تمضي السنين ... وتبقى في قلوبنا

محليات وبرلمان

جابر العثرات نذر نفسه رحمه الله لخدمه وطنه وشعبه فأحبهم وأحبوه

807 مشاهدات 0

أمير القلوب طيب الله ثراه

تمر اليوم الذكرى الثالثة على رحيل أمير القلوب المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه، نستذكر خلالها كلماته العطرة وأقواله الثمينة ومنها: 
    
'إن شرف المواطنة ليس مغنما أو كسبا بل هو تأكيد لمعنى الارتباط بالوطن وللشعور الأصيل بالولاء له والاستعداد للتفاني في خدمته إلى أبعد الحدود'.
 
'إن ما وصلت إليه الكويت من مكانة وسمعة دولية مرموقة إنما يرجع الفضل إلى تكاتف أبناء هذا البلد وتماسكهم وتعاضدهم، وعلينا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نحافظ على هذه الصفات الأصيلة لأسرتنا الكويتية الواحدة وأن نرعاها ونزيدها وثوقا على مر الأيام'.  
 
'إننا نعرف كيف نستغل ثرواتنا لصالح البشرية جمعاء وليس لصالح فئة ممتازة من البشر'. 
 
'نريد أن تكون الإنجازات تصريحا، لا أن تكون التصريحات إنجازا '. 

'إننا من الكويت نبدأ، وإلى الكويت ننتهي، وما عدا ذلك فليس من الكويت، وليست الكويت منه'.

'لقد كانت الكويت حصن الذين بقوا داخلها، لا يبالون بالأخطار المحدقة بهم، ولاء لهذه الأرض، وعشقا لترابها، وإيمانا بعدالة قضيتها، وكانت الكويت أمل الذين كانوا خارجها؛ فواصلوا سعيهم لجمع القوى حول حقها، ولولا هذان الجناحان لكان الحال غير الحال'.

'إن الشعور بالذات والامتلاء بعز الانتماء وفخر الانتساب مصدره الأكبر والأوحد، هو الوطن، هو الكويت'.

'ندعوا الله سبحانه وتعالى: أن يحفظ الكويت، ويحميها. ويباركها ويعليها، ويؤيدها ويبقيها'.

'إن الكويت أصل، وأنظمتها فروع، فاحرصوا على الأصل تسلم لكم الفروع'.

'إن آية حب الكويت أن نحافظ على وحدتها، وأن نعمل على تقدمها'.

'في طوافي حول البيت العتيق، والسعي بين الصفا والمروة، وفي صلاتي داخل الكعبة، وفي ركوعي وسجودي، كانت الكويت دعوة يخفق بها قلبي وينطق بها لساني؛ دعوة الله أن يعصمنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، دعوة الله أن يحفظ على أبناء الكويت نعمة الوحدة فلا يمزقها الاختلاف، ونعمة الحب فلا تدمره الخصومات، ونعمة التقدم فلا تعوقه الأهواء'.

'إن بناء الكويت ورفعتها، والذود عنها وحمايتها، هو في المقام الأول مسؤولية شعبها وجهد أبنائها'.

'إن حب الكويت يسبق حب النفس والمال والولد في قلب كل كويتي نبتت بذرته، وامتدت جذوره وفروعه في أرضها الطيبة'.


 
عبارات كثيرة لا زالت تصدح بذاكرة العديد من المواطنين، رغم مرور ثلاث سنوات على رحيل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه، إلا أنها حملت الكثير من المعاني والقيم التي تحث الشعب على العمل بها، وتركز على أهم ما يجب الانتباه له، وجعل الكويت نصب أعيننا دوما وجل اهتمامنا.
أمير القلوب رحمه الله، ولد في عام 1928 م ، ودرس بأول مدرسة نظامية في الكويت وهي (المباركية) وبعد تخرجه تابع تعليمه على أيدي أساتذة في علوم مختلفة كالتربية الإسلامية واللغة العربية والرياضيات، واستطاع من خلالهم الوصول لمرحلة متقدمة من العلم والمعرفة.

