحذاؤه العسكري فاعرف أن من أمامك مسلح من قدمه حتى أسنانه ، حتى ولو كان لا يحمل إلا جهاز لاسلكي صغير . لقد تراجعت الرومانسية مع تراجع مسميات المرتزقة ، وأصبح هؤلاء هم المتعاقدون الأمنيون Contractors سواء كانوا حراس شخصيين أو كانوا كتيبة حماية لرتل إمداد للقوات ،او خبراء تدريب، أو في وظائف فنية يديرون أجهزة الرادارات والملاحة، وهم أيضا هاكرز وعباقرة في البرمجيات . لقد أصبح للمرتزقة بدل السماسرة وكلاء أعمال ، وازدهرت مشاريعهم مع عقيدة خصخصة الحروب وكان ان ظهرت تسمية جيش بوش الخفي أو بلاك ووتر Black Water التي تمتلك في العراق أكثر من مائة ألف رجل ، وهو نفس طموحنا في الخليج بتكوين جيش عدد أفراده 100 ألف رجل.
لأنهم يحبون الحرب و المغامرة ويجمعون المال الوفير فقد استوطن المرتزقة خيال الشباب في أصقاع العالم على مر العصور،وقد تكونت لهم صورة شاعرية زادت من تمجيدها وسائل الإعلام حديثا لينظم المرتزقة إلى الخارجين على القانون والمهربين والقراصنة. ومن المفارقات أن يقودنا البحث إلى أن نشاط أشهر المرتزقة في العقود الأخيرة قد بدأ أو مر على منطقة الخليج العربي.
في سبعينيات القرن الماضي كانت مجلة المرتزقة Soldier Of Fortune من ضمن المحتويات الرئيسية التي تجدها في دولاب كل عسكري في أمريكا ، حيث تعرض وظائف لذوي الخيال الجامح مثل مطلوب من يجيد الرماية للقيام بعمل بعيد عن الوطن براتب مغري ، أو قناص من ذوي القبعات الخضر مستعد للعمل في أية مكان وللقيام بكل شيء. وهكذا كانت معظم محتويات المجلة المعروفة اختصارا باسم SOF. وما يهمنا هنا هو أن من قام بإنشائها هو المقدم المتقاعد روبرت براون Lt. Col (Ret.) Robert K. Brown، وكان همه في حينها تجنيد مقاتلين سابقين لوقف عصيان ثوار ظفار اليساريين في عمان . وفي في كتابه عن المرتزقة في الخليج العربي يصف الكاتب الايرلندي فريد هاليداي Fred Halliday كيف كان المرتزقة البريطانيون يجمعون الأموال الطائلة من الحرب الدائر أثناء ثورة ظفار، ومنهم تيم سبايسر Tim Spicer الذي كان ذو تفكير خلاق قاده إلى ضرورة تلميع صورة المرتزقة من خلال جعل مهنتهم عمل شرعي من خلال شركته Sandline International التي مارس منتسبوها أعمال المرتزقة المعروفة في كل مكان، لكن الصيت السيئ لم يتوقف عن مطاردته فما كان منه ألا ان قام مرة أخرى بتغيير اسم الشركة إلى الاسم المنتشر في كافة أقطار الخليج Aegis Defense Services Ltd للخدمات الأمنية . ولا يمكن أن نطوي صفحة المرتزقة في بلادنا إلا بعد التوقف عند كبيرهم الذي علمهم السحر،وليس هناك إلا المرتزق الفرنسي الشهير بوب دينار الذي توفي في 13 أكتوبر 2007م إثر إصابته بمرض الزهايمر عن عمر يناهز 80 عاما ، ختمها بإعلان إسلامه في جزر القمر وتسميه باسم سعيد مصطفى محجوب بعد أن دبر في هذا البلد العربي 9 انقلابات ناجحة نفذها جنوده البيض من المرتزقة ، أما نصيبنا من بوب دينار فقد تم في أثناء حرب اليمن 1963-1964م حيث عمل مع المخابرات البريطانية التي كانت تدير الجيش الملكي التابع للإمام البدر والمدعوم من طرف السعودية ضد الجمهوريين بقيادة السلال المدعوم من طرف جمال عبد الناصر .
