محمد أبو خليفة.. بطل “العبوات” بمخيم جنين

عربي و دولي

694 مشاهدات 0


اجتمع الرفاق مساءً يخططون معه كيف سيحتلفون بعيد ميلاده، وكيف سيصنعون له فرحةً تبدو كزفة تصنع أجواءً جديدة لهم في المخيّم، إلا أن الحقيقة كانت أكبر من تخطيطهم، فشمعة الميلاد كان عبوّة “مولوتوف”، وإطفائها كان إيقافًا لعمره، أما احتفاله فكان بارتقائه شهيدًا.

قبل أن يتم أعوامه العشرين بساعات، استشهد صباح الأحد، الشاب محمد محمود أبو خليفة 19 عاماً، إثر إصابته برصاصة متفجرة في بطنه، ما سبب له نزيفًا حادًّا، أودت إلى استشهاده، وإصابة 5 آخرين خلال مواجهات مع الاحتلال في مخيم جنين، شمال الضفة المحتلة.

فجرًا، خرج من بيته متوجهًا للتصدي لآليات الاحتلال التي اقتحمت مخيم جنين، غربي المدينة، كما عُرف عنّه مؤخرًا، أنّه أول من يخرج للتصدي للاحتلال برفقة أقرانه، كما أنه “بطل العبوات الناسفة” التي تستهدف قوات الاحتلال وآلياتهم، يعرفه المخيّم وسكّانه بأنه أول المنتفضين وأكثرهم حميّة، كما أنّه صاحب الجميع وذو شخصيّة حاضرة.

كانت المواجهات حامية الوطيس، أطلق خلالها الشبان، العبوات المحلية “الأكواع” والمولوتوف والحجارة عن قرّب صوب جنود الاحتلال المقتحمين للمخيم، بينما اعتلى جنود الاحتلال أسطح البنايات، أطلقوا الرصاص الحي والقنابل الصوتية والغاز المسيّل للدموع، بينما وجهوا رصاص قناصهم تجاه صدور الشبان المتصدين، فأصيب 5 منهم بجروح وارتقى “محمد” شهيدًا فجرًا بعد أن بقي ينزف بعد إصابته.

محمد كان يعمل ميكانيكيًا مع والده في ورشتهم بالمنطقة الصناعية بمدينة جنين، وهو من كان سندًا لوالده في السنوات الأخيرة، حيث ترك تعليمه في الصف العاشر لمساعدة والده في إعالة البيت وإخوته، والده قال “احتسب ابني شهيدًا في سبيل الوطن”.

وصفه أحد رفاقه بالقول إنه كان “شهمًا طيبًا كريمًا ودائم الابتسام للجميع، حسن الملقى والكلمة، كان يحب الشهداء ويذكرهم دومًا، ومتأثرًا بعمه الشهيد عصام أبو خليفة”

وأضاف صديقه لـ قُدس الإخبارية، أنّه كان من أوائل المنتفضين في وجه الاحتلال وأنه “لا يخاف الموت” ولا يخشى إلا الله، ودائمًا ما كان يزور قبور الشهداء ويتمنى لو أنّه يسلك ذات الطريق وأنه محبًا للانتفاضة”، متابعًا “كان صديقي الغالي دائم الابتسام وفراقه يعزّ علينا جدًا ونتذكر مواقفه وكلماته التي لا تختفي”.

أما فيما يتعلق بتوجهات الشهيد الوطنية فإنّها تبدو حاضرة في كتابته ومنشوراته على صفحته الشخصية عبر موقع فيسبوك، فأغلبها إن لم يكن جميعها تظهر مدى تعلقه بوطنه وبسير الشهداء والأسرى، والمقاومين الثائرين بوجه الاحتلال، حتى كان آخر ما نشره قبيل استشهاده “فلتنزف بلادنا بصمت، فصراخ الشرفاء، لا يسمعه الساقطون”.

كما يلاحظ من منشوراته ميوله إلى الدفاع عن الوطن منتفضًا في وجه الاحتلال، وأن البقاء للأقوى الذي يشهر سلاحه، فكان غالبًا ما ينشر صورًا للفدائيين والملثمين والرصاص، وهو ما يتحدث حوله أهالي المخيم عن علاقته بالعبوات محلية الصنع كسلاحٍ في وجه محتله كلما حاول اقتحام المخيم.

هو أوسط إخوته، فلديه أخ يكبره بعامين اسمه مجاهد، وآخر هو أصغر منه، كان القطعة الواصلة بين شقيقي الروح، بكتّه أمّه وشقيقاته، حين زفّته ومدحه والده فخرًا به وببطولته، بينما بكاه رفاقه وأهل المخيم جميعهم الذين اعتبروه عينهم الساهرة، خرجوا في مسيرة غاضبة مرددين هتافات منددة بالاحتلال.

الحداد العام في جنين، لأجل الثائر الفتيّ الذي كان متضامنًا مع كل ما يختص بمخيمه وبلده، ومقاومًا عُرف عنّه، كلمته مع الأسرى والمسرى والشهداء، حتى وإن لم يكن يدري أنّه سيكون واحدًا منهم، يسلك ذات الطريق، ويرتقي بين رصاصتين و”قنبلة”.

الآن - وكالات

تعليقات

اكتب تعليقك