 


نال رحمه الله مناصب مختلفة في حياته، فقد عينه والده المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه نائبا عنه في مدينة الأحمدي ورئيسا للأمن العام وممثلا للحكومة أمام شركات النفط الأجنبية العاملة في الأحمدي، وفي عهد المغفور له الشيخ عبدا لله السالم طيب الله ثراه أسندت إليه رئاسة دائرة المالية وأملاك الدولة، كما توافرت به الصفات الكثيرة التي أهلته كي يتم  تكليفه من قبل المغفور له الشيخ عبد الله السالم طيب الله ثراه لوزارة المالية والاقتصاد في أول وزارة يتم تشكيلها في الكويت.

 


وفي التشكيل الوزاري الثاني بتاريخ 28 يناير 1963 م  أسندت إليه وزارة المالية والصناعة، وفي التشكيل الوزاري الثالث وكذلك الرابع استلم حقيبة وزارة المالية والصناعة والتجارة، أما في تاريخ 4 ديسمبر عام 1965 أصبح رحمه الله رئيسا للوزراء في الوزارة الخامسة وكذلك السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة.

 


وفي تاريخ 31 مايو 1966 فقد عين وليا للعهد، وفي عام 31 ديسمبر 1977 م أصبح أميرا للبلاد بعد وفاة المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح طيب الله وثراه، وقد وصل للحكم بعد أن أمضى جزءا كبيرا من حياته في العديد من مجالات العمل الوطني مما جعلته يمتلك الخبرة والدراية، وكان حريصا على تطوير الأنظمة السائدة وجعلها مناسبة مع الأوضاع والمتغيرات التي تحدث بالبلاد.


وفي بداية عهده أسس مجلس الخدمة المدنية عام 1978 م  للإشراف على الكادر الوظيفي للدولة، وأيضا تم أنشاء معهد الكويت للبحث العلمي والمعرفة، من أجل تقوية دعائم البحث العلمي وتطويره، كما تمت إقامة الكثير من الصروح العلمية كالمتحف العلمي والنادي العلمي ومرصد العجيري، وقد زادت المراكز التعليمية كالمدارس ووضعت لها ميزانية لتطويرها وتم فتح كليات جديدة لاتقتصر على الجامعة فتم افتتاح المعهد التطبيقي، وأيضا تنشيط البعثات الدراسية إلى الخارج.
أيضا قد أصدر بعهده قانون المساعدات العامة في عام 1978م، والذي عدل في عام 1978 م الذي حدد كيفية استحقاق وتقدير ربط المساعدات العامة لمن بلغ سن الشيخوخة بشكل عام، ولم تقف عند هذا الحد بل أيضا شملت المعاقين ذهنيا أوبدنيا، وقد حرص رحمه الله على متابعتهم بنفسه وتقديم أي عون هم بحاجة له، كما كان يولي اهتماما خاصا للرعيل الأول، وكان يتواصل معهم بزيارة دواوينهم، يجالسهم ويتحدث معهم بشتى المواضيع، وقد بني في عهده الصرح الإقتصادي، حيث قام بافتتاح معمل الغاز 'غاز البترول المسيل' في شركة النفط، وقد تأسست بعدها مؤسسة البترول الكويتية عام 1980 م ، وفي مجال الرعاية السكنية التي وفرت المسكن الملائم للمواطنين وأعطت قروضا سكنية من بنك التسليف والادخار بشروط ميسرة، و قد صدر المرسوم الأميري في عام 1982 القاضي بتشكيل مجلس أعلى للإسكان.


كما لم يغب عن ذهنه الدور الهام الذي تقوم به المرأة وأثرها ببناء المجتمع وصلاحه، فقد لقيت كل اهتمام و دعم وتشجيع وأقبلت على التعلم وتبوأت الكثير منهم العديد من الوظائف المختلفة والمناصب، كما تلفت تشجيعا لتأسيس الجمعيات والتنظيمات الاجتماعية والإنسانية والثقافية التي تخدم العمل الوطني والنفع العام، كما لقي الطفل والشاب الكثير من صور الاهتمام بهم، من خلال افتتاح المراكز التي تهتم بهم.

