((الآن)) تنشر ما لا ينشر

الاقتصاد الآن

إذا لم تساعدوا شركات الاستثمار سنعود إلى صيد اللؤلؤ ورعي الغنم!

2028 مشاهدات 0


الدكتور طارق العلوي -أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت- وقد كتب مقالا نشر بالصحيفة التي يكتب فيها بالصفحة الاقتصادية لكن أجزاء من المقال لم تنشر، وقد حصلت على المقال كاملا وتنشره أدناه كما هو مضللة بالأحمر الأجزاء التي حذفت من النشر بالصحيفة:

 

ما شاء الله، الحكومة فلوسها زايدة هاليومين. بدايتها  محفظة مليارية والآن الكلام على ' صنيديق'  بخمسة مليارات دينار وليس دولار!
وكأن المشاريع التنموية والحيوية للدولة تم الانتهاء منها أو في اللمسات الأخيرة، والفائض من المال العام يوزع صدقة حسب سياسة 'دهنا في مكبة شركات الاستثمار، الصالح منها.. والمتعثر'.
ولغير الملمين بالأزمة المالية الحالية ، فالمشكلة الأساسية هي أن الشركات الاستثمارية مديونة، بعضها لديه أصول جيدة تغطي الديون لكن لم يحن موعد الاستحقاق، والبعض الآخر لديه أصول شبه معدومة أو بالغ في تقدير قيمتها الحقيقية وهي لن تفي بالديون . وهذه ما يطلق عليها الأصول ' المسمومة' أو بلغة مخففة ' المتعثرة' أو باللهجة المصرية 'غرقانة في الديون لشوشتها'.
لذلك ترفض البنوك إقراض أي شركة استثمارية إلا بعد تدقيق وتمحيص. وقد كانت آخر شركة من الشركات اللي ' حماتها بتحبها ' هي شركة أعيان التي حصلت على قرض بمبلغ محترم من ثلاثة مصارف محلية. وهذا يعني أن الشركات التي لديها أصول جيدة سوف تتمكن في النهاية من إعادة هيكلة ديونها قصيرة الأمد والوصول إلى شاطئ النجاة  بدون مساعدة الحكومة، حتى ولو بشئ من الصعوبة.
الشركات الاستثمارية شاطرة وتعرف أن الحكومة تخاف من الصوت العالي، ولهذا يستمر سيل التصريح والتهويل بالأزمة المالية واحتمال انهيار اقتصاد الكويت وتأثير ذلك على هيئة التأمينات الاجتماعية وأموال المتقاعدين، وعلى المصارف التي ستنهار مثل أحجار الدومينو ثم على الشركات التشغيلية التي لن تجد من يقرضها وأخيرا على المواطن الذي ستتبخر مدخراته!
يعني  بالمختصر المفيد إذا لم نساعد شركات الاستثمار الآن فستعود الكويت إلى عصر الغوص على اللؤلؤ ورعي الأغنام!!
صحيح أن الشركات الاستثمارية لها دور مهم في الاقتصاد لكن ' مش للدرجة دي '. بعض هذه الشركات ورقية ودورها لا يتعدى دور المواطن الذي ذكره وزير التجارة أحمد باقر. الوزير أحمد باقر سمع عن مواطن رهن بيته ليشتري أسهما في البورصة فوصف هذا الفعل بأنه 'مغامرة' ، ومن بعدها ما بغى إلا عمره فقد انهالت عليه الانتقادات والاستهزاءات وربط انجازاته بالمعكرونة والبلاليط!
لذلك لن استخدم كلمة مغامرة  بل سأستخدم كلمة 'قمار' لأنها أدق في رسم الصورة الحقيقية حول نشاط بعض هذه الشركات التي  كانت أسوأ من ذلك المواطن حين استغلت أموال صغار المستثمرين ودخلت في المشتقات والشراء بالأجل والمضاربة بالعملات وغيرها من الألعاب الخطرة التي تشبه مراهنات لاس فيغاس. مثل هذه المشتقات هي التي ورطت بنك الخليج وأدت إلى خسارته أكثر من مائتي مليون دينار، وجعلت رئيسه الجديد السيد قتيبة الغانم يجيب على الصحفية التي سألت في المؤتمر الصحفي ' يعني انتو مش حترجعوا للمشتقات خالص ؟ ' . فقال وبابتسامة عريضة: ' خاااالص ' وكررها ثلاثا حفظه الله!
لذلك وبدلا من بعثرة خمسة مليارات على بعض الشركات الورقية، حبذا لو كانت الحلول الحكومية من النوع التي تجعل الشركات الاستثمارية تعي درس الأزمة المالية وتكرر كلمة 'خاااالص'!

* أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت
[email protected]

 

د.طارق العلوي

تعليقات

اكتب تعليقك