هل ستبقى حكومتنا كعادتها نائمة عن أي إجراء استباقي لما هو متوقع من أزمات..حمد العصيدان متسائلا

زاوية الكتاب

كتب 324 مشاهدات 0

د. حمد العصيدان

الراي

من زاوية أخرى - بأيّ حالٍ عدتَ يا عيدُ؟

د. حمد العصيدان

 

في مثل هذه الأيام من كل عام، تكون الكويت قد تحولت إلى كتلة ضوء، من خلال انتشار الأضواء الكثيرة التي تزين الطرق والمباني الرسمية ومباني المرافق العامة والخاصة، وحتى البيوت، وترسم تلك الأضواء أعلام الكويت بألوانها الأربعة، حتى لتغدو الكويت في الليل كتلة من الضوء، في تقليد سنوي اعتاده أهل الكويت والمقيمون، لمناسبة الاحتفال بالأعياد الوطنية، وحتى الأشقاء في دول الخليج يزورون الكويت في مثل هذه الأيام للمشاركة في الاحتفالات.

لكن هذا العام يبدو الأمر مختلفاً، فلا الشوارع ازدانت بالأنوار والصور الوطنية، ولا المرافق العامة والمباني الحكومية تزينت كما هي العادة، فكان الشحوب سمة طاغية على البلاد التي يبدو أن تداعيات الوضع الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي، ضربتها، فكان شهر فبراير حزينا لم يعتد أن تكون أيامه بهذا الوضع الذي يعيشه هذا العام.

ولا شك أن المتابع للوضع المحلي سيدرك أن العزوف عن التزيين ونشر الأضواء والأعلام العملاقة، يدخل في نطاق سياسة «شد الحزام» الحكومية التي أقرت ضمن مجموعة من خطط تضمنتها وثيقة الإصلاح الاقتصادي وتنص على التقشف في النفقات غير الضرورية ووقف الهدر في كثير من جوانب الإنفاق الحكومة، وربما اعتبر المسؤولون أن عمليات التزيين والتي يكون الكثير منها مبالغا فيه، تدخل في نطاق الهدر، فغابت الزينة والتزيينات. ولم نشهد أي نوع من أنواع الاحتفالات الكبيرة، إذا استثنينا احتفالية افتتاح مركز جابر الأحمد الثقافي التي كانت برعاية سامية وكونها تتعلق بمرفق جديد وفريد من نوعه. وما سواه لم يشهد أي احتفالية كبيرة. فحتى احتفاليات رفع العلم في المحافظات والجهات الرسمية جرت في حدودها الدنيا.

وحتى نحن في محافظة الأحمدي المعتادون على احتفاليات وعمليات تزيين كبيرة سواء من المحافظة أو شركات النفط، لم نر من ذلك شيئا في الشوارع وحتى ميادين المحافظة التي كانت في فبراير تتحول إلى لوحة بديعة من الألوان والأضواء. وحتى مهرجان هلا فبراير الذي افتتح يوم الجمعة الماضي، أصبحت فعالياته تقليداً مملاً ومكرراً كل عام من دون أي تجديد أو تطوير، وهو ما دفع إلى العزوف عنه.

وانسحب ذلك حتى على التفاعل الشعبي الذي كان ينافس الحكومة في عمليات التزيين ورفع الاعلام والأضواء، وقد يكون المواطن أكثر الجهات المتأثرة بالوضع، فهو أول من طالته سياسة التقشف وشد الحزام والإصلاح الاقتصادي، فكان اول من دفع الثمن برفع أسعار البنزين عليه في النصف الثاني من العام الماضي، وتوقف الكثير من الامتيازات التي كان يحصل عليها في وظيفته، فلم تصرف له المكافآت الخاصة، وتقلصت المكافآت المختلفة، فكان الأولى به أن يتقشف ويوقف الهدر الخاص به. حتى صار حال المواطن وهو يعيش مناسبة الأعياد الوطنية، دون أن يرى مظاهر الاحتفالات التي اعتاد عليها، يردد القول المشهور على تبدل الحال «عيدٌ بأي حال عدت يا عيد»؟!

ولعل ما يشير إلى حالة التقشف والتوقف عن الإنفاق غير الضروري، الموازنة العامة للدولة التي اقرتها الحكومة للعام المالي الجديد والتي شهدت تسجيل عجز مالي قدره 7.9 مليار دينار، ذكرت انها ستغطيه من الاحتياطي العام للدولة، ما يعني أن مؤشر الوضع المالي انعكس للكويت، أضف إلى ذلك تقريراً صادراً عن لجنة الميزانيات البرلمانية يحذر من أن الحكومة ستعجز عن تأمين وظائف حكومية للمواطنين بعد ثلاث سنوات، مع تدفق نحو 90 ألف مواطن ومواطنة نحو التسجيل للتوظيف، وهذه كلها مظاهر تبعث على القلق، وتهدد بمستقبل غير وردي، يستدعي الدراسة والبحث لإيجاد حلول حقيقية للموارد المالية للدولة التي تقتصر على النفط، بعيدا عن الشعارات الفارغة التي لم تسمن ولم تغنِ من جوع، فهل ستبقى حكومتنا كعادتها نائمة عن أي إجراء استباقي لما هو متوقع من أزمات أم أن تصحو وتتدارك واقعها قبل فوات الأوان؟

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك