عدنان فرزات يكتب .. تصرف المفتي مع لوبان

زاوية الكتاب

كتب 572 مشاهدات 0

عدنان فرزات

القبس

تصرف المفتي مع لوبان

عدنان فرزات

 

كانت فرصة عظيمة لأن نرى مارلين لوبان، مرشحة الرئاسة الفرنسية بالحجاب، فيما لو وافقت على لقاء مفتي لبنان وهي ترتديه، الفرصة حتى نرى هل ستبدو جذابة مثل أنجلينا جولي عندما تضع غطاء الرأس على شعرها، ولكن لوبان حرمتنا من هذه الفرصة.

بكل الأحوال، أنا لست معجباً بأفكار لوبان الانتخابية، ولكن لدي في موضوع حجابها أمام المفتي وجهة نظر شخصية وأخرى قياسية. الأولى: ليس من الضروري أن تتحجب لوبان في اللقاء مع المفتي الذي كان من المفترض أن يجمعهما، فهو لقاء سياسي وليس شرعياً، وفي مثل هذه اللقاءات ليس بإمكانك فرض قواعد شرعية، أو أي تقاليد حتى لو كانت اجتماعية، فمثلاً لو ذهب المفتي نفسه إلى باريس، فهل سيوافق على خلع العمامة في ما لو كانت بالنسبة إليهم مظهراً مخالفاً لتقاليدهم، سواء الدينية أو الثقافية أو الاجتماعية؟

أما وجهة النظر القياسية، فسبق للمرشحة لوبان أن التقت – حسب قولها – بشيخ الأزهر ولم ترتد الحجاب، وبالنسبة لي كرجل مسلم يتوجب علي اتباع القاعدة الفقهية في القياس، أي أن أقيس الأمر على فعل مماثل، وبإمكاني شرعاً اعتبار تصرف شيخ الأزهر فتوى يؤخذ بها كونه رجل دين من العلماء. وبالتالي فالأمر فيه اختلاف، وطالما هو كذلك، فأرى تغليب المصلحة، والمصلحة هنا سياسية لسبب جوهري، وهو أن لوبان لديها مواقف من الأعراف الإسلامية في فرنسا، ولا تريد فرض ما تسميه الأعراف الإسلامية على الثقافة الفرنسية، بل إن برنامجها الانتخابي يتضمن وقف بناء المساجد لحين التأكد من مصادر التمويل، وبالتالي لو كنت مكان المفتي لقابلتها وأعطيتها صورة مغايرة عن الصورة النمطية التي في ذهنها عن الإسلام، ولربما أقنعتها بالفرق بين الإرهاب والأعراف الإسلامية التي تخشاها لوبان، وبأن الذين فجروا كنيسة العام الفائت في فرنسا هم أنفسهم الذين يقومون بتفجير المساجد أيضاً، وبأن الذين يكفرون المسيحي هم أنفسهم الذين يكفرون المسلم الذي لا يوافقهم الرأي، وهم أنفسهم الذين جاؤوا من فرنسا إلى دول عربية لقتل المسلمين الذين لا يفرضون على لوبان ارتداء الحجاب من باب «لا إكراه في الدين». فعسى ولعل بعد هذا اللقاء أن تنظر لوبان بارتياح إلى فتاة فرنسية مسلمة ترتدي الحجاب.

قبل خمس سنوات تقريباً، أجرت الإعلامية جيزيل خوري لقاء مع رجل سلفي وسألته عن سبب عدم النظر إليها طوال اللقاء، فأجابها: «أنا لست موكلاً بأن أحجبك، ولكني مأمور شرعاً.. بغض البصر».

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك