الدرهم المغربي أمام اختبار التحرير

عربي و دولي

1398 مشاهدات 0


يخطط المغرب للانتقال من نظام صرف ثابت للدرهم المحلي إلى نظام صرف مرن، يفضي بعد عدة أعوام إلى تحرير العملة تماماً. واختار المركزي المغربي الشروع في ذلك الانتقال في النصف الثاني من العام الحالي.

ويعتمد المغرب اليوم سعر صرف ثابتا للدرهم، حيث يحدد بالرجوع إلى سلة للعملات مكونة من 60% من اليورو، و40% من الدولار الأميركي، غير أن ذلك السعر ليس ثابتاً تماماً على اعتبار أن ثمة هامشاً للانخفاض والارتفاع في حدود 3%.

ويعتبر المركزي المغربي أن هذا النظام لم يعد صالحاً في الوقت الراهن، على اعتبار أنه لن يساعد على مواجهة الأزمات، حيث يجري التنبيه إلى المشاكل التي قد يصادفها المغرب في حال لم يعد ممكنا استعمال احتياطي النقد الأجنبي لمواجهة احتياجات المستثمرين.

ودأب المسؤولون على التأكيد في الفترة الأخيرة، أن المغرب اختار الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن بمحض إرادته على اعتبار أنه يوجد احتياطي من النقد الأجنبي، يصل إلى 25 مليار دولار. ويحاول المسؤولون المغاربة تفادي عقد مقارنات مع دولة مصر.

ويشدد هؤلاء على أن أساسيات الاقتصاديات تشجع حالياً على الانتقال إلى مرونة سعر الصرف، فعجز الموازنة في حدود 3.9%، والتضخم دون 2%، واحتياطي النقد الأجنبي في حدود 25 مليار دولار.

كما يعتبرون أن هذا الوضع الاقتصادي، يسهل الانتقال إلى النظام الجديد، خاصة أن احتياطي النقد الأجنبي يتعدى الطلب حالياً، ما يجعله قادراً على تلبية مطالب المستثمرين.

ويرى المركزي المغربي، أن احتمالات ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، تدفع إلى التساؤل حول قدرة احتياطي النقد الأجنبي، في ظل نظام الصرف الثابت، على تلبية الطلب خلال الفترة المقبلة، حيث تستورد المملكة أغلب احتياجاتها من الطاقة من الخارج.

ويزكي هذا التصور كون عجز الميزان التجاري، وصل في العام الماضي، إلى 18.4 مليار دولار، خاصة أن مشتريات المغرب من الخارج، ارتفعت في العام نفسه إلى أكثر من 40 مليار دولار. هذا ما يفرض حسب المركزي المغربي الانتقال إلى مرونة سعر الصرف.

كذلك، يشدد المركزي المغربي على أن عملية تحرير العملة ستتم بشكل تدريجي وعلى مراحل، حيث ستحاط كل مرحلة بشروط وضمانات، مؤكدا أن العملية ستستغرق عدة سنوات، إذ سيستمر تدخل المركزي المغربي في سوق العملة الذي سيكون خاضعاً لقانون العرض والطلب.

هكذا، لن يعمد إلى تحرير كامل لسعر صرف الدرهم، حيث سيحدد تدريجياً، هامش لمرونته، وهو هامش سيجري توسيعه إلى حين الوصول إلى المرونة الكاملة، وسيواكب ذلك بلورة آليات التحوط التي تتيح للشركات التكيف مع تقلبات سعر الصرف.

وفي هذا السياق، يرى الاقتصادي المغربي، إدريس الفينا، أن التخلي عن نظام الصرف الثابت، يمكن أن يعرض الاقتصاد المحلي لعدة مخاطر، فبالنظر إلى الانفتاح التجاري النسبي، سيكون لتقلبات معدل الصرف آثار سيئة على التضخم، وبالتالي على القدرة الشرائية للمغاربة.

ويذهب المركزي المغربي إلى أن النظام الجديد، سيدفع المستهلكين إلى خفض استهلاكهم للمنتجات والسلع المستوردة، والتوجه نحو الصناعة المحلية، ما سيخفض فاتورة الواردات في المستقبل.

وكان المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، قد أشار في مناسبة سابقه، إلى أن السلع المستهلكة من قبل الأسر تمثل نسبة 25% من مجمل مشتريات المغرب من الخارج، ما يعني في تصوره أن المساس باستهلاك الأسر، قد يمس بالاستقرار الاجتماعي.

وأبدت بعض القطاعات تخوفها من تداعيات تحرير نظام صرف العملة. وقد تجلت المخاوف عند مصنعي الأدوية، الذين يخشون على نشاطهم بسبب ارتفاع حجم وارداتهم واحتمال انخفض قيمة الدرهم.

وتستورد شركات الأدوية جميع احتياجاتها من المواد الأولية من أجل تصنيع الأدوية، كما تشتري جميع الآلات من الخارج، ولا تتيح صادرات القطاع تغطية عجزها التجاري مع الخارج، والذي يصل إلى 500 مليون دولار.

في المقابل، يرى خبراء اقتصاديون أن نظام الصرف الحالي يخدم المستوردين، فعندما تنخفض قيمة اليورو مثلاً، تنخفض مشتريات القطاعات الإنتاجية من الخارج، ما يتيح للمصنعين خفض التكاليف.

ويشير هؤلاء إلى أن تغيير نظام الصرف، سيؤدي إلى خفض الكلفة، ودعم خلق صناعة تنافسية تساعد على توفر فرص العمل، التي يتوجب أن تتاح عبر صناعة تنافسية قادرة على التصدير.

الآن - وكالات

تعليقات

اكتب تعليقك