هل يشرب نجاد من كأس الخميني؟

عربي و دولي

عقيدة هيلاري الجديدة: استراتيجية القوة الذكية 'smart power strategy'

1231 مشاهدات 0


 

 

على جسر من أشرطة الكاسيت دعاماتها 'تحدوا حظر التجول' و 'لا تهاجموا الجيش في صدره؛ ولكن هاجموه في قلبه' سار الإمام الخميني في نهاية السبعينيات من بيت صغير في ضاحية نوفل لوشانو القريبة من باريس الى طهران، ليصلها في مطلع عام 1979م مخترقا حصار 50 ألفا من عملاء السافاك  ليعانق في المطار 7 ملايين شخص انتظروا قدومه بفارغ الصبر ليعلن قيام جمهورية إيران الإسلامية .وفي شتاء عام 1991م تسلل ضباط كويتيين مع القوات الأميركية الخاصة إلى مزارع الوفرة ومن مكبرات صوت ضخمة جدا خاطبوا الجندى العراقي وهو في خنادق البرد والجوع  بلطف ' أخي الجندي العراقي البطل ' 'هل أنت جائع وخائف وبردان بينما صدام وأعوانه في ملجأ آمن ' وكان أن بلغ عدد المستسلمين من جيش صدام قبل الحرب البرية 20 ألفا من مسرح عمليات الكويت فقط . تلك هي الحرب النفسية psychological operations المعروفة بالاختصار psyops.

ومن جانب آخر يكاد يجمع معظم من راقب الانتخابات الأميركية في مرحلة تصفيات الحزب الديمقراطي على أن هيلاري كلنتونHillary Rodham Clinton قد خسرت تزكية الحزب لها قبل شهرين من تتويج أوباما .لكنه عناد النساء كما قيل في حينه ، وكلنتون سيدة صلبة لا جدال في ذلك ، وقد عرف العالم قوة معدنها منذ فضيحة زوجها  بل كلنتون Bill Clinton وهو يحتضن المتدربه مونيكا لوانسكي Monica Lewinsky في المكتب البيضاوي ، حيث تجاوزت  هيلاري عواطف النساء لتدخل في عالم الفئة المميزة وتساند زوجها في تجاوز لحظة ضعفه.

وفي يوم أمس الأول، وأمام أعضاء لجنة الشئون الخارجية في الكونغرس بشرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتونHillary Rodham Clinton بإستراتيجية جديدة اسمها ' القوة الذكية 'smart power strategy   وهي سيف ذي حدين هما الدبلوماسية والقوة العسكرية. لكن غرماء واشنطن  اعتادوا إغلاق الأبواب في وجه الدبلوماسية الأميركية كنوع من الرفض لسياسة واشنطن. فماذا سيبقى أمام السيدة كلنتون وحيز المناورة ضيق جدا لممارسة الدبلوماسية التقليدية؟ ماذا بقي من سبل أمام السيدة التي اختارها أوباما لعنادها وقدرتها على تجاوز العواطف في مسيرتها ؟ هل سيعيد عقدنا الحاضر ما جرى في التسعينات عندما كانت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين البرايت Madeleine Albright تمارس الحرب النفسية ضد الطاغية صدام من خلال وضع 'برشور ' يمثل شكل ثعبان على صدرها والتفنن في تغيير الشكل واللون لنفس الثعبان حتى صار يطارد صدام في أحلامه ؟ تلك كانت حربا نفسية ، ولن يكون أمام السيدة كلنتون إلا الاستفادة من خبرة المؤسسة العسكرية الأميركية في مجال الحرب النفسية  ضد الغرماء اللذين أغلقوا الأبواب أمام الدبلوماسية التقليدية .
 
أمام لجنة الشئون الخارجية في الكونغرس ذكرت كلنتون موضوع تحديد الأولويات، فجاءت إيران  ومشروعها النووي المقلق في المرتبة الثالثة بعد الحرب على الإرهاب و الحاجات الأمنية للكيان الصهيوني . وفي ذلك تحقيق لرغبة الرئيس الأميركي الجديد باراك اوباما حين قال إن  إدارته ستسعى الى فتح حوار مع ايران وستجرب  نهجا جديدا ،
حيث إن موقفا مشجعا للحوار يمكن ان يكون مثمرا  وان فتح حوار مع طهران من دون شروط مسبقة أمر ممكن .  وهذا مايجعل المؤسسة العسكرية الأميركية مكلفة بتحدي الإرهاب بشكل مياشر في افغانستان والعراق، وبدعم إسرائيل بالسلاح بطريقة غير مباشرة. وفي هذا تراجع للمؤسسة العسكرية عن سحب السيف من غمده وتقوم بفتح المجال  للحرب النفسية بكافة إشكالها .
لكن المؤشرات تقول إن الولايات المتحدة ستشاغل ايران في المرحلة المقبلة بنغمة إمكانية الحوار والجهود الدبلوماسية ، وفي الوقت نفسه سوف تعمل على تشغيل آلتها الإعلامية واجهزة الحرب النفسية  لديها لتهيئة الشارع الإيراني للتغيرات التي تريدها، ولأن بريطانيا ليست شريكا للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق فحسب فقد بدأ في 14 يناير 2009م  البث التليفزيوني للقناة الفضائية الجديدة التي تطلقها بي بي سي BBC باللغة الفارسية، إلى جانب راديو الب بي سي BBC الفارسي والموقع الالكتروني بالفارسية . ولم تكن طهران بغافلة عما يحدث فقد  أدان المسئولون هناك القناة الجديدة لأنها أداة للتجسس والحرب النفسية  وحذروا أفراد الشعب الإيراني من التورط  في التعامل او الاستماع لقناة  نشر الأكاذيب كما وصفوها.
نايجل تشابمان Nigel Chapman، مدير الخدمة العالمية من بي بي سي  قال وهو ينظر الى صورة الامام الخميني- كما نتصور- إن الهدف الأساسي لتليفزيون بي بي سي الفارسي سيتركز في جذب نحو سبعة ملايين ايراني . فهل تشرب حكومة محمود أحمدي نجاد من نفس الكأس الذي شرب منه الخميني؟


 

د. ظافر محمد العجمي-الكويت

تعليقات

اكتب تعليقك