تداعيات الأزمة الاقتصادية على أمن الخليج العربي
عربي و دوليالنائب الإيراني حيدر بور: الإمارات كانت جزءا من السيادة الإيرانية
يناير 27, 2009, منتصف الليل 4769 مشاهدات 0
في أواخر نوفمبر من عام 1971 قامت حوامات البحرية الإمبراطورية الإيرانية SR.N6 CLASS HOVERCRAFT باحتلال الجزر الإماراتية طنب الصغرى وطنب الكبرى وابوموسى الواقعة في مدخل الخليج العربي والتابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة .و لم تنسى دولة الإمارات ذرة واحدة من تراب تلك الجزر ،بل إن المطالبة بها ظل بندا ثابتا في أدبيات اجتماعات القمم العربية والخليجية . الغريب في الأمر أن الخلاف الذي اخذ بعدا خليجيا كاملا على الضفة العربية لم يؤثر في العلاقات الإماراتية الإيرانية طوال 38 عاما الماضية، بل إن دول الخليج العربي قد اصطفت مغررا بها وراء الطاغية صدام في حربه مع إيران 1980-1988م في الوقت نفسه الذي كان فيه ميناء إيران الرئيسي هو ميناء دبي.
وفي زمن الوفرة المالية وقعت إيران والإمارات العربية المتحدة على اتفاق لإنشاء مجلس أعلى لتنمية علاقات التعاون بين البلدين. على طاولة التوقيع التي جمعته مع وزيرا خارجية إيران منوشهر متكي وأعرب وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان عن ارتياحه للمستوى الذي بلغته العلاقات بين البلدين، مؤكدا حسب نفس المصدر عزم بلاده على بذل مزيد من الجهد من أجل تنمية هذه العلاقات . لقد كان ذلك في أكتوبر 2008م ، فقبل ثلاثة أشهر فقط كان طموح البلدين أن يقوم المجلس المزمع إنشاؤه بتوسيع مجال التعاون بين إيران والإمارات العربية المتحدة سياسيا واقتصاديا وثقافيا، فماذا حدث ؟
لقد كان للاقتصاد في حينه دورا كبيرا في تجاوز الخلافات الإماراتية الإيرانية طوال الأربعة عقود الماضية، لكن العارفين بمجريات التاريخ يدركون إن الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، بل ومعظم الحروب الكبرى لم تقم إلا بعد فترات الكساد الاقتصادي الكبرى .
ما يجري بين دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ، وجمهورية إيران الإسلامية الصديقة يثير حيرة المراقبين: فهل للازمة الاقتصادية الراهنة دور في ذلك أم هي توترات إقليمية مختزنة لم تستطع البقاء تحت السطح ؟. أم أن لذلك عامل خارجي كما يريد أصدقاؤنا الإيرانيون أن يصوروا الوضع ؟
لقد كتب موقع 'تابناك' الالكتروني الإيراني القريب من صنع القرار في طهران اليوم 26 يناير 2009م إن الحكومة الإماراتية واستغلالا منها لأزمة غزة قامت بتلفيق ملف ضد إيران وتحريض مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار بتكثيف العقوبات ، وان ثمة أخبارا عن محاولات الحكومة الإماراتية لإخراج علماء الدين الشيعة الشهيرين من الإمارات. وقد امتنعت الحكومة الإماراتية حتى الآن عن تمديد ترخيص إقامة حجة الإسلام مختار حسيني عالم الدين الإيراني وحجة الاسلام كشميري ممثل اية الله السيستاني وتحاول اخراجهما من الإمارات. موقع 'تابناك' ايضا قال انه يبدو إن هذه المحاولات الإماراتية 'الصلفة' تأتي بالتزامن مع تكرار المزاعم الإماراتية 'الفارغة' بشان الجزر الإيرانية الثلاث وتزوير اسم الخليج الفارسي وذلك للنيل من نفوذ إيران في المنطقة.
