إصرار حدس على تشكيل لجنة تحقيق في أسباب إلغاء صفقة الـ «داو»، يؤكد سعيها إلى تصفية حساباتها مع الحكومة وخاصة رئيسها..رأى مرضي العياش

زاوية الكتاب

كتب 347 مشاهدات 0





«حدس» ولجنة التحقيق والاستجواب المرتقب!

مرضي عبيد العياش


كتب الأستاذ أحمد الديين مقالا بجريدة «عالم اليوم» قرر فيه خلاف ما قررته في مقال سابق لي كان بعنوان «حدس والشعبي وفاق بعد فراق»، الذي تطرقت فيه إلى أن «حدس» تتجه نحو المعارضة، فيما ذكر الكاتب ان الحركة تعيش حالة مراقبة وترقب إزاء الأحداث المقبلة.. صحيح هذا الكلام، ولكن مازلت مصرّا على أن الحركة افتقدت الكثير من رصيدها الشعبي بعد قضايا عدة، منها طوارئ الكهرباء والمصفاة، وصولا بالقشة التي قصمت ظهر «حدس» وهي الـ «داو كيميكال»، ما سبب لها إحراجا كبيرا تجاه الرأي العام، وخاصة بعد تراجع الحكومة عن مشروع الـ «داو»، فـ «حدس» ترى ان الحكومة نكبتها وانقلبت عليها بعدما قدمت لها أي (حدس) الغالي والنفيس وتقربت من السلف والشعبي، لذلك امتنعت «حدس» عن المشاركة في الحكومة الأخيرة، هذا الامتناع ليس لمراقبة التطورات السياسية للمشهد المقبل بقدر ما ان تكون بحل من أي التزام يفرض عليها أجندة معينة تجاه الحكومة، ولعل الأخذ بالثأر من الحكومة هو على قمة أولويتها وإن لم تزعم بذلك صراحة.. فهي تسعى إلى تصفية حساباتها مع الحكومة، وبالذات مع رئيسها الذي يعد بحكم منصبه رئيس المجلس الأعلى للبترول، وعليه فإن «حدس» تصر على تشكيل لجنة تحقيق في أسباب إلغاء صفقة الـ «داو» وجدواه الاقتصادية والكشف عن العمولات وشبهة التربح والاعتداء على المال العام، فهي تريد لجنة تحقيق شاملة تأتي بنتيجة محددة، ولعل ما يتصدر أولوياتها هو الكشف عن أسباب التراجع عن صفقة الـ «داو» بعدما استماتت الحكومة عليه ودفعت ودافعت عنه.

هي تريد ـ أيضا ـ ان تصل إلى مساءلة رئيس الحكومة بطريقة غير مباشرة بعد إدانة لجنة التحقيق له إن كان تراجعه بسبب التهديد بالاستجواب من قبل الشعبي. ولإدراك الحكومة نية «حدس»، فهي (أي الحكومة) لا تريد اللجنة تدخل في تفصيلات سبب إلغاء صفقة الـ «داو» بشكل مباشر وعزوه لمسؤول بعينه.. حتى ان لم تتمكن «حدس» من الوصول إلى مرادها، فإنها سوف تؤيد وتدفع بأي استجواب قادم من أحد النواب أو الكتل وبالذات من النائب فيصل المسلم. هذا كله بنظري توجه للمعارضة، ولكنها تنتظر اقتناص الفرصة المناسبة. وبسبب الضبابية وعدم الوضوح لكل المشاريع الحكومية، لم أكتب يوما عن أحدها بالتأييد أو الرفض مثلما يكتب معظم الكتاب تماشيا مع الموجة السائدة أو لقربه من تيار معين.. حقيقة أني ضائع بين تلك المشاريع ومواقف الحكومة والكتل والنواب إزاءها لافتقاري إلى المعلومة المؤكدة، فإذا كانت الحكومة متيقنة وواثقة من إجراءاتها وجدوى هذه المشاريع للدولة، فلماذا تتراجع عن مشاريعها جزعا من أي استجواب؟!

وإذا كانت الحكومة بعد تراجعها والكتل المعارضة لتلك المشاريع (محل الخلاف) متأكدة من شبهات قانونية وتربح على حساب المال العام، فلماذا المماطلة في لجنة التحقيق على خلافات هامشية؟!

برأيي إذا لم تبحث اللجنة بالذات سبب إصرار الحكومة على المشروع والاستماتة عليه، وبقدرة قادر التراجع عنه بسبب مساءلة سياسية، فإن اللجنة لن يكون لها أي أهمية، نحن نريد إظهار الحقيقة وموقف الحكومة ولا يهم بعد ذلك الفريق الفائز والخاسر، ففي كشف الحقائق فوز لجميع المواطنين المغيبين عن الحقائق الذين لم يجنوا سوى تتبع التراشق النيابي ـ النيابي والنيابي ـ الحكومي.

يا سادة.. يا نواب.. يا حكومة.. يا تيارات.. يا كتاب، نريد كشف الحقائق ولو على حساب انتماءاتنا وتياراتنا! فالعدالة والمصداقية والأخلاق تحتم علينا ذلك مهما تكلفنا.

وفي الختام أود طرح أسئلة في غاية الأهمية: هل ستتمكن لجنة التحقيق من القيام بمهامها على أكمل وجه لاستجلاء الحق من الباطل، أم أن عملها سيكون سياسيا أكثر منه قانونيا لذر الرماد على العيون؟! وهل ستقوم اللجنة بمناقشة المحاور الاقتصادية للصفقات وجدواها أم أن عملها سوف ينحصر على محاور معينة؟! هل ستناقش لجنة التحقيق أسباب إقرار صفقة الـ «داو» والدفع بها ومن ثم التراجع عنها؟!

وبشكل مباشر بعيد عن اللف والدوران هل ستتم إدانة أشخاص أو مسؤولين بعينهم إذا ثبت تورط أحدهم؟! وما موقف النواب ومصير الحكومة إذا لم تثبت أي مخالفات وشبهات بالمشروعات أو أحدها؟! والأهم من ذلك، كم الفترة التي ستستغرق اللجنة لإنجاز عملها، في ظل مناقشة أربعة مشاريع كبيرة، يهم «حدس» منها في الوقت الراهن مبدئيا نتيجة الـ «داو» لتحديد موقفها في المشهد السياسي المقبل؟! هذا كله إذا شكلت اللجنة واستمر المجلس بانعقاده، ولم يُحلّ حتى نهاية اللجنة من إنجاز تقريريها، فالعلاقات السياسية لا تعرف الثبات والجمود!


 

الرؤية

تعليقات

اكتب تعليقك