كثيرة جدا  هي السمات التي تحلى بها جابر الخير التي جعلت هناك من يحسده، من خلال محاولة بعض  الأيادي السوداء أن تغتاله لكنها باءت بالفشل عندما تعرض موكبه  إلى اعتداء إجرامي، لكن بعناية الله وشجاعة أبناء الوطن قد نجى  من هذا  الهجوم، وقد تكررت المواقف الصعبة بحياته بعدوان آخر، وهو هجوم النظام الخائن على الكويت، متناسيا حقوق الجار ومظهرا الوجه الحقيقي له، لكن رحمه الله استطاع أن يتصدى لهذه المحنة، ومن منا لا يذكر خطابه الذي ألقاه في منظمة الأمم المتحدة، حيث عرض الحقائق والأدلة التي تساهم بإعادة الحق وتنفي مزاعم  النظام العراقي البائد، وقد انكشفت الكثير من الأوراق بهذا الغزو الإجرامي والكثير من الحقائق التي كانت غائبة عن الأمير الراحل والشعب الكويتي الطيب وعادت الكويت لأحضان قائد مسيرتها بفضل من الله سبحانه وتعالى وجهود أبنائها المخلصين وأصدقائها الأوفياء من الدول العربية والاسلامية والأجنبية، وعادت لشعبها العاشق لترابها، فكانت الانتصارات ما هي إلا تأكيد على عودة الحق والعدالة التي لابد أن تنصف أصحابها بعد أن سلبت حقوقهم.

 

 العدوان لم يكن غريبا من هذا الجار، فلقد مر الشيخ جابر في عام 1961 بتهديدات  من حاكم  العراق الأسبق عبد الكريم  قاسم بضم الكويت مستندا لمزاعم باطلة، وكان وقتها الأمير الراحل الشيخ جابر طيب الله ثراه وزيرا للمالية، الذي ذهب مع وفدا برئاسته إلى الرياض، ومن ثم إلى  القاهرة وإلى السودان وليبيا وتونس والمغرب ولبنان لشرح موقف الكويت من تهديدات القاسم، وقد كانت زيارة موفقة وناجحة بكل المقاييس وحققت نتائج طيبة استطاعت أن تجمع العديد من الدول لمساندة الكويت أزاء ما تمر به، و قد أرسلت المملكة المتحدة  عددا من قواتها للوقوف إلى جانب أخوانهم الكويتيين، وقد كان الوفد الذي ترأسه المغفور له الشيخ جابر الأحمد يضم مجموعة من رجال الكويت و هم 'عبدالعزيز الصقر ونصف اليوسف ويوسف إبراهيم الغانم وحمد العيسى وعبدا لله الصرعاوي وبدر النصر الله'.
لقد كان الأمير الراحل رجل المواقف والقرارات الحكيمة، فقد نذر نفسه لخدمه وطنه وشعبه فأحبهم وأحبوه، وحمل هموم الأمة وانتصر لقضاياها، ففي عهده اعتلت الكويت مكانة عالية وشامخة وجعل من الكويت بلدا ذات حضور وانتشار بين كل قارات العالم، و لم يتوان عن الوقوف إلى جانب الأخوة العرب لتعزيز الوحدة العربية، إضافة لمساندته للمسلمين  في رحاب الأرض من مشارقها إلى مغاربها.

 


لقد منح رحمه الله  كل الحب والتقدير لمن حوله،  وملك القدرة على العطاء المستمر للكويتيين، وكان قائدا تميز بالحكمة والقدرة على التصرف في المواقف الصعبة وإيجاد الحلول المناسبة لكل حدث، و لقد أحبه الشعب وكان محاطا دوما بما استمده منهم من محبة و تقدير، فزادته قوة لايهاب لومة لائم في الحق.
رحم الله الأمير جابر الخير واسكنه الله فسيح جناته، فلقد كنت أبا حنونا وقائدا حكيما أحاط شعبه بالحب والاحترام، فأنت لم ترحل من قلوب شعبك الذي أعزك ولازال يذكر مواقفك الكثيرة.

الآن - تقرير: نورا ناصر

تعليقات

اكتب تعليقك