الحروب على الموارد

عربي و دولي

هل تعطي أمريكا للعراق ميزة التفوق النوعي Qualitative Military Edge QME

1709 مشاهدات 0


 

النفط ولا شي غير النفط هو ركيزة العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج العربي ،وبناء على التقرير الاقتصادي العربي الموحد فسوف ينضب نفط الخليج بعد 100عام ، أما بقية العالم فسوف يجف منه النفط بعد 44 عاما فقط، وعليه سينضم حتى المنتجين الحاليين في الصف الطويل أمام محطة الطاقة الخليجية .
لقد  اعتبرت عقيدة كارتر Carter Doctrine  منذ عام 1980م أن المساس بمنطقة الخليج مساسا بالأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية، وكان ذلك قبل 28 عاما ،حين كان النفط وفيرا وكنا من الترف لدرجة حرقنا عبثا طاقة المستقبل وهو الغاز الطبيعي ، سواء كان الغاز المصاحب أو الغز الغير مصاحب للنفط.
قبل 4 سنوات قال كولن باول  Colin L Powellوزير الخارجية الأميركي السابق مبشرا بسياسة نفطية أمريكية جديدة إن بلاده تسعى إلى توسعة وتنويع الإمدادات النفطية في خطة شاملة بعيدة المدى هدفها جعل الولايات المتحدة أكثر أمانا من ناحية الطاقة ولدعم النمو العالمي والديمقراطية والاستقرار . ولأن كولن باول  ابط مشاة عاش تحت صوت الرصاص 35 عاما، فقد تبنى كوزير خارجية ألرأي الداعي بأن لا تخلو السياسة النفطية الأمريكية الجديدة من التدخل العسكري . ولم يكن في ذلك تأسيس لشيئ جديد في السياسة الخارجية الاميركية، بل هو استمرار لأمر قائم فقد حمت الولايات المتحدة ناقلات النفط الكويتية من خطر الزوارق الإيرانية في حرب الناقلات ، ثم دخلت- كما يقول الكاتبان العراقيان هيثم سلمان و أحمد صدام عبد الصاحب من مركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة _إلى الكويت لطرد الجيش العراقي من حقول النفط ،ثم أخرجت صدام من السلطة وبقيت في العراق من أجل النفط.

وبناء على التقرير الاقتصادي العربي 2006م فإن نفط الكويت هو الأطول بين أعمار النفط في دول مجلس التعاون حيث أشارت إلى بقاءه 105 عاما يليه نفط الإمارات 103عاما، ثم السعودية 79 عاما ثم بقية دول الخليج ليصل متوسط العمر الافتراضي لنفط دول مجلس التعاون مجتمعة 100عام .
 أما النفط العراقي فقد قدرت الدراسة عمره الافتراضي بـ 164عاما.ولهذا جاء قرار احتلال العراق عام 2003م ،ثم جاء اتفاق انسحاب القوات الأمريكية Withdrawal of United States Forces ،و اتفاقية الإطار الاستراتيجي  Strategic Frameworkوأهم من ذلك قانون النفط والغاز الذي أقرته الحكومة العراقية 2007م وأعطت شركة النفط الوطنية العراقية  حق إدارة وتشغيل أنابيب النفط والغاز الرئيسية ومرافئ التصدير خلال فترة انتقالية أقصاها سنتان فقط ،وبعد ذلك ستدخل الأخوات السبع (جلف أويل اكسون موبيل و وشيفرون وتكساكو و شل و بي بي ) وفي الوقت نفسه يعود دك تشيني Dick Cheney بعد تفرغه من منصب أقوى نائب رئيس في التاريخ الأميركي و عودته من إجازة صيد السمك القصيرة ليدير استثماراته النفطية في العراق .

  بين تنفيذ سياسة نفطية أمريكية جديدة واعتماد الولايات المتحدة التدخل العسكري لتحقيقها، لا يبقى أمامنا إلا استشراف خطوات تنفيذ ذلك في العراق وهو البلد الذي سيضل النفط فيه الى مابعد 164 عاما . لقد تم تحقيق البند الأول وهو الاحتلال وكان مكلفا- كما يبدو-رغم إن الخبراء يقولون إن ما ستجنيه الشركات الأميركية سيعوض كل ما صرف على الحرب ، بل إن الإرباح الفاحشة ستجعل العراق هو من يدفع تكاليف الحرب في النهاية .

البند الثاني سيكون في تقصير المسافة مع بغداد. ليس بالطبع على حساب إسرائيل ولكن على حساب دول الجوار الأخرى، ومنها دول الخليج العربي والتي سينتهي نفطها قبل نفط العراق بما يزيد عن 60 عاما . والدخول إلى تلك المرحلة سيتطلب خطوات إستراتيجية ضمنية  قد يكون منها ميزة التفوق النوعي  Qualitative Military Edge QME
وهي ميزة لا يتمتع بها حاليا إلا الدولة العبرية ، وهي ميزة تفوق ميزة الحليف الاستراتيجي المميز التي ترتاح الكويت في ظلها حاليا. ولجعل الاستثمار أكثر جدوى فلن يكون هناك تردد في جعل النفط العراقي أقل كلفة بشتى الطرق ولعل أولها زيادة عدد منافذ تصديره ، سواء عن طريق البحر الأبيض المتوسط وما يترتب عليه من  ضرورة إيجاد تسوية قسرية مع الخصم السوري ،أو عن طريق البحر الأحمر عبر الأنبوب القائم منذ الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988م ، أما منفذ الخليج العربي فهو قائم عن طريق مينائي الزبير والبصرة العراقيين ، وحسنا فعلت الكويت بخططها في تطوير ميناء جزيرة بوبيان وربطه بسكة حديد إلى العراق لتتجاوز العقدة التاريخية التي تشبث بها كل طغاة العراق  لتبرير أطماعهم في الكويت .

 

 

د.ظافر محمد العجمي –الكويت

تعليقات

اكتب تعليقك