فهمي هويدي يكتب .. المؤامرة الجهنمية؟!
زاوية الكتابكتب نوفمبر 7, 2016, 12:11 ص 483 مشاهدات 0
الشروق
المؤامرة الجهنمية؟!
فهمي هويدي
يوم الجمعة الماضى (4/11) نشرت صحيفتا «المصرى اليوم» و«الوطن» تقريرا مفصلا عن خطة مفترضة وضعتها قيادات الإخوان فى الخارج لتحريض المصريين ضد القرارات الاقتصادية التى أعلنت أخيرا. وبمقتضى الخطة سيقوم رجال الأعمال التابعون للجماعة بتجميع الدولارات التى تطرح فى السوق المصرية والاستحواذ على كل المبالغ التى يقوم بضخها البنك المركزى لتعطيش السوق وإرباك حركة التجارة. فى الوقت ذاته صدرت التعليمات بتكديس سيارات أعضاء التنظيم فى محطات الوقود للإيحاء بأن هناك أزمة، تنقل إلى الخارج وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، بالتوازى مع ذلك ستقوم عناصر الجماعة بسحب أكبر كمية من السكر من الموزعين فى المدن والقرى والنجوع لتعميق الأزمة وإثارة البلبلة والسخط بين الناس. ومن التكليفات التى قيل إنها صدرت لأعضاء الجماعة أيضا أن كوادرها من مختلف الأعمار ستنتشر فى المساجد ووسط تجمعات المصريين لاستثارتهم وتحريض المواطنين ضد السلطة وتحريض سائقى التاكسى والميكروباص على الإضراب عن العمل والامتناع عن التزود بالوقود بالأسعار الجديدة بعد زيادتها.
التقرير نشرته صحيفة «المصرى اليوم» منسوبا إلى مصادر مقربة من جماعة الإخوان، قيل إنها عقدت اجتماعا فى إحدى «العواصم العالمية». وحين نشر بذات المضمون والمعلومات فى صحيفة «الوطن» فإن الكلام جاء على لسان نائب فى مجلس النواب قريب من المؤسسة الأمنية وصف بأنه خبير فى شئون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولى.
يوم السبت (5/11) نشرت جريدة «الأهرام» التقرير ذاته وأبرزته على الصفحة الأولى، مشيرة إلى أنها معلومات مؤكدة حصلت عليها الصحيفة. إلا أنها ذكرت أن الاجتماع الذى وضع الخطة وأصدر التكليفات عقد فى إحدى «العواصم العربية»، وليس العالمية ولم يكن هناك من تفسير للجوء الصحف الثلاث إلى نشر التقرير بنفس المعلومات إلا أنه تعميم أمنى لم يبذل أى جهد مهنى فى عرضه وإخراجه بصورة تقنع القارئ وتجعله «يبلع» الرسالة، ولم يكن ذلك أسوأ ما فى الأمر. لأن الأسوأ أن معدى التقرير أرادوا الإيحاء لنا بأن السخط والغضب السائدين فى الشارع المصرى الآن لا يعبران عن مشاعر حقيقية لدى الناس، ولكنها جزء من مؤامرة إخوانية جهنمية اعتمدت ترتيبا جبارا لتفجير مختلف الأزمات التى تمر بها البلاد. ذلك أنهم سيوجهون وحدات جيوشهم الجرارة للانتشار فى مختلف الاتجاهات. واحدة تستحوذ على دولارات الأسواق، وثانية ستستولى على السكر، وثالثة ستسيطر على محطات الوقود ورابعة ستنتشر فى المساجد والميادين لإشاعة البلبلة وخامسة ستقوم بتحريض سائقى التاكسى والميكروباص على الإضراب عن العمل... إلخ.
لإحكام الرسالة والتأكيد على أن الحق على الطليان، أضافت «الأهرام» فى عدد السبت ذاته تقريرا أمنيا آخر ضم إلى المؤامرة الجهنمية كلا من الدكتور محمد البرادعى ووكالتى «رويترز» و«أسوشيتدبرس» للأنباء، والـ«بى بى سى» ومجلة «فورين أفيرز» لأن الجميع تحدثوا بصورة سلبية عن الوضع القائم فى مصر. ووصف التقرير كاتب مجلة فورين أفيرز ستيفن كوك بأنه «كاره لمصر»، لأنه زعم «بكل وقاحة» أن حرب النظام ضد الإخوان لا جدوى منها، لأن استمرارها يضر باستقرار المنطقة وبالمصالح الأمريكية.
ما يثير الدهشة فى كل ذلك أن مثل هذه التقارير تنطلق من إنكار الأسباب الحقيقية للسخط والغضب فى مصر، وكونها راجعة لأسباب موضوعية وداخلية بحتة. ولا أعرف كيف أقنع معدوها أنفسهم بأن الناس من السذاجة والبلاهة بحيث يمكن أن يصدقوا أن مؤامرات الخارج وراء ما يعانون منه.
أما ما يلفت النظر فى هذا الصدد فإن هذه النغمة فى الحديث برزت بعد فشل محاولة إلقاء المسئولية وتوجيه أصابع الاتهام إلى «الشعب الغلط» الذى تسبب تقاعسه وكسله وكثرة إنجابه فيما وصلنا إليه.
هذه المحاولات الساذجة التى يقوم بها الإعلام الأمنى لإلهاء الناس وتشويه وعيهم تصدمنا مرتين. مرة لانحيازها إلى فكرة إنكار الحقيقة، ومرة ثانية لأنها تكشف عن هبوط مستوى أداء معدى تلك التقارير الذين يبدو أنهم لا يعرفون الناس، فضلا عن أنهم لا يعرفون كيف يؤدون مهمتهم.
تعليقات