وفي سياق متصل ذكر موقع 'عصر إيران' الالكتروني أن عضوا بلجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني أعلن انه في حال واصلت الشرطة الإماراتية تفتيش المسافرين الإيرانيين جسديا فان البرلمان سيدرس امكانية التخلي عن شركة 'اتصالات' الإماراتية لتشغيل الخط الثالث من الهاتف النقال في إيران. وقال برويز سروري اننا بانتظار ان تفي الحكومة الإماراتية بوعودها بإصلاح تعامل الشرطة الإماراتية غير اللائق مع المسافرين الإيرانيين في مطار دبي. واضاف سروري ان الإمارات تحولت اليوم الى احد مراكز الأزمة الاقتصادية العالمية وإذا لم تقدم الإمارات على اصلاح سلوكها السئ، فاننا سنخفض مستوى علاقاتنا الاقتصادية معها وهذا سيضر بالاقتصاد الإماراتي المتأزم أصلا. وأشار هذا النائب الى حسن نوايا وصبر إيران في علاقاتها مع الدول الجارة قائلا انه نظرا الى مجال نفوذ إيران وموقعها الاستراتيجي في المنطقة فانه سيتم إحلال طرف اخر لتشغيل الخط الثالث من الهاتف النقال في إيران باسرع ما يمكن. واكد ان لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان تمارس ضغوطا كبيرة على الحكومة لاتخاذ إجراءات مماثلة في مقابل التعامل السئ وغير اللائق للإمارات. قائلا اننا لا نرغب بممارسة سلوك مماثل مع الاشقاء من المواطنين المسلمين الإماراتيين الا ان الحكومة الإماراتية قد اغلقت جميع الطرق. واضاف انه بناء على وجهة نظر لجنة الأمن القومي فان وزارة الخارجية الإيرانية والاجهزة الاخرى ذات الصلة مكلفة باتخاذ الرد المناسب على ممارسات اي دولة تعتمد تعاملا غير ملائم مع المواطنين الإيرانيين.
ثم أخذت الأزمة السياسية منحى آخر حين حذر عضو اللجنة البرلمانية لشؤون السياسة الخارجية والأمن القومي عوض حيدر بور، دولة الإمارات العربية المتحدة، من مطالبتها بالجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، وادعى في موقف مفاجئ كما قالت 'الراي 'إن كل الأدلة والبراهين تثبت سيادة إيران على هذه الجزر، كما ان الإمارات نفسها كانت جزءا من السيادة الإيرانية»، رافضاً «ان يدعي الإماراتيون سيادتهم على ارض تابعة بالأساس لإيران، وان يقوم البعض باعلان تأييده للمزاعم الإماراتية».
وفي السياق نفسه، حذر النائب داريوش قنبري من امكانية اندلاع نزاع عسكري بين إيران والإمارات في حال تمسك الاخيرة بملكيتها للجزر الثلاث.ورأى «ان النزاع الذي حصل بين العراق وإيران (1980-1988) كان لأسباب حدودية، ما يعني امكانية حصول نزاع مشابه مع الإمارات في حال تمسكها بمواقفها». وشدد على عدم استعداد إيران لطرح قضية الجزر الثلاث امام المحاكم الدولية، قائلا: «من غير المنطقي أن تقوم إيران بوضع أراضيها تحت اختيار هذه المحاكم».
ويبقى سؤال حول من يريد ان يخرج من أزمته ؟
أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعاني من تبعات الأزمة الاقتصادية الراهنة بلا شك ، لكن الإمارات جزء من العالم الذي يعاني بأسره منها ، ولا شك أن في دولة الامارات من الرجال العقلاء ما يكفي لايجاد مخرج آخر للأزمة غير مخرج التصعيد مع إيران.
أما إيران فلقلة ارتباطها بالنظام الاقتصادي العالمي مقارنة بالإمارات وبسبب الحصارات الاقتصادية المتتالية منذ 1980م ، فلن يكون دافع التصعيد هو الأزمة الاقتصادية فقط .بل دوافع أخرى ليست بخافية على احد ، ومن ذلك خلافاتها الكثيرة مع جيرانها من الجهات الأربع حيث يحدها تركمانستان وبحر قزوين وارمينيا وأذربيجان من الشمال، وأفغانستان وباكستان من الشرق، وخليج عُمان، والخليج العربي في الجنوب، وكل من العراق وتركيا، من الغرب. ناهيك عن الطموح الإيراني في فرض الهيمنة على وسط أسيا والهيمنة على الخليج العربي . كل ذلك دون أن نصل إلى ماتعانيه من أزمات مختلفة الاطراف بسبب طموحها النووي . ومن ثم فإن الأمل يحدو من ينشد السلام والخير للطرفين أن تعزز هذه العوامل المقلقة لإيران من مفهوم السلم مع جيرانها وتعمل على تقوية معسكر التعايش لا الصدامات والأزمات.
تعليقات