لقد تم الإعلان مؤخرا عن مطالبة جمهورية العراق بخروج شركة بلاك ووتر من هناك ، وأعلنت الحكومة الأميركية احترامها لهذا القرار ، وهنا تجدر الإشارة إلى أمرين : الأول أن شركة بلاك ووتر ليست إلا رأس الجبل الثلجي ، فهي الأكبر والأسوأ حظا من بين الشركات الأخرى بعد مقتل المدنيين العراقيين وانكشاف أمر فضائعها قبل سنوات ، رغم أن شركة تيتان العسكرية الخاصة مثلا قد قامت بعمليات استجواب وتعذيب وحشية للعديد من العراقيّين في أبو غريب. وتضم قائمة الشركات الغربية التي تعمل في مجال الأمن في العراق 34 شركة قادرة على نقل الأفراد وحمايتهم ، من خلال استخدام ناقلات جند مصفحة ،و طائرات هيلوكبتر، وأسلحة عديمة الارتداد وقناصة،و كثافة نارية قادرة على اجتياز وتدمير كل من يتعرض طريقهم . كل ذلك من خلال قنوات شرعية تحت اسم اتحاد الشركات الأمنية الخاصة في العراق التي يضم شعارها صورة طفلة عراقية محجبة وكلمة الله اكبر .
الأمر الآخر هو إننا لا نبالغ في أن الخليج العربي أو دول مجلس التعاون خصوصا قد تكون المسرح القادم للشركات الأمنية ، أو للمرتزقة الجدد . فقد كانوا هنا قبل أن يذهبون إلى العراق، ويكفي تتبع أعضاء اتحاد الشركات الأمنية الخاصة في العراق في موقعهم http://www.pscai.org/pscmembers.html لنعرف انهم كانوا ولا يزالون موجودين منذ عقود ، فشركة دينا كورب موجودة في الكويت منذ الثمانينيات Dyne corp وفينيل كورب موجودة في الحرس الوطني السعودي ، بل أكاد اجزم أن معظم الشركات الأربع والثلاثون قد دخلت العراق عن طريق الخليج العربي، ومنهم كمثال داينا كروب . كيلوج براون ورت ، آرنيس للخدمات الأمنية ، ساندلاين انترناشيونال، بلاك ووتر ،فينيل كورب، كوستر باتلز للخدمات الأمنية ،كلوبال ريسكس استراتيجز ،آرمور كروب انترناشيونال لعمليات الأمن الدفاعي والتدريب ،ستيل ماونديش ،ايجيز ديفنس سيرفيسيز ،إيرفيز ،كونترول ريكس كروب . هذه الشركات موجودة في الخليج العربي ومحمية بتشريعات استثنائية بدعوى خصوصية عملها ، وهذا في حد ذاته ثغرة أمنية يجب تداركها، خصوصا ان رجال هذه الشركات مجهزون ومدربون ،ولن يترددوا في العمل لصالح دولهم أو لمن يدفع لهم نظير خدماتهم .
إن السؤال الملح هو أين نضع الخط بين مرتزقة جامحين مثل منتسبي بلاك وواترBlackwater ومنتسبي شركة أخرى تدير مستشفى للقوات المسلحة في قطر أو شركة تدير مختبر لأجهزة المعايرة في عمان ؟
يجب أن لا ننسى ان خصخصة الحروب عجلة قد أخذت في الدوران ولا يمكن تجاهلها ، وبما أن البحث عن سبل جمع المال هو في النهاية الهدف من إقامة هذه الشركات التي لم تتردد في أن يحمل توصيفها على أنها ' شركات عسكرية خاصة' فلا مجال لاستبعاد تنوع نشاط هذه الشركات ليشمل كل الأنشطة التي مارستها قوات بلاك ووتر وقوات بوب دينار على حد السواء .
تعليقات