الثورة السورية ثورةٌ ممتدة الأثر الجغرافي.. برأي محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 499 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات- يا لثارات...!

محمد السداني

 

منذ ولادتي في منطقة الدسمة، وأنا أعي جيدا تنوع المجتمع الكويتي بأطيافه واختلافاته الفكرية والدينية والمذهبية. وبحكم هذه النشأة أعرف جيدا أوجه الاختلاف خصوصا بين الشيعة والسنة، ولكنها لا تعدو أن تكون معلومات لا علاقة لها بتصنيف العلاقات أو بناء الصداقات. ولكنَّني بعد الجامعة رأيت الأمر يختلف بعض الشيء خصوصا ما يتعلق بالجانب السياسي الذي صارت ترسم ملامحه تبعا لاسمك وأصلك وانتمائك، وكل هذا لا يهم لأننا والحمد لله نعيش في الكويت التي تسع الجميع.

لكن المفارقة والأمر المتعجب منه، أن تجد شريكك في الوطن وفي الدين والإنسانية يستحضر خلافات قضت منذ 1400 عام، فيُكوِّن رأيا تبعا لما يتوافق مع الثورة الحسينية، ويصنف ثورة تبعاً للرؤية الخمينية، وكأنَّ عقله غيب عن واقع أصبح يُرى للقريب وللبعيد، للأعمى والمبصر، واقعٍ تستنزف فيه الدماء بالمئات يوميا، ولا باكيَ لهم فقط لأنهم في معسكر غير المعسكر وفي جهة غير الجهة. ولو افترضنا جهلا أنَّ من سلَّمَ عقله جاهل لا يعي عواقب الأمور، فيصدمنا الواقع بأكاديمي يتشفى بقتلى حلب وطبيب يفرح بانتصارات البعث المزعومة ومحامٍ يبارك سفك الدماء بلا حياء ولا استحياء، فإن كان الأول جاهلا عندما سلَّم عقله، فما القول في النخب التي تمثل شريحة لا بأس بها من أصحاب هذا الفكر.

إن الثورة السورية ثورةٌ ممتدة الأثر الجغرافي، فقد ألقت رواسيها في كل أنحاء العالم، فكشفت عن نتن بعض الأفكار الطائفية القذرة والتي لم تكن لتظهر لولا أن وضعت على محك الإنسانية والطائفية، فتغلب طائفية البعض إنسانيته ويصبح الإنسان في مباراة للتعاطف، إذا تعاطفت مع العراق أتعاطف مع مصر، وإن تعاطفت مع صعدة أتعاطف مع حلب، وعلى هذا المنوال تتغير الإنسانية وقواعدها لتصبح شروطاً ومبارزات دينية وطائفية.

إننا نلعن في كل يوم «داعش» و«ما عش» وما سار على شاكلتهم ولا لشخصية كانت من تكون أن ترتفع عن سوط النقد، ولكن معسكرا آخر يرفض أنْ نتهم «الحشد الشعبي» الطائفي، بالإرهاب والوحشية، وأن نصرِّح أن ما يسمى «حزب الله» في لبنان ارتكب أبشع المجازر في سورية، وذلك فقط لأنَّ هذه الجماعات تدار من قبل رجال دين، هم فوق شبهات النقد والاعتراض.

أيحسب القاتل في سورية والعراق واليمن عندما يردد: يا لثارات الحسين، أنَّه شريك للحسين في ثورته؟ وهل يظن أن بهذا الترديد سيعفى من المحاسبة يوم القيامة؟ أعتقد أن الإجابة لا تحتاج إلى شيء إلا العقل الذي سلمه الكثير من هذه الميليشيات إلى أناس آخرين يعيشون حياة لم يعشها الحسين ويبيعون ويشترون بقضيته حتى قيام الساعة، فمن يقاتل باسم الحسين اليوم لا محالة أنَّه في خندق شِمر بن ذي الجوشن!

 فالحسين لا يمكن أن يثور إلا على الظلم ولا يمكن أن يشهر سيفه إلا في الحق، ولا يمكن أن يصافح الجيوش الروسية والميليشيات الأفغانية والإيرانية التي تكالبت على الشعب السوري، فدمرت بلدا آمنا وقتلت وتقتل مئات الأشخاص ظلما وعدوانا، فكيف لثائر يعرف الحرية رمزا ومعنى ومنهجا أن يقمع ثورة شعب، قال لا في وجه النظام البعثي والعبثي المجرم.

فيا من تبحث عن ثأر الحسين صدقني لن تجده في حلب ولا في غيرها، ولو كان هناك من يستحق أن يقتل فسيكون الظالم المؤمن بظلم الشعب السوري أول المقتص منهم ثأرا للحسين.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك