ما بين الحمود.. وبوحمود

زاوية الكتاب

هيلة المكيمي تضع خارطة الطريق القادمة مابين الحكومة والمعارضة

كتب 3121 مشاهدات 0


ما بين الحمود و بوحمود

د.هيله حمد المكيمي

ما بين 31 يناير استجواب سلمان الحمود و ابريل خروج بوحمود 'مسلم البراك' قرابة الثلاثة شهور، الا انها باعتقاي سوف تشكل منعطف سياسي جديد في تاريخ السياسة الكويتية، سوف اتحدث كمراقب و ناصح سياسي بعيدا عن العاطفة او التطبيل سواء للحكومة او المعارضة، ففي المصارحة تكون الحكمة و في وقفة الحق تكون خارطة الطريق.

لا أتفق تماما مع الاصوات التي تكيل الاتهام لحكومة سمو الرئيس الشيخ جابر المبارك بأنها تخلت عن وزير الاعلام، بل كافة المؤشرات تؤكد الكم الهائل من الضغوط على الاعلاميين و النواب للتراجع عن الاستجواب او الاكتفاء بمحور الرياضة بعيدا عن الاعلام و ان تنتهي الجلسة بتوصيات بعيدا عن طرح الثقة، كما أن كافة السياسيين يؤكدون جهود الشيخ محمد العبدالله للتأكيد على التضامن الحكومي، الا ان الحكومة و جدت نفسها بأنها ليست امام مهمة انقاذ وزير فحسب، بل انقاذ ما يمكن انقاذه في مواجهة فريق نيابي محترف ادار ازمة الاستجواب بهدوء وبفاعلية كبيرة.

كافة المؤشرات تؤكد بأن استجواب سلمان الحمود الذي خرج من رحم جلسة الرياضة لم يكن مقصودا حيث الانظار كانت تتجه الى الصحة او التربية، فالنائب وليد الطبطبائي الذي دخل بحوار المنطق مع الوزير حينما سأله هل بامكانك ان ترفع الايقاف الرياضي فاجاب الوزير بلا، قال له اذن الاستقالة او الاستجواب، بتلك الكلمات حلق الطبطبائي دون سابق انذار بطائرة المعارضة فوق سماء الاستجواب فمنهم من كان يرتدي حزام الامان و هناك من لم يعلن جهوزيته بعد، الا ان الرحلة قد بدأت و على الجميع ان يأخذ موقعه فهل كان الطبطبائي مدفوعا بروح المغامرة ام هي علامات السيد!!.

تصريحات الطبطبائي ومرافعته هي التي حددت مصير هذا الاستجواب. و حينما أكد في جلسة الرياضة ان صياغة استجواب وزير الاعلام لن يأخذ منه اكثر من نصف ساعة، صدقت تلك النبوءة حيث كانت مرافعته الاقصر و التي أطاحت بالوزير، كذلك حينما صرح قبيل الاستجواب مؤكدا بأن مصير الاستجواب بيد الوزير تبين أيضا صحة ذلك ، فمداخلته التي لم تخلو من الطرافة مما حدا بالرئيس لدعوة الجمهور للضحك دون التصفيق كانت ايضا ملغمة بكثير من الاستفزاز و كان النائب يعي حجم الاستفزاز لذلك حرص على تذكير الوزير بالتحلي بالروح الرياضية، ولكن هجوم الوزير على المستجوبين بدءا بالطبطبائي أفضى الى الهجوم النيابي وبذلك حدد الوزير مصير استجوابه كما تنبأ السيد.!!

بعد غياب طويل للمسائلة السياسية بسبب سوء اداء ما سمي بمجلس المناديب، أصبح الكويتيين متعطشين لعودة المعارضة، و هذا ما يجب ان تعيه الحكومة، فمعارضة هذا المجلس تمثل رأي عام كويتي و ليست انعكاس لقواعدهم الانتخابية فحسب، بل ان شعبية هذا الاستجواب جاءت بسبب ارجاعه لاجواء استجوابات مسلم البراك الاولى. وبالرغم من اختلافنا مع بوحمود في خطابات التصعيد لاسيما خطاب 'لن نسمح لك'، الا ان بوحمود يبقى نجم الاستجوابات بلا منازع من حيث التكتيك و الحشد وصولا الى الاطاحة. فالمعارضة تمكنت بفعل التكتيك بالاطاحة بالوزير كما انها هذه المرة ابدت سلوكا سياسيا مغايرا عما شهدناه في السابق من حيث التأكيد على المرجعية لصاحب السمو و كلمات التودد للوزير المستجوب والابتعاد عن التجريح و ان التصعيد لم يأتي الا ردا على تصعيد فريق الوزير. و كان اول المتصدين لاستهزاء بعض مستشارين الوزير بالمستجوبين النائب محمد براك المطير الذي كان مايسترو الاستجواب في القاعة.

ويجب ان نذكر بأن أهم ما في هذه المسائلة هي معالجة ما بعد الاستجواب، فهل سيتمكن وزير الاعلام الحالي من خلق تلك المعالجة لاسيما في المخالفات الادارية و المالية؟ و ارجاع الحقوق لاصحابها و رد الاعتبار للشخصيات الوطنية... كل ذلك سيكون تحت المجهر!!

مابين استجواب الحمود و خروج بوحمود و لدت معارضة رشيدة شابة طالبنا بها مرارا و تكرارا، فخلافنا مع المعارضة في السابق ليس حول مبدأ المساءلة بل الاسلوب و النهج التصعيدي و الخروج خارج اطار اللعبة في منطقة اقليمية ملتهبة لا تحتمل هذا النهج. صحيح ان الحكومة خسرت وزير لكنها كسبت معارضة مواليه ، فهل ستتمكن الحكومة من الحفاظ عليها كمكتسب سياسي، وكيف ستتعامل الحكومة مع ملفات المعارضة الملحة بما فيها اعادة الجناسي و النظام الانتخابي و قانون المسيء؟ بل كيف سيكون التعامل مع بوحمود و الذي سينظم قريبا الى المشهد السياسي و هو احد اكثر الشخصيات كارزماتية سواء كان داخل او خارج البرلمان ، و ماذا عن المعارضة؟ هل ستتمكن من ان تصمد في هذا الاطار الذي خلق لها شعبية في اوساط اجتماعية جديدة بعيدا عن قواعدهم و كوادرهم التقليدية، تلك الاوساط تمثل الاغلبية الصامتة من الشعب الكويتي التي تأمل بحكومة انجاز و مجلس رقابي و تشريعي مسئول!!

بلا ادنى شك ما بين استجواب الحمود و خروج بوحمود سيناريوهات كثيرة بانتظارنا.. نأمل ان تكون الحكمة سيدة الموقف!!

كتب: د.هيلة المكيمي

تعليقات

اكتب تعليقك